حرب الأسلحة المحرمة.. قذائف الفسفور الأبيض تحرق أهالى غزة أحياء (ملف)
في ساعات الليل المتأخرة، تنهال على سماء غزة قذائف مضيئة تنشر رائحة الدم والموت، بمجرد إطلاقها، تنفجر في الهواء، ثم تنشطر إلى جزيئات مشتعلة تسقط على المنازل والمدارس والمستشفيات.. إنها قذائف الفسفور الأبيض، التي تحمل دائمًا في طياتها الموت والدمار.
تحرق هذه الجزيئات كل شيء في طريقها، ولا تنطفئ إلا بالماء أو المادة المانعة للاشتعال. يُصاب الأطفال والنساء والشيوخ بحروق خطيرة، ويصرخون من شدة الألم، ورغم محاولات المسعفين لإنقاذهم، إلا أنهم يواجهون صعوبة شديدة في التعامل مع هذا السلاح الغادر.
ينتشر الهلع والقلق الآن بين الفلسطينيين، في الوقت الذي تتساقط فيه هذه القذائف على مدينتهم، وتحرق أجساد الأبرياء بلا رحمة.. يجري الناس في كل اتجاه، بحثًا عن مكان آمن، يصابون بالذعر والخوف، فهم لا يعرفون متى وأين ستسقط عليهم قذائف الموت.
تُغطي سحب من الدخان الأبيض الكثيف سماء غزة، مُخفية عن الأنظار ما يحدث تحتها من جحيم، فالقذائف تشعل حرائق في أجواف المباني لا تُطْفَأ، وتولد حرارة عالية وغازات حارقة. الجميع داخل المدينة المحاصرة يناشد ويحذر من استخدام إسرائيل "سلاحًا ممنوعًا دوليًا".
منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، تشهد غزة أبشع لياليها، حيث تتعرض يوميًا لقصف السلاح المحظور، الذي يُستخدم لإحداث دمار واسع في المدينة المكتظة بالسكان. تُصاب شظايا هذه القذائف المئات من المدنيين بإصابات خطيرة نتيجة للاحتراق أو استنشاق الغاز.
سلاحُ شيطاني
في ظل الحرب الدائرة داخل القطاع المحاصر منذ 15 عامًا، يعيش رجل فلسطيني في الأربعين من عمره، بتشوهات وندوب دائمة في أماكن متفرقة من جسده، إثر تعرضه لقذائف الفسفور الأبيض في عام 2009، عندما شنت إسرائيل حربًا على غزة، باسم "الرصاص المصبوب".
كان يعمل نصر الدين طه، كمعلم في مدرسة ابتدائية، ولديه زوجة وثلاثة أطفال. يروي لـ "الدستور"، قصته مع شظايا السلاح المُحرم: "كنت في طريقي إلى المدرسة، أتذكر نفسي وأنا أسير في شوارع "سديروت" بسرعة طائشة، خوفًا من القصف الإسرائيلي الذي لا يتوقف، وفجأة، سمعت صوت انفجار قوي بجانبي مباشرة، وشعرت بشيء ساخن يضرب كتفي".
"نظرت إلى جانبي، ورأيت قذيفة مضيئة تنشطر في الهواء، وتنشر رائحة غريبة وكريهة، وقتها لم أكن أعرف ما هو الفسفور الأبيض، ولا ما هو تأثيره، فقط كنت أستغيث وأنظر إلى الدماء التي تنزف من جروحي"، يواصل "طه" قصته.
ويستطرد: "لحسن الحظ، كان هناك مسعفون قريبون من المكان، سارعوا إلى إنقاذي، وغطوا جروحي بالطين، ثم نقلوني إلى المستشفى، حيث تلقيت الإسعافات الأولية".
"طه" نجا من الموت بأعجوبة، لكن حروقه كانت خطيرة وعميقة. أجروا له عدة عمليات جراحية، لإزالة الأنسجة المتضررة وزراعة جلد جديد، كما كان يعاني من صدمة نفسية، بسبب ما عاشه في تلك الليلة.
خرج الرجل من المستشفى بعد أشهر من العلاج، ولم يعد أبدًا كما كان، فالقذائف لم تترك في جسده آثار الندوب فقط، بل أصابته بالتهابات رئوية حادة، تطورت بشدة بعد أيام قليلة من يوم الحادث، وكادت أن تصيبه بـ"سرطان الرئة"، وظل يتساءل حتى يومنا هذا: "لماذا تستخدم إسرائيل سلاحًا محظورًا دوليًا ضدنا؟ لماذا لم يتدخل المجتمع الدولي لإيقاف هذه المجازر؟".
