في ذكرى أسقف ميلانو.. الكنيسة البيزنطية: الشياطين تُشَكِّكُ الإنسان لكنّ الله وملائكته يدعمونه
تحتفل الكنيسة البيزنطية اليوم الخميس، بذكرى البار أمبروسيوس أسقف ميلانو، والذي ولد سنة 333 أو 340، من أسرة عريقة في المسيحيّة والشرف، وكان أبوه من كبار موظفي الدولة الرومانية.
وتولّى البار أمبروسيوس، مناصب رفيعة في الامبراطورية، ونودي به أسقفًا على ميلانو سنة 374 وهو بعد في عداد الموعوظين، فنال سر العماد المقدس، وارتقى الدرجات المقدسة حتى الأسقفيّة، حارب بقوة وغيرة هرطقات عصره، وكتب كثيرًا في العقائد الإلهية.
في سنة 390، إذ أراد الامبراطور ثيودوسيوس أن يدخل كنيسة ميلانو، على أثر المذابح التي أمر بها في تسالونيكي، صدّه الراعي القدّيس، وأنّبه في جرأة رسولية على المظالم الوحشيّة التي قام بها. إنتقل إلى الحياة الأبديّة سنة 397.
العظة الاحتفالية
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت فيها:
الشياطين تُشَكِّكُ الإنسان؛ لكنّ الله وملائكته يرغبون في الانسان الذي يبحث عن الله في قلبه ليلاً نهارًا بكلّ تقوى، والذي يُبعِدُ بذلك عنه هجومات العدو. إنّ الوطن الرُّوحي لهذا الإنسان الطاهر بروحه موجود في داخله: فالشمس التي تشعّ فيه هي نور الثالوث الأقدس؛ والهواء الذي تتنفسّه أفكار الإنسان هي الرُّوح القدس المعزّي. والملائكة القدّيسون يبقون معه. إن حياتهم وسعادتهم وابتهاجهم هي الرّب يسوع المسيح، النّور من نور الآب. إنّ إنسانًا كهذا يبتهج في كلّ وقت من تأمّل نفسه، ويندهش أمام الجمال الذي يراه، هذا الجمال المشعّ أكثر بمرّاتٍ كثيرة من إشعاع الشمس الرّائع.
إنّها أورشليم. وهذا هو "ملكوت الله المخبأ في داخلنا"، وفقًا لكلام الربّ. هذا الوطن هو سحابة مجد الله، حيث لن تدخل سوى القلوب الطاهرة لتأمّل وجه معلّمها ، وإدراكها سيشعّ بفضل أشعّة نوره.
إن حكمةَ هذا العالم الزائفة، والّتي هي حماقة حقًّا، تعلنُ يقينًا دون أن تدركَ ما تؤكّده. فهي تعلنُ طوباويّة بني الغرباء "مَن نَطَقَت بالباطِلِ أَفْواهُهم وَيمينُ كَذِبٍ يَمينُهم" لأنّ "أَهْراؤهُم مُمتَلِئَة تَفيضُ مِن جَميعِ الأَصْناف، وغَنَمُهم آلافٌ ورِبْوات في أَرْيافِهم" ، غير أن ثرواتهم كلّها غير ثابتة، وسلامهم ليس السَّلام، وفرحهم حماقة.
أمّا في المقابل، فإنّ حكمة الله، الابن بطبيعته، يمين الآب، الفمّ الّذي ينطق بالحقّ، يعلنُ أنَّ الفقراء المعدّين ليكونوا ملوكًا، ملوك الملكوت الأبديّ هم طوباويّون. وكأنه يقول: "أنتم تبحثون عن السعادة، ولكنّها ليست حيث تبحثون، وتركضون، ولكنْ خارج الطريق. ها هو الطريق المؤدّي إلى السعادة: الفقر الاختياريّ من أجلي، هذا هو الطريق. ملكوت السماوات فيّ وهذا هو النعيم. تركضون كثيرًا، ولكنْ بشكلٍ سيء وبقدر ما تُسرِعون تبتعدون عن الغاية …