بسبب حرب غزة وتراجع الدعم الغربي.. سيناريوهات توقيع اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا
مع تعثر الهجوم المضاد الذي طال انتظاره في أوكرانيا ضد روسيا قبل شتاء آخر وتركيز العالم الآن على حرب إسرائيل على غزة والمخاوف من تعثر تقديم الدعم الأمريكي العسكري لكييف، تتجه الانظار الان إلى ضرورة عقد اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
سيناريوهات توقيع معاهدة سلام بين روسيا وأوكرانيا
وبحسب تقرير لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، لم يتمكن الجنود الأوكرانيون حتى الآن من تحقيق مكاسب كبيرة ضد القوات الروسية المتحصنة في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها خلال هجومهم المضاد، ولا تزال الخسائر في كلا الجانبين - والتي تقدر بالفعل بمئات الآلاف - في تزايد.
ومع أن احتمال تحقيق نصر عسكري حاسم للقوات الأوكرانية أصبح بعيد المنال بسرعة وسط الهجوم المضاد الطاحن، فإن احتمالات حدوث صيف دموي آخر في العام المقبل تظل مرتفعة بشكل مخيف.
وقالت ديلي ميل، إنه مع فشل الهجوم المضاد واستمرار الحرب بين إسرائيل وفلسطين في الشرق الأوسط - يعني أن البعض يتساءلون عما إذا كان ينبغي للرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يفكر في التوقيع على معاهدة سلام مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لكن خبراء عسكريين قالوا إنه رغم جمود الوضع العسكري على الأرض، لا يستطيع زيلينسكي التوقيع على اتفاق سلام على المدى القصير على الأقل.
وقال تشارلي هربرت، وهو لواء سابق بالجيش البريطاني خدم في أفغانستان، إن الموافقة الأوكرانية على اتفاق سلام لن تؤدي إلا إلى تجميد "التطلعات القاتلة" لبوتين بدلا من إيقافها تماما.
وتابع "هل سيسعى الرئيس زيلينسكي إلى السلام الآن؟ بالتأكيد لا، ويقول إنه على الرغم من وجود "حتمية مؤكدة" لإنهاء الحرب من خلال شكل ما من أشكال الاتفاق السياسي، إلا أن ذلك لن يحدث على المدى القصير".
فيما قالت أليونا هليفكو، المديرة الإدارية لمركز أبحاث جمعية هنري جاكسون، للصحيفة البريطانية “إذا توصلت أوكرانيا إلى اتفاق الآن وسط هجوم مضاد طاحن مع القليل من المكاسب الإقليمية المهمة، فإن بوتين سوف يعود بعد عشر سنوات ويدمر أوكرانيا”.
وتابعت هليفكو “هذه حرب وجودية بالنسبة لأوكرانيا، وإذا توصلنا إلى اتفاق الآن، كما فعلنا في عام 2015، فلن يعود بوتين إلا بعد عشر سنوات للقضاء على الأمة الأوكرانية ككيان”.
من جهته اعتبر بن هودجز، القائد السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام الآن، موضحًا أن زيلينسكي يعرف أن بوتين "لا يمكن الوثوق به في أي مفاوضات" وأن روسيا "تلعب لعبة طويلة الأمد".
وقال هودجز لديلي ميل "لا يرغب زيلينسكي في تسوية أي شيء مع بوتين لأنه يعلم أنه لا يمكن الوثوق بروسيا في أي مفاوضات وأن الكرملين يلعب لعبة طويلة الأمد على أمل أن تضغط الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى على أوكرانيا للنظر في معاهدة سلام".
وتابع هودجز: “يعلم زيلينسكي أن عليه الحصول على شبه جزيرة القرم ولن يكونوا آمنين أبدًا طالما أن روسيا تحتل شبه جزيرة القرم ولن يتمكن زيلينسكي أبدًا من إعادة بناء أوكرانيا إذا كانت روسيا في شبه جزيرة القرم وكانت قادرة على إغلاق أو تعطيل جميع الموانئ الأوكرانية”.
أما كيفن رايان، العميد المتقاعد بالجيش الأمريكي، أكد أن أمن أوكرانيا والدول الغربية - وخاصة إستونيا وليتوانيا وبولندا على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي - سيكون في خطر إذا وقع زيلينسكي على اتفاق سلام الآن.
وقال رايان للصحيفة "أوكرانيا هي ساحة المعركة الأولى في حرب بوتين مع الغرب"، مضيفًا أن الدول الغربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم تدرك بعد أن هذه ليست مجرد حرب بين روسيا وأوكرانيا.
ويصر رايان على عدم توقيع أي اتفاق سلام قبل أن تستعيد القوات الأوكرانية الأراضي التي فقدتها في الغزو الروسي عام 2022 وكذلك شبه جزيرة القرم وعلى الدول الغربية أن تفعل المزيد لمساعدة أوكرانيا على تحقيق ذلك.
شروط روسيا لتوقيع اتفاق سلام مع أوكرانيا
فيما ذكرت صحيفة “كييف بوست” أن روسيا عرضت وقف غزوها لأوكرانيا بشرط أن تتخلى حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن طموحها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال ديفيد أراخاميا، زعيم حزب خادم الشعب ورئيس الوفد الأوكراني في المحادثات مع موسكو، إن روسيا اقترحت حلًا للصراع في ربيع عام 2022، حيث جرت محادثات السلام خلال المراحل الأولى من الحرب واسعة النطاق على حدود أوكرانيا وبيلاروسيا وتركيا.
وبحسب ما ورد اقترح الوفد الروسي إنهاء الحرب إذا تخلت أوكرانيا عن تطلعاتها في الناتو واتخذت موقفًا محايدًا، وقال أراخاميا إن التحول نحو الحياد سيتطلب تغييرًا دستوريًا، مع الأخذ في الاعتبار الالتزام الدستوري الحالي لأوكرانيا بعضوية الناتو.
وأوضح أراخاميا أن روسيا تعتبر حياد أوكرانيا شرطًا أساسيًا لاتفاق سلام محتمل. وتابع "لقد كانوا يأملون حقا حتى النهاية تقريبا أن يضغطوا علينا لتوقيع مثل هذا الاتفاق حتى نلتزم بالحياد. لقد كان ذلك أكبر شيء بالنسبة لهم".
وقال أراخاميا إن هناك عدم ثقة في صدق روسيا مضيفا "ليست هناك، ولم تكن هناك، ثقة في أن الروس سيفعلون ذلك. ولا يمكن القيام بذلك إلا إذا كانت هناك ضمانات أمنية".
وشدد أراخاميا على أن توقيع اتفاق دون مثل هذه الضمانات من شأنه أن يترك أوكرانيا عرضة لتوغل ثانٍ محتمل لأنه كان سيعطي روسيا فرصة لإعادة تجميع صفوفها والاستعداد لجولة أخرى من العدوان العسكري.