ورطة إسرائيل.. 4 عقبات تؤجل الاجتياح البرى لغزة
أزمات عدة تحيط بإسرائيل، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فى ظل التصعيد العسكرى المستمر منذ أكثر من أسبوعين مع قطاع غزة المحاصر، وتحد من قدرته على اتخاذ خطوات ملموسة فى حربه ضد حركة حماس الفلسطينية فى القطاع، أو فرض أجندته على الصراع، على رأسها الخطر الذى يهدد مستقبله السياسى، لكونه يتحمل الجانب الأكبر فى الفشل الإسرائيلى فى مواجهة هجوم حماس منذ البداية.
منذ بداية التصعيد، صرح نتنياهو، أكثر من مرة، بأن الجيش الإسرائيلى يستعد لاجتياح برى للقطاع، بجانب الغارات الجوية العنيفة، التى يتم شنها، فى خطوة تهدف لتدمير البنية التحتية للقطاع المحاصر، وتمهد للدخول البرى لاحقًا، لكن ذلك الاجتياح تأجل موعده أكثر من مرة، فى ظل المشكلات الداخلية والخارجية التى تواجهها إسرائيل، والتى تجعلها عاجزة عن اتخاذ قرار نهائى بشأن الحرب المقبلة وأهدافها، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية.
حملة «خاب أملنا» تضع مستقبل «نتنياهو» على المحك
حملة واسعة بدأت على مواقع وسائل التواصل الاجتماعى فى إسرائيل، تطالب بتأخير الاجتياح البرى لقطاع غزة، الذى تروج له حكومة نتنياهو، منذ اندلاع موجة التصعيد الحالى، فى ٧ أكتوبر الجارى.
وتشمل تلك الحملة نشر مقاطع فيديو وصور للغارات التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى على غزة، وتتضمن تعليقات مثل: «حياة جنودنا أولًا»، و«تدمير البنية التحتية لغزة يجب أن يتم قبل الدخول البرى»، ما يعنى أن الحملة تدعو إلى تأخير الدخول البرى مع استمرار القصف الجوى لتدمير القطاع.
وتم تخصيص صفحة محددة لتلك الحملة على مواقع التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى إنشاء موقع لها، وسط تفسيرات إسرائيلية بأن تلك الحملة يتم تدعيمها من أجل التأثير على مستقبل نتنياهو السياسى، أو التعجيل باستقالته من منصبه، لتحمله مسئولية الفشل الإسرائيلى فى الهجوم الأخير.
وكشف موقع «والا» الإسرائيلى عن أن تلك الحملة يقف خلفها مقربون من نتنياهو، أبرزهم ران بارتز، المستشار الإعلامى السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، وعدد من الذين دشنوا تلك الحملة تحت شعار «خاب أملنا»، التى انتشرت بشكل واسع خلال الأيام القليلة الماضية.
كما شارك فى تلك الحملة عدد من المقربين من نتنياهو فى الوسط الإعلامى، أو من أعضاء الكنيست، ومن بينهم عميت هاليفى، عضو الكنيست عن حزب الليكود.
ويقول القائمون على تلك الحملة إنها مجرد مبادرة مستقلة لتأخير الدخول البرى لغزة، وليست لها علاقة بمستقبل نتنياهو، بينما ترى عدة أوساط فى إسرائيل أن الحملة تضع ضغطًا متزايدًا على رئيس الوزراء الإسرائيلى.
الغضب من فشل التصدى لهجوم حماس يهدد الائتلاف الحاكم.
الغضب من فشل التصدي لهجوم حماس يهدد الائتلاف الحاكم
تشهد حكومة نتنياهو، أيضًا، حالة غضب ربما تؤدى تبعاتها إلى انقسام الحكومة، بسبب عدم تقبل نتنياهو إعلان تحمله مسئولية الفشل الإسرائيلى أمام هجوم الحركات الفلسطينية، حتى الآن.
ويفكر ٣ وزراء إسرائيليين- على الأقل- فى الاستقالة من الحكومة، وإجبار نتنياهو على تحمل المسئولية، وذلك حسب ما كشفت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الائتلاف الحكومى الحالى يواجه حقيقة أن هناك نحو ٥ وزراء يتحملون مسئولية كبيرة فى مواجهة الفشل الإسرائيلى الذى حدث فى الهجوم الأخير، وهم أيضًا ربما يجبرون نتنياهو على الاعتراف علنًا بتحمله المسئولية.
وبجانب وزراء الحكومة الإسرائيلية الذين يفكرون فى الاستقالة، فإن هناك أيضًا عددًا من أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومى برئاسة نتنياهو يفكرون فى الاستقالة، ويناقشون مدى إمكانية ذلك، خاصةً أنه قد يؤدى إلى تفكك الحكومة، وهو أمر صعب حدوثه حاليًا فى ظل الحرب.
