"الحركة الصهيونية وتهجير فلسطين".. ماذا جاء فى خطاب عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
في فبراير1969 انتخب الزعيم والمناضل الفلسطيني ياسرعرفات رئيسا لتحرير حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وبعدها بخمس سنوات تحدث عرفات في خطاب مفتوح أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مثل هذا اليوم الموافق 13 فبراير 1974.
حق تقرير المصير
قال ياسر عرفات "إننا نعيش في عالم يطمح للسلام وللعدل وللمساواة وللحرية، يطمح إلى أن يرى الأمم المظلومة الرازحة تحت الاستعمار والاضطهاد العنصري وهي تمارس حريتها وحقها في تقرير المصير.
ويطمح إلى أن يرى العلاقات الدولية بين الدول كافة، تقوم على أساس المساواة والتعايش السلمي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتأمين السيادة الوطنية والاستقلال، على أساس العدل والتكافؤ والمنافع المتبادلة.
وأكد عرفات على أن ما زالت شعوب كثيرة منها زمبابوي وناميبيا وجنوب أفريقيا وفلسطين وغيرها ضحية للعدوان والقهر والبطش، وتشهد تلك المناطق من العالم صراعًا مسلحًا فرضته قوى الاستعمار والتمييز العنصري ظلمًا وإرهابًا، فاضطرت الشعوب المضطهدة إلى التصدي له، وكان تصديها عادلًا ومشروعًا.
سباق التسليح
وطالب عرفات بالحد من السباق على التسلح، وصولًا إلى تدمير الأسلحة النووية وتخصيص ما يصرف من مبالغ طائلة على مجالات التقنيات العسكرية في ميدان تقدم العلوم وزيادة الإنتاج وتحقيق الرفاه للعالم، وهذا ما تتوقع الشعوب على أن تعمل هيئتكم (هيئة الأمم المتحدة) باتجاهه.
حرب نووية
ما زال الاضطراب على أشده في منطقتنا، فالكيان الصهيوني مثبت بالأراضي العربية التي احتلها، ويتابع عدوانه علينا، بجانب استعداداته العسكرية المحمومة بشن حرب عدوانية جديدة ستكون الخامسة في سلسلة حروبه العدوانية، ولنا أن نتحسب مع ما يصدر من إشارات عنه من أن تكون حربًا نووية تحمل الفناء والدمار.
وأكد عرفات على أن “إيماننا بالنضال السياسي والدبلوماسي، مكملًا معززًا لنضالنا المسلح، وتعبير عن تقديرنا للدور الذي يمكن للأُمم المتحدة أن تقوم به في حل المشكلات العالمية، بعد أن تغيرت بنيتها في صالح أماني وآمال الشعوب، وفي حل مشكلتنا التي تتحمل فيها المؤسسة الدولية مسئولية خاصة”.
الحركة الصهيونية وتهجير الفلسطينيين
وأشار عرفات إلى أن الحركة الصهيونية عمدت إلى تهجير حوالي خمسين ألف يهودي أوروبي بين عامي 1882 و1917، لاجئة إلى شتى أساليب الاحتيال لتغرسهم في أرضنا، ونجحت في الحصول على تصريح بلفور من بريطانيا، فجسد التصريح حقيقة التحالف الصهيوني الاستعماري، وعبر هذا التصريح عن مدى ظلم الاستعمار للشعوب، حيث أعطت بريطانيا وهي لا تملك وعدًا للحركة الصهيونية وهي لا تستحق، وخذلت عصبة الأمم بتركيبها القديم شعبنا العربي
وعلى مدى ثلاثين عامًا بعد صدور تصريح بلفور، نجحت الحركة الصهيونية مع حليفها الاستعماري، في تهجير مزيد من يهود أوروبا واغتصاب أراضي عرب فلسطين، وهكذا أصبح عدد اليهود في فلسطين عام 1947 حوالي ستمائة ألف يملكون أقل من 6% من أراضي فلسطين الخصبة، بينما كان تعداد عرب فلسطين حوالي مليون وربع المليون نسمة.
وبفعل تواطؤ الدولة المنتدبة مع الحركة الصهيونية، ودعم الولايات المتحدة لهما، صدر عن هذه الجمعية وهي في بداية عهدها التوصية بتقسيم وطننا فلسطين في 29 نوفمبر 1947 وسط تحركات مريبة وضغوط شديدة؛ فقسمت ما لا يجوز لها أن تقسم: أرض الوطن الواحد، وحين رفضنا ذلك القرار؛ فلأننا مثل أم الطفل الحقيقية التي رفضت أن يقسم سليمان طفلها حين نازعتها عليه امرأة أخرى، ومع ذلك فقد منح قرار التقسيم المستوطنين الاستعماريين 54% من أرض فلسطين، وكأن ذلك لم يكن كافيًا بالنسبة إليهم؛ فشنوا حربًا إرهابية ضد السكان المدنيين العرب واحتلوا 81% من مجموع مساحة فلسطين، وشردوا مليون عربي، مغتصبين بذلك 524 قرية ومدينة عربية، ودمروا منها 385 مدينة وقرية تدميرًا كاملًا محاها من الوجود، وحيث فعلوا ذلك أقاموا مستوطناتهم ومستعمراتهم فوق الأنقاض وبين بساتيننا وحقولنا.
ومن هنا يبدأ جذر المشكلة الفلسطينية، أن هذا يعني أن أساس المشكلة ليس خلافًا دينيًا أو قوميًا بين دينين أو قوميتين؛ وليس نزاعًا على حدود بين دول متجاورة. إنه قضية شعب اغتصب وطنه وشرد من أرضه لتعيش أغلبيته في المنافي والخيام.
وقد استطاع هذا الكيان الصهيوني وبدعم من دول الاستعمار والامبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن يتحايل على هيئة الأمم لقبوله في عضويتها، ومن ثم على شطب قضية فلسطين من جدول أعمالها، وتضليل الرأي العام العالمي بتصوير المشكلة كمشكلة لاجئين بحاجة إلى عطف المحسنين أو إعادة توطينهم في بلاد الآخرين.