حب الذات للدكتور ديفيد هاميلتون
كم من الحب تحمل تجاه ذاتك؟ لا أتكلم عن الحب النرجسي، بل عن الاحترام الأساسي للذات الذي يمدك بالقوة ويساعدك على الإبحار في رحلة الحياة، هذا النوع من الحب الذي يجعلك قادرًا على الشعور بالأمان والحماية التي أنت عليها حقيقة، ويلهمك كي تقوم بصنع اختيارات جيدة بالنسبة إلى ذاتك الأصيلة.
عندما لاحظ العالم ديفيد هاميلتون أن قلة حبه لذاته كادت تدمره مرات ومرات، وضع نفسه في تجربة ابتكرها وقرر اختبارها على نفسه، تعمق ديفيد هاميلتون أكثر من سنة في دراسة أحدث الأبحاث المتعلقة بكيمياء الدماغ وعلم الأعصاب والعلاج النفسي وتقنيات تطوير الشخصية، وقد توصل إلى العديد من النتائج التي أوضحها من خلال كتابه "أنا أحب ذاتي".
1. إن حب الذات لا يعني أن تحب ذاتك بدلًا من الآخرين ولا يعني أيضًا أن تبدأ في محبة ذاتك عندما تنتهي من محبة الآخرين فليس هناك إشارة إلى الآخرين أبدًا، والأمر في غاية البساطة، عليك أن تحب ذاتك.
2. إن تعلم حب الذات يتضمن أن نكون مرتاحين مع أنفسنا كما نحن، وأن نكون على طبيعتنا.
3. أن تحب ذاتك يعني أن تكون جديرًا بالثقة، مخلصًا، صادقًا مع نفسك، هذا يكفي، ومن يحبك فليحبك كما أنت.
4. إن نقص حب الذات أمر مكتسب، فلم تولد حاملًا تلك الفكرة، لقد تعلمت ذلك في مكان ما في مسيرتك، وعلى الأرجح عندما كنت في سن السادسة أو السابعة من عمرك ومع مرور الوقت أصبح ذلك طبيعيًا بالنسبة إليك، وأصبح متشابكًا وموصولًا في دماغك.
5. مراحل حب الذات ثلاث أولها أن تشعر "أنك لست كافيًا" والثانية تقول لنفسك "لقد تحملت بما فيه الكفاية"، والتي تصبح بعد ذلك "أنا كاف".
6. يقضي معظمنا أغلب وقته في المرحلة الأولى "أنا غير كافٍ"، على الرغم من أننا لا نلاحظ ذلك، وفي هذه المرحلة يقل الوعي والإدراك ونكون في حاجة إلى الحصول على إعجاب الناس علاوة على قلة الثقة في أنفسنا، وعندما تشعر أنك غير كاف يصبح من السهل على البشر استغلالك.
7. عندما تشرع في رحلتك لحب الذات، يرحل عنك الشعور بأنك في حاجة إلى إثبات نفسك أمام أي شخص وتصل بسرعة إلى مساحة تضيق فيها ذرعًا من كل شىء، لقد اكتفيت من شعورك بأنك أقل مكانة ممن حولك، لقد اكتفيت من تجاوزهم لك بشأن الترقيات، لقد اكتفيت من معاملتهم لك على نحو سيئ أو استغلالهم لك، لقد اكتفيت من الشعور بأنك صغير، لقد اكتفيت من الشعور بالخوف، لقد اكتفيت من عدم وجود الثقة في نفسك، لقد اكتفيت من هدر طاقتك.
8. عند هذه النقطة لن يعود إلينا الشعور بعدم القدرة على التحكم بحياتنا، وعلى الرغم من أنه لا تعجبنا ظروفنا الحالية، ولكننا ندرك أن الشئ الوحيد الذي يمكننا السيطرة عليه هو أنفسنا وندرك أننا نملك القوة من أجل تشكيل واقعنا الشخصي أكثر مما نظن، هذه المرحلة هي التي تتخذ فيها القرارات كما تتشكل فيها العلاقات سواء كانت قوية أو محطمة، نحصل على الترقيات، وفرص عمل جديدة، نجد احترامًا مختلفًا، في هذه المساحة نقرر أن نصنع التغييرات في حياتنا، إنه المكان الذي نبدأ فيه الشعور بالحرية.
