قاسم أمين
قاسم أمين، شاب مصري درس القانون في فرنسا، رجع واشتغل في سلك النيابة والقضاء، لكنه كان مهتم بـ الشأن العام.
لما نقول مصري، فـ الكلمة ربما ما يكونش ليها نفس الدلالة بتاعة النهاردا، بعد ما الأمور بقى ليها محددات أكتر وأوضح، وحتى ظهرت تعبيرات زي "نصف مصري"، أو مزدوج الجنسية وخلافه، وقاسم والده شخصية تركية بارزة ونافذة، وكان حاكم لـ إقليم تركي، لكنه جه مصر، واتجوز هنا وخلف قاسم هنا، فـ قاسم أمين في النهاية مصري.
تقديري الشخصي، إن قاسم أمين ما كانش عنده وزن ثقافي وسياسي كبير، حتى لو كان صاحب تعليم مميز، ومنصب عالي، لكني بـ أتكلم عن الوزن أو الثقل أو حجم الإسهام في الحياة العامة، كان زيه زي غيره، لكنه كان عايش على علاقته بـ كبار المجال العام خصوصا محمد عبده اللي كان مشغول بـ "تجديد الخطاب الديني"، اللي لـ حد دلوقتي محدش عارف يجدده، والنقطة اللي كان واقف عندها محمد عبده هي هي نفسها اللي واقفين عندها، يمكن كمان واقفين خطوة متأخرة شوية.
المهم، علاقات قاسم كانت مش بطالة، إنما العلاقة الأقوى لـ قاسم كانت مع سعد زغلول، اللي كانت علاقته بيه علاقة شخصية وعائلية، صحيح كان لسه سعد ما بقاش سعد زغلول الزعيم الكبير، لكنها برضه كانت مفيدة، ومع ذلك كان الطبيعي إنه قاسم أمين يعدي من غير اسمه ما ينذكر، أو خلينا نقول من غير ما يبقى اسم رنان في التاريخ، لولا كلامه عن المرأة.
بس هو عمل إيه؟ نقدر نقول إن اللي خلى اسم قاسم أمين يدخل تاريخ الثقافة المصرية، والتاريخ المصري عموما اجتماعيا وسياسيا هو جرأته في كتابين نشرهم: الكتاب الأول هو الأشهر أو خلينا نقول إن اسمه هو الأشهر، وكان كتاب "تحرير المرأة" اللي أصدره 1899، وكان فيه أفكار عن الحجاب والاختلاط ومنع تعدد الزوجات.
بس ما ننساش إننا لما نتكلم عن الحجاب، فـ قاسم كان بـ يتكلم عن تغطية الوجه مش الحجاب يعني طرحة الرأس، يعني مطالبه بـ تمزيق الحجاب معناها بس كشف الوش، إنما الالتزام بـ تغطية الشعر دي كان مفروغ منها.
الكتاب دا عمل ضجة كبيرة وقت صدوره، مش علشان قيمته العلمية أو الفكرية، أو أي شيء من هذا القبيل لا سمح الله، إنما لـ الصراحة والاستبياع وتقطيع البطاقة، يعني لـ ثوريته على الأرض، مش لـ نسقه الفكري أو العلمي أو الأكاديمي.
كتب كتير ومقالات أكتر اتكتبت ترد على كتاب قاسم أمين، لو استعرضناها هـ نلاقيها طبيعية، لكن يلفت انتباهنا إن طلعت حرب (اللي لسه ما بقاش باشا) كتب رد على الكتاب، دافع فيه بـ استماتة عن الحجاب وعدم الاختلاط وغيره، أيون، طلعت حرب بتاع السيما فيما بعد.
طبعا قاسم أمين استثمر الزخم اللي حصل مع الكتاب، وراح عايد أفكاره، وكاتب مقالات جديدة في نفس الاتجاه، وأصدرها بدايات 1901، في كتاب اسمه "المرأة الجديدة"، قاسم أهدى الكتاب لـ صديقه سعد زغلول، علشان تستمر المعركة اللي هـ يبقى لها فصول تانية بعدين.