جاوز الظالمون المدى
ما يحدث في الإقليم الآن واعتداءات الصهاينة على المدنيين العزل وقتل الأطفال والنساء تجاوز وبمراحل مجرد توجيه عمل عسكري ضد حماس
وإذا كانت حماس شرًا مطلقًا وتمثل خطورة على المنطقة، فالخطر الذي يمثله (نتنياهو) على منطقتنا أراه أكبر وبكثير من خطر حماس والجهاد
فجماعات الإسلام السياسي العشوائية المسلحة وجهت ضربات موجعة متفرقة طوال تاريخها، وقتلت الأبرياء نعم لكن كان دومًا بالإمكان مواجهتها والانتصار عليها بالكامل وبشكل قطعي واستطعنا تحييدها وإيقافها عند حد معين، وكانت ضرباتها مرتبطة دومًا بتمويلات تمنح لها في توقيت معين لغرض معين سرعان ما ينتهي مهما طال.. ولم يحدث في تاريخ الأمم أن انتصرت جماعة أيًا كانت على دولة.. أما الكيان الصهيوني ومنذ نشأته فقد قام -مثل تلك الجماعات - على أساس ديني وعرقي ومارس التمييز والتصنيف، وكل ما هو بغيض ومحرم ومجرم دوليًا وفقًا لمعايير المنظمات الدولية التي ترفض التمييز الديني وترفض كل أشكال التمييز.. ورغم الشعارات والأطروحات التي تقدم وتشدق بها الغرب المتحضر ضد العنصرية والتمييز يبقى الكيان الديني الصهيوني بعيدًا عن أي محاولات للمساس به أو معاقبته أو إيقافه عند حده، فلا خطوط حمراء يقف عندها ذلك الكيان ولا يمكن التنبؤ في -غالبية الأوقات - بما يحيكه، وهو دائمًا ما يحيك في الخفاء وفي العلن كل ما هو بغيض ولا إنساني.. وتساند الدول الكبرى وللأسف ذلك الكيان الذي لا يمكن المساس به!! ومن المناصرين التاريخيين له بطبيعة الحال بريطانيا العظمى التي منحته ما لا يستحقه وما ليس حقًا له! ومنحته كذلك ما لا تملكه وليس من حقها منحه!
فالأمر ومنذ البداية قائم على الباطل، وهو ما جعل الكيان يتمادى ويتمدد ولا يمكن لأحد إيقافه حتى أصبح الولاية الـ ٥١ للولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم للكيان دومًا دعمًا أبديًا لا ينتهي والدخول لأراضيها -مؤخرًا- بدون تأشيرة.. ونأمل أن يهجر اليهود للولايات المتحدة بدلًا من فلسطين، وأن تصبح الدولة اليهودية والوطن القومي لليهود في الولايات المتحدة الأمريكية، فهم متآلفون متجانسون ويليقون ببعضهم البعض.
وبالطبع تلعب البروباجندا والآلة الإعلامية الصهيونية ورءوس الأموال التي يملكها اليهود المتصهينون دورًا لا يمكن الاستهانة به لدعم ذلك الكيان، وجعله كيانًا يعلو فوق الجميع وفوق كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.. وبلغ التحفظ مداه وصار الفجر جليًا عندما جاوز الصهاينة الظالمون المدى وفجروا كنيسةً كما دنسوا من قبل مقدسات عدة بل وفجروا مستشفى غير مملوك لحماس بل للكنيسة المعمدانية بغزة، وكان المستشفى ملجأً للعائلات المهجرة المنكوبة، وهو مستشفى (المعمداني) التابع (للأونروا) التي تتبع الأمم المتحدة وهي منظمة دولية جرؤت إسرائيل على التعدي عليها وعلى الأطفال المحتمين بداخلها بدم بارد وبمنتهى الفجر، مع العلم بأن المذهب المعمداني هو المذهب المسيحي السائد والأكبر في أمريكا! وهكذا ذكرنا الكيان ومن جديد بفظائعه وجرائمه في (بحر البقر) و(دير ياسين) و(صبرا وشاتيلا) و(قانا) الأولى والثانية و(انتفاضة الحجارة) و(انتفاضة الأقصى) حتى حل على الإقليم اليوم (طوفان الأقصى) ردًا على جرائم الاحتلال المتراكمة وعدم اعتراف الكيان المغتصب بفلسطين ورفضه للسلام وقرارات الأمم المتحدة ورفضه حل الدولتين والعودة لحدود ١٩٦٧ وأن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.. فجيش الاحتلال الإسرائيلي وطوال سنوات