ويرى أعضاء الكنيست أن الهجوم الأخير الذى تعرضت له إسرائيل خطأ الجميع، وليس خطأ أشخاص بأعينهم، ليس فقط بسبب فشل التصدى للهجوم، ولكن أيضًا بسبب انهيار الخدمة العامة وتوقف عمل الوزارات الحكومية؛ بسبب التعيينات التى وصفوها بـ«الفاشلة».
الخلافات بين السياسيين والعسكريين حول أهداف العملية
تمر العلاقات بين حكومة نتنياهو والجيش الإسرائيلى بأزمة ثقة واسعة، خلال التصعيد الحالى فى قطاع غزة، إذ يجد الطرفان صعوبة فى الاتفاق حول قرار بعينه لاستكمال الحرب الحالية ضد غزة.
ويقول مسئولون سياسيون وعسكريون إسرائيليون إن الحكومة تواجه صعوبة فى التوصل إلى قرارات متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية للحرب الحالية، مشيرين إلى أن نتنياهو غاضب من كبار مسئولى الجيش الإسرائيلى ممن يتحملون المسئولية، وفق تصوره، لكل ما حدث، كما يبدو أن هناك صعوبة فى المناقشات بينه وبين يوآف جالانت، وزير الجيش الإسرائيلى.
الحلقة الضعيفة فى هذه المعادلة هى الحكومة، إذ كشف مسئولون إسرائيليون عن أن نتنياهو منع اتخاذ قرار بشأن عملية استباقية فى الشمال، الأسبوع الماضى، رغم أن الجيش أوصى بتنفيذها، وأن ذلك جاء فى إطار نقاش إسرائيلى أمريكى حول ضرورة تجنب هجوم إسرائيلى وقائى فى لبنان.
ويرى الجيش الإسرائيلى أن اللوم فيما حدث يقع على المستوى السياسى، الذى لم يحدد أهدافًا واضحة للجيش، ما صعّب من إمكانية الذهاب إلى الحرب بشكل مباشر.
وعلقت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على الأمر قائلة: «قد يكون هذا صحيحًا، الجيش الذى يذهب إلى الحرب دون توضيح الأهداف كيف سيعرف ما إذا كان سينتصر؟».
وكذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية والجيش لم يناقشا بشكل جاد كيف سيكون الواقع فى غزة بعد القضاء على حماس، فى حال تم القضاء عليها، ما يصعب أمر الاجتياح البرى للقطاع دون تعريف واضح لمتى وكيف ستخرج القوات، وماذا ستخلف وراءها.
الضغوط الأمريكية لتأجيل التوغل حتى حل أزمة الرهائن.. وتحييد إيران
فى الوقت نفسه، تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا قوية على نتنياهو من أجل تأجيل الدخول البرى إلى قطاع غزة، لا سيما فى الوقت الحالى، وهو ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بقولها إن البيت الأبيض نصح إسرائيل بتأجيل العملية.
وحسب «نيويورك تايمز» فإن هناك أهدافًا أمريكية خلف هذه النصيحة، الأول هو كسب مزيد من الوقت للمفاوضات بشأن إطلاق سراح الرهائن، والثانى هو منح وقت كافٍ أيضًا للاستعداد الأمريكى لمواجهة هجمات قد تنفذها ميليشيات موالية لإيران ضد أهداف أمريكية فى الشرق الأوسط.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات مع حركة حماس، إن الحركة حذرت من أن الدخول البرى للجيش الإسرائيلى إلى قطاع غزة من شأنه أن يقلل من فرص إطلاق سراح المزيد من الرهائن. فيما أكدت مصادر أمريكية أن وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، الذى يضع الأولوية لإطلاق سراح الرهائن، هو من أعطى إسرائيل النصيحة بالتراجع عن الدخول البرى، وأنه يتحدث بشكل شبه يومى مع نظيره جالانت، ويناقشان الأمور العملياتية وشحنات الأسلحة إلى إسرائيل ونشر الجيش الأمريكى فى المنطقة. وأشار مسئولون أمريكيون إلى أنهم يأملون فى تأجيل الدخول البرى إلى غزة، لكنهم يشعرون بالقلق مما سموه «اللعب لصالح رواية إيران وحلفائها»، قائلين إنهم لا يريدون ترك انطباع بأن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن تسيطر على كل الخيوط، ما قد يدفع أمريكا إلى مواجهة مباشرة مع إيران أو أذرعها.
وقال كبار المسئولين الأمريكيين إنهم يصيغون مقترحاتهم بعناية لإسرائيل، مؤكدين أنه عندما التقى بايدن، نتنياهو تجنب سؤاله عن عدة أشياء، وبدلًا من ذلك طرح أسئلة كان لا بد من الإجابة عنها قبل الدخول البرى، خاصة سؤاله عن كيفية تعامل إسرائيل مع حرب على لحروب جبهتين، ومصير الرهائن، وقدم له نماذج لحروب خاضتها أمريكا مثل حروب العراق وأفغانستان.