انقسام سياسى وحرب شاملة.. لبنانيون يكشفون انعكاسات حرب غزة على لبنان
كانت لبنان في قلب حرب غزة منذ بداية الحرب التي مر عليها 100 يوم، حيث كان للحرب ارتدادات سياسية وامنية واجتماعية على لبنان الذي يعاني من الاساس، وذلك بعدما اتخذ حزب الله قرارًا بإطلاق صواريخ باتجاه الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بغرض تخفيف وطأة العدوان الإسرائيلي على غزة.
وبالرغم من أن هناك أراضي لبنانية محتلة على الحدود بالفعل، وهي منطقة مزارع شبعا، ولكن الأمور كانت تشهد الكثير من الاستقرار خلال فترة ما قبل 7 اكتوبر، ومنذ ذلك الوقت باتت مسألة امتداد الحرب من غزة لتصبح حربا شاملة في لبنان، مسألة تثير مخاوف إقليمية ودولية، وخبراء وسياسيون لبنانيون كشفوا عن الانعكاسات السلبية لحرب غزة على لبنان خلال المائة يوم الماضية.
تأثيرات مباشرة لـ "حرب غزة" على لبنان
قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم، إن تأثير حرب غزة على لبنان يعد "مباشرًا" و"مستمرا" حتى الوقت الحالي، مردفًا: "الجميع في لبنان يتخوف من أن التأثيرات تزداد، لاسيما وأن الأوضاع في غزة مازالت مؤثرة، وليس هناك بالأفق حل سياسي شامل.
أضاف عاكوم في تصريحات لـ"الدستور": "وبالتالي كانت التأثيرات المباشرة تتمثل في إعادة التوترات الأمنية إلى جنوب لبنان، بالإضافة إلى تهجير آلاف السكان الذين غادروا الأماكن الحدودية، وهذا من شأنه زيادة الضغوط الاقتصادية على الشعب اللبناني، وزيادة تكلفة الحياة اللبنانية، ولاسيما المواطن الجنوبي الذي نزح من مكانه، فإن هذا سيؤدي إلى زيادة نسبة الفقر إلى درجة كبيرة".
حرب غزة وإعادة الانقسام السياسي إلى لبنان
كما اعتبر "حرب غزة" كانت سببًا في إعادة الانقسام السياسي داخل المجتمع اللبناني"، موضحًا أنه صار هناك من هم "مع الحرب" ومن هم "ضد الحرب"، وذلك بسبب الانقسام حول النقطة الخلافية المتعلقة "بمن يحكم قرار السلم والحرب في لبنان".
أردف عاكوم: "الفرقاء السياسيون ينقسمون بين منح حزب الله حق الانفراد بقرار الحرب والسلم وقسم آخر يمانع هذا القرار، مما يجعلنا نتحدث عن عودة الانشقاق داخل المجتمع السياسي اللبناني بعد فترة كانت الفترة الأمور كانت تسير للتهدئة".
حرب غزة تعمق من أزمة الشغور الرئاسي
كما أن حرب غزة، أطاحت بآفاق التوافق على اختيار رئيس للجمهورية في لبنان انتهاء أزمة الشغور الرئاسي، ولاسيما أن المجتمع الاقليمي والدولي لن يلقي بالا بالأوضاع الداخلية في لبنان، ولن يسعى لحل مثل هذه الأزمات، ولكن كل ما سيهتم به " كيفية تهدئة اشتعال جبهة الجنوب اللبناني من عدمها".
مستويات انعكاسات حرب غزة على لبنان
قال شارل جبور، المستشار الإعلامي لحزب القوات اللبناني، إن توريط حزب الله للبنان في الحرب منذ يوم الثامن من أكتوبر، أدى إلى تداعيات وانعكاسات سلبية في البلاد على أكثر من مستوى، معتبرًا أن المستوى الأول المتعلق بالخسائر البشرية والمدنيين الذين سقطوا في القصف الإسرائيلي المتبادل مع حزب الله، لا يمكن مقارنته بأي مستوى آخر.
أضاف جبور في تصريحات للدستور:" أن الانعكاس السلبي الثاني يتعلق بتهجير عشرات الآلاف من اللبنانيين من سكان المناطق الحدودية اللبنانية، وهم في أوضاع مالية ومعيشية صعبة، ولاسيما أنهم قبل التهجير كانوا يعيشون بالكاد في ظل الظروف الاقتصادية اللبنانية الراهنة.
وتابع: "الانعكاس الثالث هو الانعكاس الذي له علاقة بخسارة لبنان مليارات الدولارات نتيجة توريط حزب الله للبنان في الحرب، ولاسيما أن لبنان كان يحاول الخروج من أزمته الاقتصادية"، موضحًا أن السياحة كانت بدأت تعود إلى لبنان قبل 7 اكتوبر، ولكن بعد بدء القصف على الحدود، توقفت بالكامل ومرة اخرى، والفنادق عادت خاوية مرة اخرى، والوضع الاقتصادي الذي كان أخذ في الانفتاح عاد مرة اخرى إلى الانكماش.
مخاوف من سيناريو حرب تموز 2006
وأشار إلى الانعكاس الأخير، وهو المرتبط بالوضع السياسي والأمني، حيث التخوف من خطورة تمدد الحرب من الجنوب لتصبح حرب شاملة في لبنان، على غرار حرب تموز 2006، وهذا ما يهدد بتدمير لبنان بالكامل في هذه الوقت.
وأردف السياسي بحزب القوات اللبنانية:" المعارضة تشدد على ضرورة ابتعاد حزب الله والجماعات المسلحة عن الحدود، وضرورة إمساك الجيش اللبناني زمام الامور توليه شرعية الحدود، مع ضرورة تسليم الحزب سلاحه للدولة، وضرورة أن يكون قرار الحرب بيد الحكومة اللبنانية وحدها، وضرورة تحييد لبنان هذه الحروب المدمرة"، مشيرًا إلى ان بالرغم من هذه المطالب لا يوجد من يستمع أو يهتم.
وقال جبور: "حزب الله يخطف قرار الدولة والحكومة ويسيطر على الحدود"، مردفا: "نحن في لبنان في وضع مأساوي حتى إن شاغل اللبنانيين اليوم الوحيد، هو تجنيب لبنان الحرب الشاملة، وانعكاساتها المدمرة في ظل شغور رئاسي ينعكس على انتظام المؤسسات الدستورية التي لا تعمل منذ فترة طويلة".