حوارية وزير خارجية الأردن مع "مركز ويلسون" فى واشنطن لا للتهجير
في وسط صراع سياسي دبلوماسي، يجتاح المنطقة والعالم، يبدو أنه غير محدد الأفق أو الاتجاهات، فالحرب العدوانية الهمجية التي يقودها جيش حكومة الحرب الصهيونية الإسرائيلية، ضد سكان وأهالي قطاع غزة وفلسطين المحتلة، هي الحرب الإرهابية التي لا وصف لها، والتي اتضح للعالم أنها مدعومة تماما من الولايات المتحدة الأميركية وأحلافها في الغرب والعالم الذي يراقب هذا التطرف الأميركي الذي يمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار وقف الحرب على سكان غزة الذين باتوا في إبادة جماعية ومجازر ومجاعات وانهيار كامل.
قبيل الفيتو الأميركي ضد إيقاف الحرب على غزة، كان نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الأردنية، أيمن الصفدي، يحذر المجتمع الدولي، خلال مداخلة له في ندوة حوارية نظمها مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن، وقال الصفدي: "إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع، لكن إسرائيل لا تسمح بالتوصل لهذا الحل، وتتخذ الإجراءات اللازمة لمنع ذلك، وتتصرف فوق القانون الدولي، وتقتل الناس، وتعرض مستقبل المنطقة للخطر".
وزاد الصفدي: "إسرائيل تعرض مكانة الولايات المتحدة في العالم للخطر".
* الإفلات من العقاب.
الصفدي يتوقف عند قضية سياسية وأمنية وقانونية مهمة، قائلا: "أعتقد أن الشعور بالإفلات من العقاب وانعدام المساءلة هو الذي يسمح لإسرائيل ليس بمواصلة هذا العدوان فحسب، بل بحرمان شعبها وشعوب المنطقة الأخرى من الحق في العيش بسلام وأمن والحصول على مستقبل" وهي، إسرائيل دولة الاحتلال، بذلك: "لا تقتل الفلسطينيين فحسب.. لكنها تقتل الإيمان بالسلام"، وهو هنا يعزز مخاوف الشرفاء من المجتمع الدولي، ممن دعوا إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي ومجلس الأمن ضد الإبادة الجماعية التي تجري بدم بارد كل يوم، وهذا ما لفت إليه الوزير الأردني من أن: "ما تفعله إسرائيل لا يقتل الفلسطينيين الأبرياء فحسب، ولا يدمر سبل عيشهم فحسب، ولا يدمر غزة فحسب، وإنما تجعلها غير صالحة للسكن، وتقتل الإيمان بالسلام"، وعزز الصفدي بدبلوماسية ذكية تصريحاته بالتأكيد: "إذا أجريت استطلاعا للرأي في المنطقة، وسألت الناس هل ما زالوا يعتقدون أن السلام مع إسرائيل قابل للحياة، فإن الأغلبية ستقول لا، وبالتالي فإن إسرائيل قد عانت حقا من هزيمة استراتيجية في هذه الحرب".
* سياسات إسرائيل الإرهابية المتطرفة.
للوزير أيمن الصفدي شخصية دبلوماسية، يعمل بهدوء، يتابع الحراك السياسي العربي والدولي، إضافة إلى الأردني الداخلي، وخلال أكثر من 64 يوما على حرب غزة لا يكاد الصفدي يتوقف للراحة، يستمر، كاشفا العداء الإسرائيلي المتطرف، وهو يلفت إلى أن: "إسرائيل كشفت عن السياسات التي كانت تطبقها بشكل منهجي حتى قبل الحرب في الضفة الغربية، ما أدى إلى قتل أي أفق للتوصل إلى تسوية سلمية لهذا الصراع من خلال توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وحتى السماح للمتطرفين بتحديد مستقبل الفلسطينيين، مع أشخاص مثل بن غفير وسموتريتش، في مواقع صنع القرار في الوقت الحالي الذين كانوا يدعون علنًا إلى محو الشعب الفلسطيني من على وجه الأرض، وينكرون أن لديهم أي حقوق، وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه سيخنق أي طموح فلسطيني للدولة".
ودعا الصفدي إلى النظر في سياق أحداث 7 تشرين الأول الرهيبة وما تلاها من حرب، مشيرا إلى:
* أولًا:
إن إسرائيل تتحدى العالم كله بما في ذلك الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية.
* ثانيًا:
حلفاء إسرائيل يقولون إن الالتزام بالقانون الدولي ليس كذلك، فهي تقتل المدنيين بشكل عشوائي، وتحرم الناس من حقهم في الغذاء والماء والدواء، وتأخذ 2.3 مليون من سكان غزة كرهائن، حتى إنها تشترط دخول الإمدادات الإنسانية على إطلاق سراحهم.
* ثالثًا:
إن استخدام الغذاء كسلاح هو جريمة حرب أخرى يجب أن تتحمل إسرائيل المسئولية عنها.
