أسماء منصور: أثر الفراشة لا يزول
ماتت أسماء، انتهى الحُلم برقة وبساطة صاحبته، ماتت ولم تحقق حلمها الأكبر بالانضمام لنقابة الصحفيين، عملنا سويا لأشهر طويلة، كانت دائمًا هادئة ومترقبة، تتعلم وتجوّد، تسمع وتنفذ، ماتت ولم تنجز تحقيقها الاستقصائي الأكبر الذي ناقشتني فيه كثيرًا وحدثتني عنه قبل أن تستقل قطار رحلتها الأخيرة.
جاءت أسماء إلى قسم التحقيقات بطلّة هادئة كعادتها، لا تتحدث كثيرًا، تسمع ما تقوله وتنفذ، تحكي فقط عن رغبتها في التعلّم والإنتاج، رغبتها في أن يكون اسمها متواجدًا على مواد صحفية مصنوعة بعناية وبدقة، تفرح كثيرًا عندما ترى اسمها على مواد في الجريدة الورقية: "أهلي هيفرحوا جدًا.. هقولهم يجيبوا العدد بكرة".
عملت أسماء على مدار تلك الأشهر على إنتاج مواد صحفية مميزة، كانت تهتم بالأقليات والحركات النسوية، قدمت أفكارًا عن المرض النفسي وأزماته وكيف للمجتمع الصحفي أن يقدم مواد يعلم الناس والعامة التعامل معه، غير أن أمنية لها ربما لم تفصح عنها كثيرًا وهي أن تكون مرشدة نفسية، تقدم النصائح للمحتاجين.
صدمت كثيرًا يا اسماء لرحيلك، حكيت عنكِ لكثير من الصحفيين الذين كنتِ تحبين أن يقرأوا لكِ، حدثتهم عن صحفية مجتهدة وقلب أبيض يعافر للوصول لحلمه، حدثتهم عن صحفية صنعت مواد أحبتها قبل أن يحبها القراء، عن صحفية وصديقة حاولت كثيرًا أن أساعدها بكل طاقتي.. وداعًا.