9. بعد وقت يصل العديد منا إلى مرحلة "أنا كافٍ" وفي هذه المرحلة نحن لسنا في حاجة إلى اثبات قيمتنا، أو مضطرين إلى الموافقة على كل شئ، لا نحتاج أيضا أن يحبنا الآخرون، ولا نخاف من إظهار نقاط ضعفنا، كما أننا نكون قادرين على رعاية أنفسنا على نحو أفضل وعندها تصبح الحياة أكثر سلاسة.
10. إنها حالة من الرضا، إذا نكف عن مقاومتنا للحياة، وعندما نقوم بذلك نمتلك فعليًا المزيد من التأثير على حياتنا، إنها حالة الامتنان تجاه البشر حولنا وما تحتويه الحياة.
11. أن الأشخاص الذين يعرفون أنهم كفاية لا يسألون حتى عن قيمتهم إذ يظهر حب الذات لديهم كشئ مسلم به، نابع من طبيعتهم.
12. يتصرف بعض الأشخاص بطريقة سيئة بسبب إحباطهم من حياتهم، عملهم، علاقتهم العاطفية، أو أنهم كانوا يريدون فعل أشياء لم يستطيعوا القيام بها.
13. إن الأشخاص الذين يضايقون، يهيمنون، ويتحكمون بالآخرين لديهم شعور بالنقص وإلا فلماذا يحاولون السيطرة؟!، إنهم عندما يفعلون ذلك يستبدلون إحساسهم بالنقص إلى شعور بالكفاية المؤقتة.
كيف تتعامل مع عيوبك وتدعم تقديرك لذاتك؟
مما لا شك فيه أنه لا يوجد إنسان مثالي أو كامل ولكن البعض منا يهتم بشدة برأي الآخرين فيه، قد يكون ذلك لأنهم ذوو إحساس مرهف ، أو ربما لأنهم منخفضون في تقديرهم لذواتهم، فنحن إذا شعرنا بدونيتنا وعدم أهميتنا وقلة قيمتنا فسوف نقتل أنفسنا جهدًا لمحاولة إثبات العكس، وقد لا نوافق فقط على كل مطلب من أولئك الذين نتوق للحصول على استحسانهم فقط، ولكننا ربما نتطوع للقيام بأشياء لهم قبل أن يطلبوها منا!
إليك مجموعة من النصائح التي تساعدك على تقبل عيوبك وتدعم تقديرك لذاتك:
- فكر جيدًا قبل أن تأخذ على نفسك أي التزام، هل تستطيع بالفعل الوفاء به أم لا؟
2. لا تعتقد أن إرضاءك للآخرين سيجعلك دومًا محبوبًا.
3. تقبل حقيقة أنك ستقع في أخطاء من آن لآخر مثل أي شخص وهذه الأخطاء هي فرصتك للتعلم، وعندما لا تفعل ما يتوقعه الآخرون منك فلن يكون هذا هو نهاية العالم، وإذا ارتكبت خطأ ما لم تعتدي بشدة على أحد أو ترتكب جريمة، فإن هذا الخطأ سيتلاشى على الأرجح مع بزوغ شمس يوم جديد.
4. اتفق مع الناس الذين ينتقدونك بوجه حق، فعندما ينتقدك أحدهم بما تستحق فمن الأفضل أن تعلن موافقتك لما يقول، وألا تدافع عن نفسك، فمثلًا انتقدك شخص ما قائلًا: تأخرت في السهر مرة أخرى وستكون مرهقًا في الغد، فيمكن أن ترد عليه: لك الحق فيما تقول، وسيراعى ذلك.
5.تجنب الأشخاص الذين يريدون منك دائمًا أن ترضيهم، فعندما نأخذ على عاتقنا من الالتزامات ما لا نطيق لفترة ممتدة من الوقت، فإننا ندمر أنفسنا، فعاجلًا أم آجلًا يجعلنا التوتر مشتتين وكثيري النسيان، وعرضة لاضطرابات النوم، ونصبح كلاعبي السيرك الذين يقذفون بالكثير جدًا من الكرات في الهواء وعندما نتحمل من الالتزامات ما لا نطيق نصبح أيضًا غاضبين في أعماقنا، وللأسف فإننا لا نوجه غضبنا هذا فقط إلى من يطلبون منا أداء بعض الأشياء التي تفوق طاقتنا ولكننا نوجهه أيضًا إلى أنفسنا لموافقتها على ما يطلبون، وهذا الغضب الداخلي يؤدي بنا إلى الاكتئاب.
