صفقة بايدن الكبرى فى الشرق الأوسط.. هل سينقذ حل الدولتين الرئيس الأمريكى؟
في عام الانتخابات، يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى رأس المال السياسي، من خلال تقديم حوافز دبلوماسية لدول الشرق الأوسط، بما في ذلك الاعتراف بفلسطين، في الوقت الذي شكلت فيه الغارات الجوية الأمريكية ضد سوريا والعراق موجة عنف جديدة في منطقة الشرق الأوسط منذ بدء حرب غزة.
خطوات بايدن في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الأمريكية كانت مادة خصبة للصحفي البريطاني جوليان بورجر، الذي قال في صحيفة "الجارديان" إن إدارة بايدن تسعى لإظهار أن لديها مجموعة من الأدوات السياسية في الشرق الأوسط، وأكثر بكثير من الصواريخ الموجهة، ففي الوقت الذي خطط فيه البيت الأبيض لطلعات جوية في منتصف الليل ردًا على هجوم يوم الأحد الماضي على قاعدة أمريكية في الأردن، كان يرسل أيضًا إشارات بأنه لن يترك ما يحدث في الشرق الأوسط دون الاستفادة منه.
وأشار الصحفي البريطاني إلى أن جولة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، للشرق الأوسط- وهى الزيارة الخامسة للمنطقة منذ 7 أكتوبر الماضي- سيزور خلالها السعودية ومصر وقطر وإسرائيل وفلسطين.
وأضاف "بورجر" أن زيارات بلينكن السابقة إلى الشرق الأوسط لم تحقق شيئًا من أهداف إدارة بايدن، وبالتأكيد لم تحقق أى من مصالح 2.3 مليون فلسطيني في غزة، رغم ادعاء الولايات المتحدة الفضل في عدم امتداد الحرب للبنان.
صفقة كبرى
وأكدت الصحيفة البريطانية أن بلينكن يحمل معه "صفقة كبرى" للاعتراف بدولة فلسطين، وتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، بدعم سياسي واقتصادي من واشنطن.
وأشارت "الجارديان" إلى أنه مع التحركات الأمريكية لإنجاح صفقتها الدبلوماسية، فإن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، اقترح أن تعترف المملكة المتحدة ومجلس الأمن الدولي بفلسطين عاجلًا وليس آجلًا.
ويرى الصحفي البريطاني في "الجارديان" أنه من المرجح أن تكون تصريحات "كاميرون" التي أدلى بها خلال رحلته الأخيرة إلى لبنان قد تم تنسيقها مع واشنطن لإرسال رسالة مفادها أن "الخطط في المتناول"، وذلك للبحث عن حلول دائمة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، كما أن الولايات المتحدة تدرس خيارات بشأن موعد اعترافها بالدولة الفلسطينية.
وأشار "بورجر" إلى أنه وفقًا لتقارير صادرة عن موقع أكسيوس الأمريكي، فإنه من بين الخيارات المطروحة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتخلي الولايات المتحدة عن "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي الذي يعترف بفلسطين كدولة كاملة العضوية (تتمتع بوضع مراقب غير عضو منذ تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012)، وتشجيع الدول الأخرى على أن تحذو حذو واشنطن في الاعتراف.
نتنياهو في مأزق
وأكد الصحفي البريطاني أن المملكة العربية السعودية لم تتخل عن اهتمامها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل طوال الأشهر الأربعة من حرب غزة، وستعرض إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مقابل خطوة جوهرية و"لا رجعة فيها" نحو إقامة دولة فلسطينية، مشيرًا إلى أن البيت الأبيض يفكر في أن مثل هذا العرض من الرياض سيضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مأزق، ولن يقبل ائتلافه اليميني المتطرف أبدًا مثل هذه الصفقة، لكنه سيحرم من الدعم الأمريكي إذا لم يقبل للبقاء فى منصبه، وبالتالي الإفلات من السجن إذا تم الحكم عليه في قضايا الفساد التي يواجهها، وسيتعين على نتنياهو التخلي عن شركائه في الائتلاف.
ولفت "بورجر" إلى أنه وفقًا للخطة فإنه إذا سقط نتنياهوأو تم إنشاء ائتلاف حاكم جديد في إسرائيل، فإن ذلك سيخلق مساحة للتقدم الدبلوماسي نحو حل الدولتين ، وهو ما سيمكن بايدن من الاستحواذ على تعاطف العديد من "عرب أمريكا" خاصة في ولاية ميتشجان، وسيدعمه في الانتخابات الرئاسية بعد دعمه الكامل للحرب الإسرائيلية على غزة، وفي الوقت نفسه، فإن الوفاق السعودي الإسرائيلي الذي حقق إقامة دولة فلسطينية من شأنه أن يعيد تشكيل الشرق الأوسط.
إن التاريخ الطويل للصراع الإسرائيلي العربي يشير بالفعل إلى أن التقدم الحقيقي لا يأتي إلا بعد العنف الشديد. أدت هزيمة مصر في حرب يوم الغفران عام 1973 إلى اتفاقيات كامب ديفيد بعد خمس سنوات.
الانتصار السريع للولايات المتحدة في حرب الخليج أعطاها النفوذ لجلب إسرائيل وخصومها العرب إلى طاولة المفاوضات في مؤتمر مدريد في عام 1991.
انتهت انتفاضة الانتفاضة الأولى التي بدأت في عام 1987 باتفاقات أوسلو الأولية في عام 1993 وبداية العملية التي كان الهدف منها إقامة دولتين ذواتي سيادة تعيشان جنبًا إلى جنب. يخلق الصراع إلحاحًا في البحث عن بدائل، لكن الإلحاح لا يكفي عادة لتحقيق نتائج. إن مؤتمر مدريد وعملية أوسلو، بعد أن أظهرا وعدًا كبيرًا، فشلا في نهاية المطاف في مواجهة الحقائق الصعبة في المنطقة.
وأشار "بورجر"، في مقاله بصحيفة الجارديان البريطانية، إلى أن غياب الدعم الأمريكي لحل الدولتين سيذهب بالقضية لمسار آخر، وأن أى اعتراف رسمي من العواصم الغربية ومجلس الأمن بفلسطين سيكون اعترافًا رمزيًا إلى حد كبير.
واعتقد الصحفي البريطاني أن الدافع الحقيقي لبايدن في حل الدولتين هو رغبته القوية في الفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024.