محسن يونس عن أثر حرب غزة على الأدب: المعايشة نصف الفعل الكتابي
قال الكاتب الروائي محسن يونس في تصريحات خاصة "الدستور"، عن مدى تأثير الحرب على غزة، إن المعايشة هي نصف الفعل الكتابي.
الكتابة الإبداعية تحتاج إلى وقت
وأضاف محسن يونس، بالتأكيد وباختصار يحتاج أمر الكتابة الإبداعية بالذات ، وليست الكتابة الخبرية أو الصحفية إلى وقت يطول أو يقصر، فهذا راجع إلى أسباب أخرى تميل معظمها نحو الكاتب نفسه ، ومدى تغلغل الأثر فى نفسه ، ومزاجه ، إلى إيمانه بهذا الأثر ، واعتقاده أنه يمثل قيمة له وللآخرين، وأن تعامله الإبداعى مع الحرب كمثال بين أيدينا وقد تابعناها من خلال بعض شاشات القنوات المرئية ، وكذا كل ما كتب من آراء ومتابعات يومية عبر وسائل اتصال مختلفة ، وهذا ليس مبررا لأن نمسك بأقلامنا ، أو نوقع على لوحات الكيبورد ، لننتج فى النهاية عملا إبداعيا ، له جدية وتأثير ، فإن المعايشة هى نصف الفعل الكتابى ، وربما يزيد .
وتابع صاحب رواية "حلواني عزيز الحلو"، يحضرنى هنا " هيمنجواى " ورائعته رواية " لمن تدق الأجراس" فلولا وجوده فى الحرب الأسبانية ، ومن قبلها تطوعه في الصليب الأحمر ، و ذهب الى الجبهة الإيطالية ، عمل كصحفي في تغطية العديد من الحروب، لم تكن تجاربه الروائية والقصصية أيضا بتلك الروح المتسمة بالعيش وسط الأهوال.
كيفية الكتابة عن الحرب
واستطرد محسن يونس، هناك بعض الكتاب العرب الذين كتبوا عن الحرب الأهلية اللبنانية ، ولكنا نظن أنكم تتحدثون عن حروب المقاومة والاستقلال ، فى هذا لا بد أن نطرح وجهة نظرنا هنا في من يتصدى للكتابة الإبداعية مفضلا أن تكون الحرب ساحتها ، وكل ما يلزم لعمله من حوار وصراع وأحداث تكون الحرب هى المسرح ، يمكننا إجمال من يتصدى للكتابة عن الحرب – من وجهة نظرنا - التركيز على الطرق التي يتم من خلالها استيعاب ، وإعادة اكتشاف الهوية ، اعتمادا على تأثير الحرب على ضمير الفرد ، خاصة وأنتم تتساءلون عن أثر حرب غزة والقضية الفلسطينية ، وما جرى فى محيطها الأرضى أوالفضائى من مواجهات ، يظل العامل الإنسانى فى الواجهة مهما تدخلت التكنولوجيا بوسائلها الحديثة ، فهى فى حد ذاتها لا تعنى شيئا فى عدم وجود الإنسان ، كل الحكايات لن يستطيع قصها بروح الصدق والتأثير المطلوبين إلا مشارك ، أو على الأقل مشاهد عيان .
واختتم محسن يونس صاحب رواية "حرامي الحلة"، أشرتم إلى العفوية والقصدية ، وهل يكون لإحداهما التأثير فى عملية الإبداع عامة ، نعتقد أن خير الكلام عن هذا هو أننى أريد شم رائحة البارود فى كتاباتك أو لوحتك أو عرض المسرحى أو فيلمك ، أريد أن ألمس ، أرى وأسمع المعاناة تحت القصف ، وقدرة الإنسان على المواجهة، والاستمرار بين دوى المقذوفات والقنابل ، دون استخدام لغة التقرير والإنشاء والوعظ وادعاء الحكمة، فالحرب فعل شديد العنف ، وعلينا تبيان أن فعل المقاومة فعل سامى، ولا يتساوى مع فعل الحرب العدائية من أجل احتلال أرض الغير ، أو ممارسة الإخلاء العرقى لسكان بلد ما ، كل هذا داخل عملية إبداعية تحافظ على كل أدوات الإبداع ، ولا تتنازل عنها تحت أية حجة ، تدخلها فى الاستسهال والسطحية.