الرئيس وغزة.. رسائل غيرت مجرى الحرب
رسائل عدة حملها حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في القاهرة.
وتحدث الرئيس السيسي، في كلمة لا يحتويها البيان المقرر، عن جزء رئيسي مما تناولته المباحثات، والمتعلقة بمحاولات دفع الفلسطينيين الموجودين في قطاع غزة إلى التهجير القسري للنزوح تجاه سيناء عبر الحدود.
وشرح علنًا، في كلمة نابعة من موقف تاريخي يحمله كل مصري، ما هو المخطط الحالي الذي يتربص بالأمن القومي للبلاد، لاسيما داخل سيناء، ومحاولة نقل المشكلة الفلسطينية ككل لتصبح مشكلة مصرية فقط، كما حرص على إيضاح أن مصر ترصد الخطوات التي تحاول عدة أطراف اتخاذها في ذلك الاتجاه، وأنها "غير قابلة للتنفيذ"، بالإضافة لأن اللغة القوية التي استخدمها جعلت الرسائل أكثر وضوحًا، سواء كانت سياسية أو دبلوماسية أو غير ذلك.
صحراء النقب.. والطرح المنطقي
وقدم الرئيس طرحًا منطقيًا للغاية بأنه إذا كانت إسرائيل –التي تتحمل في الواقع مسئولية القطاع - تبرر ما يحدث حاليًا بأنها تهدف فقط للرد على الحركات الفلسطينية، فمتاح لديها أن تنقل الفلسطينيين إلى صحراء النقب الواسعة، التي تسيطر عليها أيضًا، لا أن تنقلهم لحدود دولة أخرى، فبجانب أنها محاولات غير قابلة للتنفيذ، إلا أنها ستجلب على تل أبيب أزمات ضخمة، وصراعات أوسع مما هي عليها الآن.
على الصعيد الداخلي، دفعت كلمة الرئيس الآلاف من المصريين في كافة أنحاء الجمهورية، إلى تنظيم الوقفات التضمانية لدعم موقفه في ذلك الأمر، كما رحب بها المجتمع المدني معلنًا دعمه الكامل للسيسي في حماية أمن البلاد ومنع تصفية القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى انعقاد مجلسي النواب والشيوخ، وتفوضيهما للرئيس في صد أي مخاطر على الأمن القومي المصري.
وعلى صعيد الطرف الأخر، وصل صدى حديث الرئيس سريعًا إلى إسرائيل بالطبع، وكذلك أمريكا، فقد تناولت الصحف هناك تلك الكلمات بكثافة، ورأت أن الرئيس السيسي يحذر من الدفع لأي محاولات تهجير.
ما بين المستويين الأمني والسياسي
ومن المنطقي أيضًا أن تصل رسائل كلمة الرئيس السيسي، ليس فقط للإعلام هناك، ولكن للسلطات في كلا الجانبين مباشرة، لاسيما المستويين الأمني والسياسي بإسرائيل، فهما طرفان مكملان لبعضهما البعض لدى أي طرف، وتدرك المنظومة الأمنية جيدًا كيف يمكن للمستوى السياسي أن يلبي احتياجاتها أو يورطها، والعكس بينهما صحيح.
بحسب المؤشرات التي حدثت في الساعات القليلة الماضية، فإن هناك تحولات سريعة شهدها الموقف الإسرائيلي الأمريكي فيما يخص ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وهو ما يعني أنه سيجب وقف إطلاق النار ولو لساعات، لتهيئة الظروف الآمنية وتسهيل نقل المساعدات للمدنيين الفلسطينية.
تغيير مجرى الحرب
هذا التغير الواضح والإيجابي أيضًا، جاء بعد ساعات من حديث الرئيس السيسي بتلك اللغة الواضحة، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في ساعة متأخرة أمس، أن إسرائيل سوف تسمح بدخول المساعدات لغزة، وأنه احتاج وقتًا لكي يقنع الرئيس السيسي بتوقيت إدخالها.
كما أن تأكيد مكتب بنيامين نتيناهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ما أعلنه بايدن، بعد أن كان بنيامين يقول بأن إسرائيل لن تسمح لمصر بإدخال مساعدات، يعني أنه تم التوصل لاتفاق أمريكي إسرائيلي حول أهمية إدخال القوافل الإغاثية التي تنتظر على الجانب الأخر، ووضع العواقب التي تنتج عن تأخير وصولها في الحسبان.
الاتفاق الأمريكي الإسرائيلي على دخول المساعدات يعني ضمنيًا أن تل أبيب لن تشن غارات من شأنها تعطيل عمل المعبر من الجهة الفلسطينية مرة أخرى لحين إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات المصرية والدولية الموجودة في مدينة العريش.