بطولات مسعفين مصر في غزة.. كنا الإيد اللي بتطبطب عليهم
تتواصل الملحمة الإنسانية لرجال الإسعاف المصريين على معبر رفح وبطولاتهم هناك، حيث يتولى هؤلاء الأبطال استقبال الحالات المصابة القادمة من الجانب الفلسطيني ونقلها عبر سيارات الإسعاف إلى المستشفيات المصرية، حيث تسود حالة من الترقب والاستنفار بين الكوادر الطبية ورجال الإنقاذ عند المعبر، فهم ينتظرون وصول سيارات الإسعاف من الجانب الفلسطيني التي تحمل الجرحى والمصابين من النساء والأطفال.
وسرعان ما يتأهب رجال الإسعاف لنقل الحالات بسرعة واحترافية إلى سياراتهم في مشاهد إنسانية مؤثرة، ثم ينطلقون بسرعة نحو المستشفيات التي حددها الكادر الطبي هناك لإنقاذ تلك الأرواح وتقديم العلاج العاجل، فهم يتحملون مسؤولية كبيرة في نقل معاناة شعب بأكمله وآماله في الشفاء والحياة.
وفي السطور التالية، قامت "الدستور" بالحديث مع عدد منهم، والذين عبروا عن أن رغبتهم في استمرارهم بمساعدة تلك الحالات التي تجعلهم يبكون لتأثرهم من القصص التي يرويها الفلسطينين لهم، من قصف وقتل وتشريد، ومقابلة ذلك بـ"طبطبة" وترحيب في وطنهم الثاني مصر.
محمد: موقف "الإمارات" مخزي.. و"ريما" و"عبدالله" أثروا فيّ
قال محمد سالم، أحد المسعفين المشاركين في نقل مصابي غزة للمستشفيات المصرية المنتدب من محافظة الإسماعيلية، إنه بدأ عمليات النقل منذ بداية فتح المعبر لأشقائنا الفلسطينين، حيث يتم استقبالهم بسيارات الإسعاف وتوزيعهم حسب توصيات الأطباء هناك، وهناك كثير من حالات الأطفال تم نقلهم لمستشفيات 57357 ومعهد ناصر ومستشفى السلام، وغيرها من المستشفيات التي تتوفر فيها الإمكانيات الطبية المطلوبة لكل حالة من المصابين القادمين، وليس هناك أي قصور في التعامل معهم أو توفير كل احتياجاتهم.
وعن الحالات التي أثرت فيه بشكل كبير، كان الطفل "عبدالله كحيل" هو الأصعب، وهو الطفل الذي طلب من الرئيس السيسي علاجه في مصر واستجاب له الرئيس وتم نقله إلى معهد ناصر لتلقي العلاج اللازم لحالته، وقد نجي هو ووالدته واستشهد أخوه "نضال" وأبناء عمومته في طريق عودتهم من المدرسة إلى منازلهم، بعد قصفتهم إحدى قذائف العدو الإسرائيلي فقتلت عائلته وطار هو تحت إحدى السيارات، فأصيب بتهتك في عظمة الفخذ الأيمن واليد اليسرى، "كان محتاج تجميع عضم من تاني"، كل الحالات صعبة جدًا، ما بين حالات الأورام والحروق الشديدة.
ويذكر أن الطفل "عبدالله" هو طفل فلسطيني (13 عامًا) خضع للفحوصات الطبية وتبين إصابته بكسور في عظمة الفخذ وجروح متفرقة وشظايا بالقدم مهددة بالبتر، إضافة لاختفاء الجلد من أجزاء الجسم، وسيخضع لإجراء جراحة تثبيت العظمة وإصلاح القدم، من خلال جراحة ميكروسكوبية، بحسب تصريحات الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة المصري.
وأكد أن هناك مجموعة من الأطفال أخذتهم دولة تركيا للعلاج في أراضيها، خاصة مرضى الأورام، أما ما فعلته دولة الإمارات فكان موقفًا مخزيًا، حيث جعلت الأطفال المصابين ينتظرون من وقت الظهيرة وحتى التاسعة مساءً، ثم اختاروا 7 أطفال فقط من الموجودين بعد أن قاموا بتصوير لقطات إعلامية بوجود ما يزيد عن 20 سيارة إسعاف إماراتية، "صوروهم وأخدوا اللقطة بالفيست اللي كانوا لابسينه وعليه علم الإمارات واختاروا 7 أطفال بس".
