الكنيسة البيزنطية في مصر تحتفل بذكرى البار بطابيوس
تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى البار بطابيوس، وكان القدّيس بطابيوس من أبناء ثيبة في الصعيد المصري. عاش في الصحراء المصريّة ناسكًا. وانتقل إلى الحياة الأبديّة في القرن السابع للمسيح.
العظة الاحتفالية
وبهذه المناسبة القت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: لطالما بحث متأمّلو الديانات كلّها ونسّاكها في كلّ وقت عن الله في الصمت ووحشة البراري والغابات والجبال. حتّى إنّ يسوع نفسه قضى أربعين يومًا في وحدة تامّة، مستغرقًا ساعات طويلة في لقاء من القلب إلى القلب مع الله الآب في صمت الليل.
نحن أيضًا مدعوّون من وقت إلى آخر إلى الانسحاب نحو صمت أعمق، نحو وحدة مع الله لنكون معه بمفردنا، ليس مع كتبنا وأفكارنا وذكرياتنا، بل في تجرّد كامل، مقيمين في حضرته بصمت وفراغ وركود وانتظار.
لا يمكننا أن نجد الله في الصخب والضجيج. انظر إلى الطبيعة: الأشجار والأزهار والأعشاب تنمو بصمت في الحقول؛ النجوم والقمر والشمس تتحرّك بصمت. ليس المهمّ ما يمكننا قوله، بل المهمّ هو ما يقوله الله لنا، وما يقوله للآخرين من خلالنا. في الصمت يسمعنا؛ في الصمت يتحدّث مع روحنا؛ في الصمت ينعم علينا بحظوة الاستماع إلى صوته:
صمت عيوننا. صمت آذاننا. صمت أفواهنا. صمت أرواحنا. في صمت القلب، يتكلّم الله.
يبدو لي أن ما حصل بين الرّب يسوع و"رئيس العشّارين" في أريحا يشبه، بجوانب مختلفة، الاحتفال بسرّ الرحمة، سرّ المصالحة... إنّ كلّ لقاء لكاهن مع مؤمن يطلب الاعتراف... يمكنه أن يكون دائمًا، بنعمة الله المذهلة، هذا "المكان" القريب من شجرة الجمّيز حيث رفع الرّب يسوع المسيح عينيه نحو زكّا. لا يمكننا قياس درجة اختراق نظرة الرّب يسوع لنفس عشّار أريحا؛ لكنّنا نعرف أن هذه النظرة هي نفسها التي تحدّق في كلّ تائب. في سرّ المصالحة، الكاهن هو أداة لقاء يفوق الطبيعة له قوانينه الخاصّة، وعلى الكاهن فقط أن يحترمها ويؤكّد عليها.
كان ذلك لزكّا اختبارًا مؤثرًا بأن يسمع شخصًا يناديه باسمه. فقد كان هذا الاسم بالنسبة لكثير من مواطنيه مُحَمَّلًا بالكره. الآن، هو يسمعه بلهجة محبّة، لا تعبّر فقط عن الثقة، لكن عن الألفة والإصرار على الصداقة. نعم، لقد تكلّم الرّب يسوع مع زكّا كما لو أنه صديق قديم، ربّما مَنْسي، لكنّه لم يتخلَّ عن أمانته، فدخل إذًا بإصرار ومحبّة في حياة ومنزل الصديق الذي وجده مجدّدًا: "يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ". إن صيغة اللغة – في نص لوقا – شديدة الوضوح: فكلّ شيء شخصي، ودقيق ومُحِبّ! فالأمر لا يتعلّق فقط بسمات إنسانيّة مؤثّرة. ففي النص إصرار حقيقيّ، يُظهِر الرّب يسوع من خلاله رحمة الله بشكلٍ قاطع.