* رابعًا:
إن ما يحدث على الأرض في غزة "الحرب" حطم كل الأرقام القياسية؛ بقتل أكبر عدد من الصحفيين والمسعفين وموظفي الأمم المتحدة، وتدمير المستشفيات.
* نختلف مع الإدارة الأميركية لعدم الدعوة لتأييد وقف الحرب على غزة.. وكما هو مسار وموقف الدولة والتوجيهات الملكية، يقول الوزير الصفدي: "نحن نقدر بعض القرارات أو الإعلانات التي أصدرتها الإدارة الأميركية بشأن عدم السماح باحتلال غزة، والحث على المزيد من الإمدادات الإنسانية، ولكننا نختلف حول القضية الأساسية المتمثلة بعدم الدعوة إلى وقف إطلاق النار، لأن ما تفعله هذه الحرب، وعدد الفلسطينيين الذين يتعين قتلهم حتى يدرك العالم أن الكيل قد طفح".
.. ولأن الكيل طفح، ومسار العدالة والشرعية الدولية في متاهة الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، وشرعية الانتقام الهمجية الصهيونية النازية الجديدة، فقد بات العالم يرى كيف يموت مئات الأطفال والنساء والمدنيين في قطاع غزة بالسلاح الأميركي الذي يصل إلى يد جيش حكومة الحرب الإسرائيلية، ما يهدد المنطقة التصعيد واستمرار العنف، وفي هذا السياق، السياسي الإنساني، كانت مداخلة وزير الخارجية الأردنية تضع أمام العالم من خلال منصة مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن عديد الحقائق، التي طالما طرحت وتوقف عندها العالم متسائلا إلى متى إرهاب دولة الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي؟، وهي حقائق، سؤالها الكبير، استمرار مجازر السفاح نتنياهو أمام العالم، وهنا وضع الوزير الصفدي حوارية قامت على عدة مواقف دولية قانونية، وبات من الضروري التوقف عندها وهي:
* الموقف الأول:
إن حجة الدفاع عن النفس التي طرحت في بداية هذا الصراع لا تتيح لمحتل الحق في الدفاع عن النفس، متسائلا: كيف يقتل 17000 فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، وجثث الأطفال تتحلل تحت الأنقاض دون أدوات لإخراجهم؟، كيف يمكن تبرير ذلك بأي شكل من الأشكال؟! لذا فإن ضحايا هذه الحرب ما هو أبعد من مأساة قتل الكثير من الناس وتدمير سبل عيشهم وتدمير مجتمع بأكمله، إنما هي مصداقية المجتمع الدولي.
* الموقف الثاني:
القانون يطبق بشكل انتقائي، وموقف العديد من شركائنا وأصدقائنا الغربيين في هذا الجزء من العالم لا يرتقي إلى مستوى الالتزام القانوني أو الأخلاقي بوقف هذه المذبحة التي تقع ضمن نطاق القانون الدولي، والتعريف القانوني للإبادة الجماعية في هذه المرحلة، والخطر يكمن في المستقبل وليس في الوقت الحالي فقط.
* الموقف الثالث:
الدعوة إلى الوقوف لجانب السلام ولحق جميع شعوب المنطقة في العيش بسلام، لأن هذه الحرب لن تجلب الأمن لإسرائيل، ما لم يتمتع الفلسطينيون بالأمن أيضًا، ولن تساعد كذلك إسرائيل من خلال مواصلة العدوان الذي سيطارد المنطقة بأكملها لسنوات عديدة قادمة.
* الموقف الرابع:
إننا بحاجة إلى الولايات المتحدة كشريك وصديق لنا جميعًا، ولها دور لا غنى عنه في أي جهد لتحقيق السلام، ونحتاج إلى الولايات المتحدة لقيادته، في خطوة كبيرة من شأنها أن تحل هذا الصراع نهائيا.
* الموقف الخامس:
إن الطريقة الوحيدة لذلك هي الإعلان عن خطة عملية لحل الدولتين مع آليات الوصول إليها وجداول زمنية، لأن السلام الشامل والعادل هو الذي سينقذ المنطقة بأكملها من الاضطرار إلى عيش الفظائع التي نراها تحدث الآن.
* إلى أي مدى تريد أن تذهب الحكومة الإسرائيلية؟
.. كانت حوارية واشنطن فرصة سياسية دبلوماسية أتاحت للوزير الأردني طرح عدة تساؤلات أمام المجتمع الدولي والعالم والداخل الإسرائيلي، منها تساءل الصفدي إلى أي مدى تريد أن تذهب الحكومة الإسرائيلية؟.
.. وما هو هدفها؟.
.. وهل تريد حل الدولتين؟.