الصراع الطويلة معه كان جيش غزو واعتداء واستيطان وتهجير وهدم بيوت وقتل عُزل واستهداف للمدنيين والحقوقيين والصحفيين والنساء والأطفال.. ويمارس جيش الاحتلال الآن حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، وينتهج سياسات العقاب الجماعي والتجويع والحصار والتطهير العرقي والتهجير القسري الجماعي للفلسطينيين ويخطط لاجتياح غزة برًا، كما اجتاح لبنان من قبل بل ويهدد بتفريغ غزة من مواطنيها ليسهل دكها بالكامل واحتلالها، ومن ثم تهجير أهلها لسيناء كي يصفي القضية الفلسطينية تمامًا، ويكتب شهادة وفاتها ثم ينقل الصراع لأرض مصر المحررة، ويجرنا وجيشنا الدفاعي لحرب مفتعلة مع إسرائيل! الكيان الصهيوني الذي يهدد السلم العالمي والأمن الإقليمي في المنطقة يهدد الآن الأمن القومي المصري، ويخطط لاستهداف مصر والتعدي على سيادتها وأرضها التي انتزعها جيشنا بالقوة في حرب شريفة انتصر فيها بعد أن رويت سيناء بدماء أبناء مصر التي لم ولن تتنازل عن شبر واحد من أراضيها، وصرح الرئيس عبدالفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة قائلًا (اللي حيقرب منها حشيله من على وش الأرض)، ففي عقيدة الجيش المصري إسرائيل عدو واتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل ليست تطبيعًا.. الاتفاقية جاءت بعد أن قبل واضطر البطل المصري بطل الحرب والسلام الرئيس الشهيد الراحل أنور السادات وقف إطلاق النار بعد التدخل الأمريكي في حرب أكتوبر ٧٣ وبعد أن حدثت الثغرة بمعاونة كيسنجر ذي الأصل اليهودي! ويتكرر ذات السيناريو بعد ٥٠ عامًا، فما أقرب اليوم بالبارحة، فالولايات المتحدة دومًا ما تحارب مع إسرائيل بالوكالة وعادةً ما يكون وزير خارجيتها من أصل يهودي ويريد الانتقام والتعدي على أراضي الفلسطينيين وأراضي الغير! وبعد ٥٠ عامًا من التطاحن والحرب والصراع لم يتعلم أو يستوعب العدو الصهيوني ولم تستوعب أمريكا درس الأمس بعد أن حقن الرئيس السادات الدم، وصرح آنذاك وبشكل جلي ومعلن بأنه يحارب فعليًا الولايات المتحدة الأمريكية التي تتدخل دومًا لنصرة الباطل، ونصرة الصهيونية فجنح للسلم حفاظًا على أرواح جنوده، وبعد أن استعاد أرضه بالكامل أرض الفيروز ودونها الرقاب.. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تمارس الأمة المصرية الترقب الحذر تجاه عدو الأمس الذي سرعان ما كشف ومن جديد وكالمعتاد عن وجهه القبيح، وصار عدو اليوم.. فهو العدو التاريخي للحق وللإنسانية الأمس واليوم وغدًا وجيش مصر وقياداته لا تبادر بالاعتداء وتلتزم بمعاهداتها وتجنح للسلم.. فجيشنا- لا جيشهم- هو جيش الدفاع الذي يحمي حدودنا وأراضينا، وباستطاعته صد أي اعتداء مرتقب أن سول الكيان لنفسه تنفيذ مخططه القديم وجرؤ على أن يطأ أرض سيناء متذرعًا بضرب حماس.. فالجيش المصري كفيل بقطع أرجل من تسول له نفسه مس أراضينا أو الاعتداء على السيادة المصرية والأمن القومي المصري.. فسيناء خط أحمر ومخطط التهجير لن يتم ومواطنو غزة لن يتركوا أراضيهم بل يتمسكون بها وبحقهم في أرضهم، ومن يريد الفرار لديه صحاري الأرض المتسعة أو الغرب الذي يتشدق بحقوق الإنسان ويقبل بلجوء الفارين من بلادهم إليه، ورحب من قبل باللاجئين العراقين والسوريين، فلماذا لا ترحب بعض الدول الغربية الآن باللاجئين الفلسطينيين؟! في حين أنهم يرحبون دومًا باللاجئين من أوكرانيا انتقامًا من روسيا.
فالمصالح هي التي تحكم المتشدقين في حقيقة الأمر لا الإنسان ولا حقوقه
أما سيناء المعمرة فهي للمصريين فقط.. ودونها الرقاب.