نقاتل أشباحًا.. اعترافات وفضائح جيش الاحتلال على لسان جنوده
كشف جنود الاحتياط الإسرائيليين المسرحين عن حقائق صادمة تفشح ممارسات جيش الاحتلال في غزة واستخدامهم قوة نيران هائلة في حرب وحشية ومعقدة وأحادية الجانب في كثير من الأحيان من اشتباكات متفرقة ولكن مكثفة حولت جزءًا كبيرًا من غزة إلى أنقاض وتحدثوا أيضًا عن التحدي المتمثل في القتال على أرض غير مألوفة والمعروفة لدى حماس والتي قدمت فرصًا سهلة لشن هجمات مفاجئة، على الرغم من التفوق العسكري التقليدي لإسرائيل وقوتها الجوية، إلأ أنهم اعترفوا باستهداف المدنيين في شمال غزة ووصفهم لمقاتلي حماس بأنهم مثل الأشباح، حسبما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية.
جنود الاحتلال يكشفون استهدافهم للمدنيين في غزة
وتابعت الصحيفة أن الجنود المسرحين أكدوا إنهم كانوا يخوضون قتالًا متلاحمًا كل يوم تقريبًا ويعتبرون المدنيين الذين تجاهلوا التعليمات الإسرائيلية بإخلاء منازلهم متواطئين مع حماس، وبالتالي أهدافًا مشروعة، كما أعرب الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات عن تعاطفهم مع المدنيين وادعوا أنهم حاولوا مساعدتهم.
ولم يُسمح للجنود بالتحدث إلى وسائل الإعلام، وأجرت صحيفة الجارديان مقابلات معهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات المتعلقة بالتجربة الفعلية تخضع للقتال في النزاع لرقابة مشددة من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث مُنع الصحفيون من دخول غزة، باستثناء الرحلات القصيرة التي يتم الإشراف عليها بعناية مع قوات الدفاع الإسرائيلية.
وقال أحد ضباط الصف الذي كان في غزة لمدة شهرين مع وحدة مشاة: "إن الدمار هائل، ما أذهلني حقًا هو أنه لا يوجد مكان يمكن لأي شخص أن يعود إليه، لا يوجد حتى ثلاثة جدران متصلة، يبدو وكأنه مشهد لهجوم زومبي أو شيء من هذا القبيل، إنها ليست منطقة حرب، إنها منطقة كوارث".
وقال أحد المحاربين القدامى الذين عادوا مؤخرًا:"الأمر ليس كما تراه في وسائل الإعلام، إنها ليست مثل لعبة كمبيوتر، هناك أيام وأيام لا يحدث فيها شيء ولا ترى مقاتلين لحماس مطلقًا، ثم يسير كل شيء بشكل جنوني لمدة ساعة أو نحو ذلك ثم لا شيء مرة أخرى".
قتال الأشباح وقدرات حماس على المناورة
ووصف جنود احتياط آخرون تم تسريحهم القتال المكثف والقتال القريب في معاقل حماس كمخيم الشجاعية وجباليا، ووصف جنود الاحتياط قتال عدو بالكاد رأوه لأكثر من "بضعة أجزاء من الثانية".
وتابع أحد الجنود: "إنهم لا يظهرون بأنفسهم، نرى الأهداف لمدة جزء من الثانية، انه غريب نوع ما، أنت تمشي في هذه المدينة المحطمة لكنها فارغة، لديك كل هذه القوة التدميرية – المروحيات الهجومية والدبابات والمدفعية التي يمكنك طلبها – لذلك تشعر بالقدرة المطلقة تقريبًا وفجأة تشعر بالضعف والخوف، يظهرون لجزء من الثانية ويحدثون دمار هائل ويختفون".
وأكد البعض أنهم أمضوا أيامًا طويلة وهو يحاولون العثور على شبكات الأنفاق وتدميرها، وصدموا من ما وجدوه فكان بعضها أكثر اتساعًا مما كان يعتقده الخبراء العسكريون في جيش الاحتلال، ومتطورة بطريقة سمحت لمقاتلي حماس بالظهور بشكل غير متوقع وتنفيذ هجمات كبرى.