.. وقال مجيبا: من الواضح الآن أنها تقول إنها لا تريد ذلك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي قبل بضعة أيام قال إنه طالما بقي في منصبه فلن يسمح بتحقيق حل الدولتين. ما يعنيه ذلك هو أنه لن يسمح أبدًا بحل الصراع، لأنه إذا كان يعتقد أن الفلسطينيين سيتخلون عن حقهم في تقرير المصير وإقامة الدولة، فإنه يخطئ في قراءة الدروس المستفادة من عقود من الصراع. إذن ما يقوله هو أنه يريد أن يستمر الصراع.
.. وعن الواقع الفلسطيني في الضفة والقدس، قال الصفدي: إن ما يحدث في الضفة الغربية هو حرب هادئة تجري أيضًا، ووقع أكثر من 300 هجوم إرهابي للمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء النزاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ويبلغ المعدل اليومي 6 هجمات إرهابية يقوم بها المستوطنون على الفلسطينيين.
وأضاف: إن إسرائيل أعلنت قبل يومين عن توسعة استيطانية جديدة ستفصل القدس الشرقية عن جنوب الضفة الغربية، وكان ذلك قبل ثلاثة أيام فقط. ومرة أخرى يخرج السياسيون الإسرائيليون قائلين إنهم لن يعترفوا بحقوق الفلسطينيين، ويستمر تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم. لذا أعتقد أن ما نواجهه هنا ليس مجرد تحد لما يحدث في غزة، وحتى الآن، لم نشهد سوى أعمال انتقامية قاسية تستهدف المدنيين، وإسرائيل تفرض الواقع المروع على كل من الضفة الغربية وغزة الآن فقط بمزيد من الدمار، والمزيد من الموت والمزيد من الألم، وتهجير الفلسطينيين من الشمال، وتدمير المباني، مثل المجلس التشريعي في غزة.
* رفض مصر والأردن سياسة التهجير.
ينتبه الوزير الصفدي، بذكاء وحرص، إلى بعض القضايا الأساسية، منبها المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى أن الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي هو إرسال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها بأنه لن يُسمح لكم بالعودة أبدًا؟
وقال: عندما يتم دفع جميع سكان غزة إلى أقل من 56% من مساحة غزة، ولا مستشفيات أو مدارس أو صرف صحي أو مياه، لفرض واقع يدفع الناس إلى الخروج، الأمر الذي يرفضه الأردن ومصر، وجميع الدول العربية، ولن ندعم ذلك أبدًا، أو نسمح أبدًا بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وفي ذات الحوار، وأمام الرأي العام الأميركي والدولي، لفت الوزير الصفدي إلى أن الملك عبدالله الثاني كان واضحا جدا بشأن ما الذي يشكل إعلان حرب علينا، وسنفعل كل ما يلزم لمنع تحقيق ذلك، لأن ما يعنيه ذلك هو أن إسرائيل تحاول حل المشكلة التي خلقها احتلالها على حساب أمن واستقرار المنطقة، ولفت إلى أن إسرائيل تشن عدوانًا غير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني ضد الفلسطينيين، وهي تخلق واقعًا مروعًا، والعالم صامت، مؤكدا أن الفشل في دعم الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية هو بمثابة تأييد لمزيد من القتل للفلسطينيين، والمزيد من انتهاك القانون الدولي وارتكاب جرائم الحرب، وتعريض مستقبل المنطقة بما في ذلك حياة الإسرائيليين للخطر.
* إطلاق سراح الرهائن يشترط وقف لإطلاق النار.
.." نحن جميعًا نؤيد إطلاق سراح الرهائن، والمرة الوحيدة التي جرى فيها إطلاق سراح الرهائن عندما كان هناك وقف لإطلاق النار، لأن ذلك سمح بإجراء المفاوضات، فمن خلال الاستمرار في الحرب يجعل ذلك من المستحيل إطلاق سراح الرهائن، الحرب الناشئة عن الانتقام والغضب دون التفكير في العواقب".. وتابع وزير خارجية الأردن:
إن وقف إطلاق النار هو بحكم تعريفه وقف إطلاق نار توافق عليه جميع الأطراف، وما سيفعله وقف إطلاق النار هو في الأساس وقف القتل والتدمير، والسماح بدخول الإمدادات الإنسانية، واستئناف المحادثات لإطلاق سراح الرهائن والسجناء.
.. حرب الإبادة على غزة مستمرة، وعلى العالم والمجتمع الدولي وعى أن السياسيين الإسرائيليين يدعون- في كل لحظة- إلى الإبادة الجماعية للفلسطينيين، المتطرف بن غفير دعا حرفيا إلى قتل الفلسطينيين والإبادة الجماعية، وكذلك فعل السفاح سموتريتش، كما دعا نائب رئيس الكنيست إلى حرق غزة كلها، ذلك الذي يحدث أمام تأييد الإدارة الأميركية، ومواقف الدول المتحالفة التي تراقب إبادة الشعب الفلسطيني لإطلاق إرهاب شتات اليهود الصهاينة وتطرفهم التوراتي اليميني.