رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة البيزنطية تحتفل بذكرى القديس النبي دانيال والثلاث فتية القديسين

الكنيسة البيزنطية
الكنيسة البيزنطية

تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى القديس النبي دانيال والثلاث فتية القديسين.

من هو دانيال

كان النبي دانيال من قبيلة يهوذا وسليل الأسرة الملكيّة. وكان لا يزال فتى عندما سيق ورفقاءه الثلاثة، حننيا وعزريا وميشائيل، إلى بابل، مع الذين سباهم البابليون سنة 605 قبل المسيح، وبينهم الملك يواكيم. دخل الفتيان الأربعة في خدمة الملك البابلي واتخذوا لهم أسماء بابليّة، فدعى دانيال بلتصار، وحننيا شدرق، وميشائيل ميشاك، وعزريا عبد نجو.

وتثقّفوا في حكمة البابليين في القصر الملكي نفسه. وبعد ثلاث سنين، فسّر دانيال الحلم الذي رآه نبوخذ نصّر الملك، وبرّر سوسنة العذراء العفيفة من اتهامات الشيخين الدنسين، وعيّنه الملك واليًا على إقليم بابل ورئيسًا على ولاة الأقاليم جميعهم. وكانت حكمته الفائقة قد رفعته إلى أعظم منـزلة في المملكة. في عهد بلشصّار، ابن نبوخذ نصّر، فسّر دانيال الكتابة التي خطتها يد سرية على حائط قاعة المأدبة الملكيّة.

ولما احتلّ داريوس المادي، المدعو ايضًا قورش، مدينة بابل سنة 538، عيّن دانيال واحدًا من الوزراء الثلاثة الذين أقامهم على رأس أقاليم المملكة المئة والعشرين. وإذ حسده أعداؤه ووشوا به ظلمًا وافتراء إلى الملك، أمر هذا بان يزجّ في بئر الأسود، إلّا أنّ عناية الله حفظته، فكان بين الضواري كالراعي بين غنمه. لا نعلم بتدقيق تاريخ وفاته. وهو الرابع والأخير بين الأنبياء الأربعة الكبار.

الثلاث فتية القديسين

الفتية الثلاثة القدّيسين حننيا وعزريا وميشائيل رفضوا الإمتثال لأمر الملك بأن يسجدوا لتمثاله ألقوا في أتون النار. إلّا أنّ عناية الله حفظتهم من اللهيب، فأنشدوا في وسطه النشيد الرائع الذي ترنمه الكنيسة في التسبيحتين السابعة والثامنة من التسابيح السحرية. ولقد رأت الكنيسة في ذلك رمزًا إلى حفظ العذراء والدة الإله سليمة البكارة مع حملها نار الألوهية فيها قبل الولادة وبعدها. ولمّا كان الثلاثة من قبيلة يهوذا التي ولد منها المخلّص، أراد الآباء القديسون أن يكرّموا تذكارهم المجيد اليوم، وهو اليوم السابع قبل ميلاد ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح.

العظة الاحتفالية

وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها إن كان لديكِ بعض الفضائل، مصادر لأعمال صالحة، أو بالأحرى لأنّكِ غنيّة بالفضائل، ثابري على ممارستها، تقدّمي دائمًا فيها، ومن خلالها، قودي صراع الرّب يسوع المسيح حتى الموت، بحيث أنّه في اليوم الأخير، في نهاية حياتكِ، تتلقَّين كأجر ومكافأة مقابل عملكِ إكليل المجد والشرف. ولهذا يقول لكِ الرّب يسوع المسيح، حبّكِ الوحيد، في سفر الرؤيا: "كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ.". هذا الإكليل ليس إلّا مكافأة الحياة الأبديّة، الذي حيازته يجب أن تُشعل رغبةً جميعَ المسيحيّين. إنطلقي، يا حبيبة الله، يا عروسة الرّب يسوع المسيح، يا حمامة الملك الأزليّ، تعالَي، أسرعي إلى عرس ابن الله، لأنّ كلّ البلاط السماويّ ينتظركِ، "كلّ شيء مُعَدّ" 

هناك خادم وسيم ونبيل جاهز لخدمتكِ؛ لقد أُعِدّ طبق ثمين ولذيذ لِيَقوتَكِ؛ مجتمع لطيف ومحبّ جدًّا مستعدّ لمشاركة فرحكِ. لذا قومي وأسرعي!

أسرعي إلى هذا العرس، لأنّ خادمًا بمنتهى الجمال مستعدّ لخدمتكِ. هذا الخادم هو مجموعة الملائكة، فماذا أقول؟ إنّه ابن الإله الأزليّ! ألا يعطي ذاته لهذا في الإنجيل المقدّس؟ "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ ". آه! كم سيكون مجد الفقير والمحتقَر عظيمًا عندما سيخدمهم ابن الله، الرّب الملك، وكلّ جيش الملكوت السماويّ مجتمِعًا.

كما يتمّ إعداد طعام ثمين ولذيذ لإطعامكِ. سيرتّب ابن الله نفسه المائدة بيديه. وهو يؤكّد ذلك في الإنجيل المقدّس: "وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي". آه! كم هو حلو ولذيذ هذا الطعام، الذي أعدّه الله في صلاحه للفقراء! آه! كم سعيد هو الذي يجب أن يأكل في السماء هذا الخبز المُعَدّ في أحشاء العذراء بنيران الرُّوح القدس! "مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ". يغذّي الملك السماويّ مختاريه ويُحييهم من هذا الخبز، هذا الطعام، كما قيل في سِفر الحكمة: "شَعْبُكَ أَطْعَمْتَهُمْ طَعَامَ الْمَلاَئِكَةِ"