إبراهيم الهدهد: على الإنسانية اتباع الفطرة السليمة فى حقن الدماء
عقد ملتقى شبهات وردود بالجامع الأزهر، حلقة جديدة تحت عنوان "مكانة الأشهر الحرم في الإسلام "، وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وحاضر فيها د. إبراهيم الهدهد، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، ود. حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ أحمد رمضان، رئيس قسم القرآن الكريم بالجامع الأزهر.
وقال د.إبراهيم الهدهد، إن هذه الأشهر الحرم كان هدفه الأول هو حفظ النظام الكوني، وأن هذه الشهور كانت محرمة في كل الشرائع منذ خلق السماوات والأرض، قال تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ".
ورد "الهدهد" على الشبهة التي أثارها البعض يوم غُمَ على المسلمين هلال شهر رجب ووقع القتال فسخر المشركون من ذلك وسألوا عن حكم القتال في الأشهر الحرم، فجاء الرد من الله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وأشار إلى أن المعنى المراد من قوله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ}، هو جهاد الدفع ورد العدوان، والمعنى قاتلوا المشركين مجتمعين كما يقاتلونكم مجتمعين، داعيًا الإنسانية جميعًا إلى اتباع الفطرة وحقن الدماء احترامًا لحرمة هذا الشهر.
من جهته، بيّن د. حبيب الله حسن، أن الإسلام هو دين الفطرة السوية، ولذا عاب على المشركين سفكهم للدماء في الأشهر الحرم وزعمهم تأجيل الشهر الحرام لشهر يليه فيحلون الحرام ويحرمون الحلال، مبينًا حرص الإسلام على حفظ دماء الأبرياء، فأمنهم على أنفسهم وقت سفرهم لأداء فريضة الحج من أول خروجهم من ديارهم حتى يعودوا إليها، وذلك في الأشهر الثلاثة المتتالية (ذو القعدة، ذو الحجة، محرم)، كما أمّن لهم أداء العمرة في رجب - مضر وقد سُمي بذلك ليميَز عن شهر رمضان الذي كانت تطلق قبيلة ربيعة عليه اسم رجب فجاء في الحديث [رجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان].
وتابع "لقد حرم الإسلام سفك دماء الإنسان طوال شهور السنة كما جاء في خطبة الوداع على لسان النبي ﷺ "ألا إن دماءَكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا"، موضحًا أن الشهور الاثنى عشر مرتبطة بمنازل القمر، وهذا تأكيد على النظام الكوني الذي يرشدنا إلى وجود صانع حكيم، مؤكدًا على فضل هذه الشهور وفضل الأعمال الصالحة فيها".
من جهته، أوضح الشيخ أحمد رمضان أن الحق سبحانه وتعالى اختص الأشهر الحرم وشرّفها على سائر الشهور مراعاة لمصلحة الإنسان الدنيوية بحفظ نفسه وماله وعرضه وللمصلحة الدنيوية بأن تضاعف فيها الحسنات وتتنزل فيها الرحمات.
وكلها مواسم طاعة، فالمسلم الحق من يستثمر هذه المواسم في الطاعة، وخاصة شهر رجب الذي يبشرنا بقرب رمضان، فشهر رجب بمثابة التخلية قبل التحلية.