قرار أمريكي ودعم غربي .. لماذا صدر قرار وقف دعم "الأونروا" في فلسطين ؟
بادرت عدة دول غربية بوقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فور تلقي “الأونروا” معلومات من سلطات الاحتلال الإسرائيلي حول مشاركة بعض موظفي المنظمة في عملية "طوفان الأقصى".
وفي الوقت الذي رفض فيه المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بتزامن الإعلان مع قرار محكمة العدل الدولية ضد ممارسات الاحتلال، رغم تأكيد مسؤولو "الأونروا" أن أي موظف ثبت تورطه سيواجه المساءلة.
وأثار هذا الأمر جدلًا واسعًا حول مصداقية الاتهامات الإسرائيلية ودوافعها، في ظل عدم الكشف عن أدلة تثبت ضلوع موظفي المنظمة، ويبقى السؤال: لماذا أوقفت الدول المانحة دعمها للمنظمة التي تساهم في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني الأعزل؟
الدول التي أوقف التمويل
لم تكتفي الولايات المتحدة الأمريكية، بأن تكون الدولة الوحيدة التي أوقفت الدعم المادي لمنظمة "الأونروا"، بل لحق بركابها عدد من الدول الأخرى منها بريطانيا وكندا وأستراليا وفنلندا واسكتلندا وألمانيا وهولندا وإيطاليا، وذلك رغم أن إنهاء عقود عدة موظفين تتهمهم السلطات الإسرائيلية بالضلوع في هجوم 7 أكتوبر.
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للمنظمة عام 2022، حيث ساهمت بأكثر من 340 مليون دولار، حسبما ذكرت المنظمة عبر موقعها الرسمي، فيتم تمويل ملاجئ الأونروا البالغ عددها 150 ملجأ والتي تأوي نحو مليون و200 ألف نازح في غزة وحدها.
و"الأونروا" منظمة تم تأسيسها في أعقاب حرب عام 1948، بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، وبدأت المنظمة عملياتها في الأول من شهر مايو عام 1950، ويتم تجديد عمل "الأونروا" بشكل متكرر، وكان آخرها 30 يونيو 2023.
حملات الكيان المحتل ضد "الأونروا" ليست الأولى
بحسب تقرير أعده "بديل" المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، حرص الكيان المحتل على استخدام نفوذه السياسي مع الدول المانحة لـ"الأونروا"، خاصة الولايات المتحدة باعتبارها أكبر ممول لها، في افتعال حملات تشويه للمنظمة، بهدف وقف التمويلات التي تحصل عليها، باعتبار أن التمويلات هي المصدر الأساسي لميزانية المنظمة، التي وصلت إلى 95.34% من ميزانيتها في عام 2019.
وتشير إحصائيات المركز إلى أنه في عام 2018، أوقفت الولايات المتحدة تمويلها للمنظمة عام 2017، والذي كان قد وصل إلى 365 مليون دولار، وحذت حذوها كل من هولندا وسويسرا تمويلها للوكالة بشكل دائم في عام 2019.
وفي العام ذاته أيضًا، هددت دولة الإمارات بالانسحاب من تمويل “الاونروا”، والتي وصلت مساهمتها في 2019، نحو 51.8 مليون دولار، ما يضعها في المرتبة الخامسة في قائمة أكبر المانحين.
وفي نوفمر 2020، أعلن المفوض العام للأونروا، خلو المنظمة من الأموال لتسديد رواتب موظفيها البالغ عددهم نحو 28 ألف موظف عن شهري نوفمبر وديسمبر 2020، والذي تزامن مع انتشار وباء "كورونا"، ما يعيق عملها للإبقاء على حقوق الشعب الفلسطيني، بهدف الالتفاف على الإطار القانوني الدولي المتاح لحماية اللاجئين الفلسطينيين، دون الانخراط بشكل مباشر في الآليات القانونية.
ووفقًا لـ"الأونروا"، يبلغ عدد موظفي المنظمة حوالي 30 ألفًا، يعمل منهم 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزّعين على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كم2.
محكمة العدل الدولية سبب الإطاحة بـ"الأونروا"
وزاد من غضب الكيان المحتل بشكل أكبر عندما اعتمدت محكمة العدل الدولية في قرارها الأخير ضده على تقارير "الأونروا" التي وثقت معاناة المدنيين في قطاع غزة التي تسببت في إدانة الاحتلال، ما آثار غضب الكيان الذي اتهم المنظمة بالتحيز، مما يضع مصداقية تقارير "الأونروا" تحت المجهر.
بحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في أغسطس الماضي، فإن 63% من سكان قطاع غزة يعانون انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات الدولية، ويعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر.
خبير الشؤون الإسرائيلية: الهدف تركيع الشعب الفلسطيني
وفي ذلك السياق، أعرب أحمد شديد، خبير الشؤون الإسرائيلية، عن قلقه إزاء انصياع بعض الدول للرواية الإسرائيلية ووقف دعمها للأونروا، مشيرًا إلى أن المنظمة تقوم بدور إنساني منذ عقود لدعم اللاجئين الفلسطينيين.
وحذر "شديد"، في تصريحات تلفزيونية، من أن إسرائيل تسعى لتركيع الشعب الفلسطيني من خلال فرض حصار اقتصادي وإغلاق المدن والقرى، ما يجعل دور الأونروا أكثر أهمية، مؤكدًا أن إسرائيل هدفها شل عمل المنظمة من خلال الضغوط السياسية والإعلامية على الدول المانحة.
وفقًا للأمم المتحدة، يضم القطاع الصغير الواقع بين إسرائيل والبحر المتوسط ومصر، 8 مخيّمات وحوالى 1.7 مليون نازح، أي الأغلبية الساحقة من السكان، ويبلغ إجمالي عدد سكان غزة حوالى 2،4 مليون نسمة.