دور كبير لمصر فى أزمات الشرق الأوسط.. سياسة فاعلة للرئيس السيسى
ملف العلاقات الخارجية لمصر من أكثر الملفات التي ركز عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال السنوات العشر الماضية، وكانت إعادة بناء العلاقات الخارجية لمصر بما يضمن تعزيز مكانتها الدولية أمرا بالغ الأهمية، وتضمن ملف العلاقات الخارجية لمصر سياسة فعالة من الرئيس السيسي تجاه الأزمات في الشرق الأوسط.
ويعتبر إحدى الأولويات للرئيس السيسي والحكومة في مصر هو دورها المنشود في الشرق الأوسطـ، حيث كان الدول المصري حاضرًا وفعالًا وظهر نشـاط السياسـة الخارجيـة المصريـة علـى مسـتوى التعامل معأزمات في الشـرق الأوسط في عدد من القضايا المهمة.
علاقات استراتيجية مع العراق
شهدت العلاقات المصرية العراقة فـي السنوات الأخيرة تناميا ملحوظا وتطورت إلى شراكة استراتيجية، ما يجسد الرغبة المصرية القوية في التقارب العربي وتطوير الرؤية المصرية تجاه العراق وخصوصًا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتعزيز العمل العربي المشترك فضلًا عن التعاون الاقتصادي والتحالف العراقي المصري الأردني فيما يعرف بـ"المشرق الجديد أو الشام الجديد"، وهو المشروع الذي سيعيد رسم خرائط النفوذ والتحالفات فـي المنطقـة حال اسـتكماله.
مقاربة متوازنة كبيرة تجاه سوريا
تغير التعامل المصري مع الأزمة السورية بعد ثورة 30 يونيو 2013 وأصبحت مقاربة متوازنة ركزت على الحلول السياسية وتكون بتوافق سوري – سوري ورفض التدخلات الأجنبية بالكامل والتأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وتحقيق وتعزيز مصالح وتطلعات الشعب السوري.
ولضمان هذه الرؤية دعمت مصر عددًا من المبادرات الدولية المهمة تجـاه الأزمة السورية منهـا اتفاقيـات وقـف التصعيد، واتفاقيـات المصالحة بيـن بعـض فصائل المعارضة والحكومة السـورية في يوليو وأغسطس من عام 2018، فضلًا عن مساندة مصر للشعب السوري في أعقاب الزلزال القاتل الذي وقع في شهر فبراير الماضي بإرسال مساعدات إنسانية ضخمة وأوفدت الحكومة وزير الخارجية سامح شكري للتعبير عن التضامن مع سوريا.
عودة الدور المصري بلبنان
تسببت الأزمات الداخلية في مصر فى غيابها عن الملف اللبناني لسنوات عديدة، ولكن مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكم عاد الدور المصري القوي للأزمة البنانية، وكان حضورا لافتا وقويا إلـى الحد الـذي جعل بعض الدوائر اللبنانية تنظر إلى الدور المصري باعتباره "الدورالخارجي الأكثر قبولًا من النخب السياسية المختلفة والشعب اللبناني".
ترتبط القاهرة بعلاقات متوازنة مع كل الفاعلين السياسيين في المشهد اللبناني وعلاقات أخرى قوية ومتوازنة مع القاعلين الدوليين والإقليميين، فـي هـذا السياق، يجـري المسؤولون المصريون مباحثات مسـتمرة مـع نظرائهم اللبنانيين، كذلـك أسهمت مصر فـي دعـم وإغاثة لبنان في أعقاب حادث انفجارمرفأ بيروت في أغسطس من عام 2020، وسيرت جسر جوي متواصل من المساعدات الكبيرة والمتعددة وخصوصًا المساعدات الطبية، حيث جاء الانفجار في ذروة انتشار فيروس كورونا، كما شاركت مصر في جهود إعادة الإعمار في بيروت.
انخراط فاعل في الأزمة الليبية
منذ اشتعال الأزمة الليبية تبنت القاهرة مسار دبلوماسي نشط تجاه الأزمة من خلال دعم مسارات الحلول السياسية، وخفض التصعيد على كل المستويات والعمل على وحدة وسيادة الأراضي الليبية ومواجهة كافة التهديدات الإرهابية حتى لا تتحول ليبيا إلى قاعدة عمليات نشطة للجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا.
ونجحـت مصر بالتنسيق مـع البعثة الأممية والمؤسسات الليبية فـي صياغـة مسار تسـوية اقتصادي، يرمي إلـى إبعـاد تفاعلات الصراع عـن الاقتصاد الليبي، وإنهـاء حالة الانقسام التي طـرأت علـى مؤسسـاته المالية، وهو مـا تكلل بالنجاح بإعلان توحيد أسعار صرف الدينار وتوحيد الموازنة للعام 2021.
دعمت مصر أيضًا الجيش الوطني الليبي، واسـتهدفت بضربات جوية معاقل تنظيم داعـش فـي مـدن الساحل الشرقي الليبي، وكثفت مـن جهودها لضبط الحدود، علاوة علـى ذلك، وقفت مصر أمام الدور الخارجي المزعزع لاستقرار ليبيا.
كذلك شاركت مصر في كافة المبادرات الرامية إلـى تسوية سياسية للأزمة مثل اجتماعات باريس في مايـو 2018 وباليرمـو الإيطالية في نوفمبـر 2018 ومؤتمر برلين يناير 2020 والعديد من الجوالت األخرى، وجلبـت الاطراف الليبية إلى طاولة التفـاوض والحـوار فـي العديـد من المناسـبات، واسـتضافت مجموعـات ممثلة لكافة التيـارات السياسـية الفاعلـة بالمشـهد الليبـي للوصـول إلـى أرضية توافقية.
دور مصري بارز منذ بداية الأزمة السودانية
تُعدّ مصر أحد أهم الفاعلين في المشهد السوداني، منذ إعلان القوات المسلحة السودانية عزل عمر البشير من السلطة في 11 أبريل من عام 2019، ومــا تبـع ذلك مـن تطورات وتداعيات، حتى النزاع المسلح الداخلي الذي اندلع بين الجيـش السـوداني وقـوات الدعـم السـريع، وقـد اكتسـب الدور المصري تجاه الأزمة السودانية منذ عـــزل البشير أهمية كبيرة في ضوء بعض المتغيرات السياسية ولعل أبرزها أن العزل جاء بالتزامن مع رئاسة مصر الاتحاد الإفريقي، فضلًا عن ما تحظى به القارهة من دور حيوي تجاه التطورات السودانية الداخلية بسبب الحدود الجغرافية المشتركة والعلاقات التاريخية القوية.