6. قل "لا": تعامل مع كل موقف اجتماعي بإدراك أنك غير مضطر لقول "نعم" أمام كل مطلب، قل "لا" لأنك بالفعل لديك من المشاغل ما يكفيك، قل "لا" لكي تؤسس نمطًا لعاداتك أكثر صحية.
7.ولكي تقدر ذاتك تقديرًا كبيرًا، فأنت غير مضطر للحط من شأن الآخرين أو أن تضع نفسك دائمًا في مكان الصدارة، أنت ببساطة ينبغي أن تهتم بنفسك الاهتمام الملائم بما يعني أنك ترفض القيام بشيء عندما يكون لديك بالفعل مشاغل أهم، فمن الضروري أن تزن التزاماتك العديدة وتناقش بترو مع نفسك والآخرين أي تعهدات جديدة.
• "كلما كنا ذواتنا الحقيقية، انجذب إلينا الناس"، وهو ما يعرف بقانون "الجاذبية الشخصية"،عندما تجد ذاتك الحقيقية، سيجدك أيضًا الناس الذين يحتاجون أن يكونوا في حياتك.
• كلما كنا على حقيقتنا، شعرنا على الأغلب بالراحة، وبناء عليه أصبحنا أكثر إنتاجًا وإبداعًا.
• إن كونك في سلام يعني تقبل نفسك، عيوبك، أخطاؤك، أجزاؤك المتذبذبة، نقاط ضعفك، عاداتك، حقيقة أنك تخاف، أنك لست واثقًا دائمًا، أنك أحيانًا تشعر الفوضى العارمة، وأحيانًا تشعر أنك لا تعرف ماذا تفعل؟
• إن حب الذات أوسع من احترام الذات، إنه يحتوي على (الحنو على الذات) بينما احترام الذات ليس كذلك، عندما يكون لدينا حب ذات حقيقي وتأتي خيبة الأمل، نتفهم أنه لا بأس.
• إن حب الذات ليس أنانية، إنه لا يعني أن تحب نفسك بدلًا من الآخرين"، في الحقيقة كلما أحببنا ذواتنا أكثر، أصبح لدينا المزيد من الحب نهبه إلى الآخرين.
• إن حب الذات مثل لوح الصابون الداخلي، إنه ينظف قلوبنا وتفكيرنا، تاركًا لدينا مساحة كبيرة من أجل التعاطف واللطف.
• إن وجود مجموعة صغيرة من الناس يمتلكون التعاطف واللطف في قلوبهم يستطيعون تغيير العالم.
• إن الحنو على الذات أو حب الذات هو ترياق النقد الذاتي وهو أيضًا يخفف الألم عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها. إنه فن معاملة أنفسنا بالصبر والحلم ذاته وبالتفهم واللطف الذي قد يمتد إلى الآخرين عندما نرتكب خطأ أو نشعر بالألم أو خيبة الأمل، أو نفشل في شىء.
• يقول د. روبرت هولدين " إذا كنت تعتقد أن هناك شي مفقود في حياتك فعلى الأغلب هذا الشىء هو أنت".
• يفكر البشر كثيرًا، بينما يحتاجون إلى العيش فقط في اللحظة الحالية،نحن البشر نبطئ من شفائنا من الأمراض والأذى لأننا نركز كثيرًا على ما يؤلم وعلى ما لا نستطيع القيام به.
• العديد منا تعلموا وضع أنفسهم في آخر القائمة وكعاقبة لذلك نجذب إلينا مشاعر تنطوي على القصور وعدم الاستحقاق وتتراكم تلك المشاعر بداخلنا ونواصل حياتنا ونتعرض للمزيد من المواقف، التي تؤكد ذلك وعلينا أن نغير ذلك التفكير.
• ما لم تكن تشعر بالإشباع الداخلي التام فلن يكون لديك شئ تعطيه لأي شخص وبالتالي فمن الحتمي أن تهتم بنفسك أولًا وأن تهتم ببهجتك أولًا فالناس مسئولون عن بهجتهم الخاصة وحين تحرص على بهجتك الخاصة ستكون مصدر بهجة لمن حولك وحين تشعر بالبهجة لن تكون مضطرًا للتفكير بشأن العطاء، لأنه سوف يتدفق منك بشكل طبيعي.