بينما قال مجند آخر:"كان من المفترض أن أرسم خرائط الأنفاق ولكن في النهاية ركزت فقط على الأنفاق الرئيسية، وحددت مكانها ثم قصفنا أي شيء اعتقدنا أنه أنفاق أخرى لمسافة كيلومترين في كل مكان"، وقال آخر إن الأنفاق كانت "في كل مكان، في المنازل، بجوار المدارس، في الأراضي القاحلة، لقد جربنا كل الوسائل للعثور عليها، من كاميرات على الأسلاك، والاكتشاف بأنفسنا. كنا نضع قنابل دخان عليهم عند نقطة ما ثم نبحث عن المكان الذي خرج منه الدخان، وغيرها من الوسائل ولكن لم تنجح أيًا منها بشكل كبير".
لا توجد تكيكات.. استخدام النيران الهائلة ضد المدنيين في غزة
واعترف ضابط تم تسريحه من الخدمة أن جيش الاحتلال كان يستخدم قوة النيران الهائلة للحد من خسائره الكبرى في شمال غزة، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا في صفوف المدنيين.
وقال جندي من وحدة دوفديفان التابعة للقوات الخاصة إن وحدته لم تواجه مسلحي حماس إلا في 3 مناسبات خلال ستة أسابيع في شمال غزة، حيث صدرت أوامر لغالبية المدنيين بالإخلاء منها في وقت مبكر من الحرب، وعندما سئل الجندي عن التكتيكات التي تستخدمها الوحدة في مثل هذه المواقف، ضحك، قائلًا: "لا توجد تكتيكات، نأخذ بعض الأسلحة ونقوم بتفريغها بقوة كبيرة لمدة ساعة تقريبًا، لدينا كل أنواع الأسلحة والدبابات، نستخدمها بالكامل، ثم نتقدم ونعثر على الجثامين ملقاه على الأرض".
وأكد كبار الضباط استخدام قوتها النارية الضخمة لتقليل خسائر الجيش الإسرائيلي، حيث قال اللواء إليعازر توليدانو، رئيس القسم الاستراتيجي في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، للوزراء في وقت سابق من هذا الشهر: "نحن لا ندخر أي ذخيرة عند القتال ونفعل كل ما هو ضروري لحماية حياة جنودنا".
الغارات الجوية والمدفعية بعيدة المدى وراء سقوط النساء والأطفال
وأوضحت الصحيفة أن العديد من الجنود المسرحين، أكدوا أن استخدام المدفعية بعيدة المدى أو الغارات الجوية على مسافة من معظم القوات البرية تسببت في سقوط آلاف الضحايا من النساء والأطفال.
وتفيد التقارير أن تقديرات الجيش الإسرائيلي الخاصة بالضحايا المدنيين تتوافق بشكل عام الإحصاءات التي قدمتها السلطات الفلسطينية في غزة.
وقال بعض الجنود إنهم يعتبرون أي مدني فشل في إخلاء منطقته بعد التحذير من مقاتلي حماس.
اعترافات بانتهاك وتجريد المدنيين من إنسانيتهم
وقال العديد ممن أجريت معهم مقابلات إنهم صدموا من الخرائط أو الصور الموجودة في المنازل والمدارس والمكاتب، والتي أظهرت دولة فلسطينية مفترضة تمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، دون مكان لإسرائيل، وقال ضابط ثالث إنه أوضح لرجاله أنه بالمثل لا توجد خرائط كثيرة في إسرائيل تظهر المدن الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية المفترضة.
وتابع الضابط: "بعض الجنود انتهكوا إنسانية المدنيين وجردوهم منها بشكل مبالغ فيه، ولكن البعض الآخر كان يشعر بالتعاطف مع المدنيين، شعرنا جميعًا بالذهول عندما رأينا المدنيين والعائلات يخروجون من تحت الأقبية ووسط الدمار والأنقاض بعد وقف إطلاق النار، تسائلنا كيف نجوا من كل هذا الدمار والقتل".
واعترف ضابط آخر أن معظم قادة ومقاتلي حماس نجوا من هذه الحرب، بالرغم من الإدعاء بمقتل أكثر من 9 آلاف من مقاتلي الحركة التي يتراوح عدد مقاتليها من 30 ألف إلى 40 ألف.