وتابع أن مصر تقوم بدورها على أكمل وجه، فنقوم باستقبال ترحيبي بالقادمين ونوفر لهم كل سبل الراحة، وكل محافظات الجمهورية مشاركة بسيارات الإسعاف، بناء على توجيهات وزارة الصحة والهيئة العامة للإسعاف، وأيضًا الأمر نابع من رغبتنا في المشاركة بهذا العمل الإنساني.
"مفيش حالة شوفناها إلا وخلتنا نبكي"، شاهد أسرة عبارة عن 5 أفراد، لم ينجُ منها سوى الطفلة "ريما"، ولديها حروق عديدة في وجهها ويديها، فاستشهد أبويها وأخواها وبقيت هي تعاني ألم فقدهم، أيضًا طفلة أخرى قام بنقلها إلى مستشفى السلام، تبكي وأمها وتقول: "نحنا عايشين في دمار وخراب والمساعدات ما بتوصلنا"، وحالة أخرى لأسرة 18 فرد لم ينجُ سوى أخين والأب لا يزال في غزة، أخبره أن أسرته كانت مجتمعة في منزل العائلة وتم قصفهم في لحظات ولم بتيقَ أحد سوى هذا الشاب وأخوه ووالدهما.
وأوضح أن مصر لم تحدد عدد معين لدخول الحالات المصابة، إنما الجانب الإسرائيلي يضيق الخناق حتى على المصابين، فيضربوا سيارات الإسعاف القادمة إلى مصر، فبدلًا من دخول 80 حالة مثلًا لا يدخل سوى 60 فقط، وهكذا.
رضا: "الشهيد الحي" ظل تحت الأنقاض وخرج صامدًا
قال رضا ماضي، أحد المسعفين المشاركين في نقل مصابي غزة للمستشفيات المصرية المنتدب من محافظة الإسماعيلية، إنه شارك في نقل المصابين منذ اليوم الأول للحرب في 7 أكتوبر الماضي وحتى اليوم، أغلبية المصابين الذي يتحدثون عن مصابهم من قصف ودمار وقتل وإصابات بالغة كلها حكايات مؤثرة تجعل المستمع إليها يبكي بحرقة.
وعن أكثر القصص المؤثرة التي شهدها كانت لطفل يبلغ من العمر 6 سنوات، استشهد كل أفراد عائلته وهو الناجي الوحيد منهم، وتم انتشاله من تحت الأنقاض بعد ساعات، فتم تسميته بـ"الشهيد الحي"، ورغم ذلك فهو صامد.
وعن بداية التعامل مع الحالات، حدثنا أنه بمجرد دخول سيارات الإسعاف الفلسطينية من معبر رفح تتوجه إليهم سيارة إسعاف مصرية ويرافقها عدد من الأطباء والمشرفين، فإذا كانت هناك إصابة في العمود الفقري يتم حمله بالأساليب الطبية الصحيحة لتجنب حدوث أي مضاعفات للمصاب وهكذا، وإذا كانت الحالة المصابة من الصعب تواجدها مع المسعف فقط يرافقه طبيب لحين الوصول إلى المستشفى مثل حالات الغيبوبة وصعوبات التنفس وحالات الصدمة، وأي حالة علاماتها الحيوية بها أي مشكلة، زيادة اطمئنان على الحالة، ويتم مراجعة أوراقه الشخصية وإذا لم يحمل أوراقًا فيتم عمل تأشيرة له بها كافة البيانات الخاصة به، ثم يأتي دور الأطباء لفرز الحالات وتحديد المستشفى المناسبة للتعامل مع حالة المصاب.
ورافق أطفال مصابين بالأورام المعدة والدم، فالحالات مستقرة، وهم مستمرون على عدد من الأدوية لتستقر حالتهم بهذا الشكل، وتم نقلهم بعد قصف المستشفيات الخاصة بعلاجهم، وأيضًا لاستكمال جرعات علاجهم في مصر وعدم تفاقم حالاتهم وانتكاس أوضاعهم.
