الكنيسة البيزنطية تحتفل بذكرى زلزلة القسطنطينية العظيمة
تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى حدوث الزلزلة العظيمة التي هدمت القسطنطينيّة سنة 740، في عهد الإمبراطور لاون الايصوري، أوّل الملوك محاربي الأيقونات. وهذا بجانب ذكرى الشهيد المفيض الطيب، وولد العظيم في الشهداء ديمتريوس في مدينة تسالونيكي، واستشهد فيهما في عهد الإمبراطورين ديوكليسيانوس ومكسيميانوس، في أوائل القرن الرابع. ويروي المؤرخون الكنسيّون أن الإمبراطور مكسيميانوس، إذ كان مارًّا بمدينة تسالونيكي وأراد أن يحضر فيها الألعاب، أمر أحد المصارعين البرابرة المدعو لوهاوس، من المقرّبين إليه، أن ينـزل إلى الحلبة ويتحدّى كل سكّان المدينة لمصارعته. ولمّا لم يتقدّم أحد، أسرع أحد المسيحيّين المدعو نسطر إلى ديمتريوس، وكان ملقىً في السجن فنال بركته وحظي بتشجيعه، ثم نازل المصارع البربريّ وقتله.
ولمّا علم الإمبراطور أنَّ نسطر فعل ذلك بتحريض من ديمتريوس، أمر بقتل ديمتريوس ونسطر معًا. ولكثرة العجائب التي كان يُنعم بها الله على الذين يستشفعون القدّيس ديمتريوس بحرارة وإيمان، أقام لاونديوس حاكم الإليريكون، سنة 412-413، معبدًا فخمًا على اسم القدّيس الشهيد في موطنه تسالونيكي.
العظة الاحتفالية
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: كلّ ما كان على الرّب يسوع المسيح أن يفعله على الأرض كان قد تمّ الآن؛ لكن كان يجب أن نصير "شُرَكاءَ الطَّبيعَةِ الإِلهِيَّة" للكلمة، أي أن نتخلّى عن حياتنا الخاصّة لتتحوّل إلى أخرى... في الواقع، طالما كان الرّب يسوع باقيًا بالجسد مع المؤمنين، أعتقد أنّه كان سيبدو لهم كواهب لكلّ الخيرات. لكن حين يحين موعد صعوده إلى أبيه في السّماوات، يفترض أن يكون حاضرًا بروحه قرب مؤمنيه، "وأَن يُقيمَ... في قُلوبِنا بالإِيمان".
لقد تحوّل البشر الذين حلّ عليهم الرُّوح القدس وسكن فيهم؛ لقد نالوا منه حياة جديدة كما يمكننا رؤية ذلك من خلال أمثلة من العهدين القديم والجديد. فصموئيل، بعد أن وجّه خطابًا طويلًا لشاوُل، قال له: سوف "يَنقَضُّ علَيكَ روحُ الرَّبّ، وتَتَنَبَّأُ أَنتَ معَهم وتَصيرُ رَجُلًا آخَر". أمّا القدّيس بولس فقال من جهته: "ونَحنُ جَميعًا نَعكِسُ صورةَ مَجْدِ الرَّبِّ بِوُجوهٍ مَكشوفةٍ كما في مِرآة، فنَتَحوَّلُ إِلى تِلكَ الصُّورة، ونَزدادُ مَجْدًا على مَجْد، وهذا مِن فَضْلِ الرَّبِّ الَّذي هو روح".
أنتم ترون كيف أنّ الرُّح يحوّل إلى صورة أخرى أولئك الذين نراه يسكن فيهم. هو يحوّل بكلّ سهولة من التعلّق بالأمور الأرضيّة إلى النظرة الموجّهة حصريًّا نحو الحقائق السماويّة؛ من الجبانة الخجولة إلى المشاريع البطوليّة. نحن نعتبر أنّ هذا التغيير حصل عند التلاميذ؛ فبعد أن قوّاهم الرُّوح، لم تتمكّن هجمات المضطَهِدين من شلّهم؛ بل على العكس، ارتبطوا بالرّب يسوع المسيح من خلال حبّ لا يُقهر. هذا أمر لا مجال للشكّ فيه. إنّه إذًا حقيقي كلام المخلّص: "إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب". لأنّ موعد حلول الرُّوح قد حان.