وأوضح أن منطقة رفح المصرية لا يوجد بها سوى سيارات الإسعاف المصرية فقط والتي تفوق 3000 سيارة إسعاف، إنما كان هناك سيارات إسعاف من دول أخرى تركية وعمانية وكويتية موجودة في الجانب الفلسطيني لنقلهم إلى الجانب المصري، بسبب قصف سيارات الإسعاف الفلسطينية، بالتالي فمصر ليس لديها عجز في عدد سيارات الإسعاف، وكل حالة تأتي تجد سيارة لها لتنقلها إلى المستشفى التي ستعالجها.
وليد: كنت لـ"يزن" كالحارس حتى وصل لمستشفى السلام
قال وليد فتحي، أحد المسعفين المشاركين في نقل مصابي غزة للمستشفيات المصرية المنتدب من محافظة الإسماعيلية، إنه بدأ عمليات النقل منذ يوم 12 أكتوبر الماضي، مؤكدًا أن كل الحالات التي تعامل معها يؤسى لها وتحتاج إلى رعاية كبيرة، ما بين أطفال الأورام ومصابي الحروق وشباب كانت في غيبوبة تامة لتواجدها تحت الأنقاض لفترة طويلة.
وضمن الحالات المؤثرة التي لن ينساها كان الطفل "يزن محمود عاطف"، 12 عامًا، قام بنقله من مستشفى العريش إلى مستشفى السلام، وكان فاقدًا للأهلية، ولديه حرق في كل الأطراف، فكان بمثابة الحارس له حتى وصل إلى المستشفى، فتولى إطعامه وشربه وكل ما يحتاجه خلال الطريق، مشيرًا إلى أن كل الحالات التي رافقها لها قصص مروعة ولم يكن في يده سوى دعمهم وتشجيعهم على البطولات التي قدموها في سبيل استرجاع أرضهم، والترحيب بهم في بلدهم الثاني مصر.
وأوضح أن المريض منذ بداية دخوله عند سيارة الإسعاف المصرية، يتم مراجعة علاماته الحيوية من أكسجين ونبض وضغط وسكر وغيرها، وإذا كان في احتياج إسعافات أولية في حالة وجود خلل في الضغط أو السكر على سبيل المثال، فيتم استئذان الأطباء الموجودين لتعليق محلول محلول ملحي له إذا كان يعاني من انخفاض في ضغط الدم، وجلوكوز إذا كان لديه انخفاض في السكر، أو وضع أكياس ثلج بطريقة معينة لخفض درجة حرارته إذا كان يعاني من ارتفاعها، وهكذا، ويتم ذلك بإشراف ومتابعة الأطباء الموجودين.
وأكد أن الطاقم الصحي المتواجد، بداية من وزير الصحة حتى أصغر فرد في الفريق عند المعبر كان يمارس دور الدعم النفسي للحالات المصابة، فهم في حاجة إليه بشكل أكبر من العلاج الجسدي، "كنا بنطبطب عليهم"، ولا نغفل دور الهلال الأحمر في الدعم النفسي والمعنوي للحالات.
وزير الصحة: لدينا 150 سيارة إسعاف لنقل الجرحى
وفي تصريحات بالأمس للدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، أكد أن مصر استقبلت عددًا من الجرحى الفلسطينيين في مستشفيات مصر، لافتًا إلى وجود 150 سيارة إسعاف لنقل الجرحى الفلسطينيين، مصطفين أمام معبر رفح لاستقبال الجرحى.
الهلال الأحمر المصري: يتم الآن إجلاء 28 طفلًا إلى المستشفيات المصرية
وعبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أكد الهلال الأحمر المصري أنه يتم الآن إجلاء أكثر من 28 طفلًا فلسطينيًا مصابًا لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية وذلك عبر سيارات إسعاف مجهزة، وأن متطوعيه يعملون على مدار الساعة على فرز وتجهيز المساعدات الإنسانية العاجلة بمراكز القاهرة والعريش، تمهيدًا لتسليمها إلى الهلال الأحمر الفلسطيني.