ورغم محاولاته العديدة لاستئناف حياته الطبيعية في غزة، إلا أنه قرر الخروج منها قبل تسع سنوات، وانتقل إلى لبنان، حيث مسقط رأس زوجته، مرجعًا السبب في ذلك: "كنت أشعر بالإحباط من ظروف التعليم في غزة، وانتقلت إلى هنا من أجل ضمان حياة آمنة لأسرتي، واستكمال رحلة علاجي من آثار الفسفور الأبيض، والتي نجحت بعد عامين و3 أشهر من المتابعة الصحية مع الأطقم الطبية".
عام 2023، اشتدت المواجهات بين فلسطين وإسرائيل، بعد اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، حتى أطلقت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل، وشنت هجومًا صاروخيًا مفاجئًا على مواقعهم. يتابع "طه" هذه الأحداث على مدار الساعة، ويتمتم بدعوات الابتهال لرب الكون بأن يحفظ أهل غزة من دولة الاحتلال وقذائف الفسفور الأبيض.
ممنوع الدخول
في صباح 7 أكتوبر الماضي، كان رئيس اتحاد الأطباء العرب بأوكرانيا، الدكتور رامي أبوشمسية، متوجهًا إلى مسقط رأسه في غزة، من أجل المشاركة في دفن ومراسم عزاء والده، الذي توفيته المنية قبل أن يشاهد معركة "طوفان الأقصى"، ولكن عند وصوله إلى الحدود، تم إرجاعه من هناك بسبب إغلاق المعابر مع الضفة الغربية، ولم يستطع الدخول نهائيًا، فاضطر للعودة إلى أوكرانيا.
"الأوضاع التي يعيشونها داخل غزة والضفة الغربية سيئة لدرجة تفوق تصور البشر، الجميع يرى بأعينه في بث مباشر كيف يتم قتل المدنيين العُزّل وقذفهم بالطائرات الحربية"، يصف "ِأبو شمسية" الأحداث في حديثه لـ "الدستور".
ويواصل: "هم يموتون تحت القصف، والمستوطنين يعتدون على الأهالي المتواجدين في الضفة، وإذا تحرك الفلسطيني من مدينة إلى أخرى، يتم قتله على الطريق دهسًا بالسيارات، ومن ينجو من هذه العمليات الانتقامية، لا يستطيع الحصول على المواد الغذائية أو المياه أو الكهرباء، ويعيش معاناة أخرى بحثًا عن بقائه حيًا لليوم التالي".
"نحن شاهدنا هنا في أوكرانيا آثار قذائف الفسفور الأبيض خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ونتعجب دائمًا من استخدام هذا السلاح المميت في الحروب رغم تحريمه دوليًا، فمن يستنشق الغازات المنبعثة منه، يُصاب بالتهاب حاد في الرئتين على الفور، تؤدي إلى أمراض مزمنة في المستقبل ثم الموت"، يتابع "أبوشمسية".
يحذر رئيس اتحاد الأطباء العرب بأوكرانيا، من كمية الدخان الصاعد من الفسفور الأبيض في غزة بطريقة كبيرة للغاية، ومن الممكن أن يقضي على عدد كبير من المواطنين داخل القطاع، وهناك لا توجد ملاجئ تحمي المتضريين من هذا السم المنتشر في الهواء، ولا يوجد لديهم أيضًا أي وسائل وقاية من هذا الفسفور.
وبالإضافة إلى الأمراض الرئوية، يشير "أبوشمسية" إلى أعراض الحروق العميقة التي تلاحق من يسقط هذا الفسفور على أجسادهم، وهنا يجب التعامل مع الأزمة بطريقة خاصة، فإذا لم يكن هناك طاقم طبي وقت وقوع القذائف على المواطنين، يتم التعامل مع الحروق بمواد مانعة للاشتعال مثل الماء البارد، وإغماد المنطقة المصابة به؛ لإطفاء النار ومنع التفاعل مع الأكسجين.
ويضيف: "من الضروري تجنب الوقوع تحت هذا الفسفور، والاعتماد على الملابس الواقية من الحروق، ولكنها غير متوفرة داخل القطاع لحماية المواطنين، كما يوجد نقص كبير في القطاع الآن بشأن الأدوية والمستلزمات الطبية، لعلاج الأمراض المزمنة والتعامل مع الحالات المصابة بقصف قذائف الفسفور الأبيض، ولا يوجد مخرج لدى الشعب الفلسطيني سوى نصرة أشقائهم من الدول العربية المجاورة، وإمدادهم بالمساعدات الطبية والأدوات الوقائية اللازمة".
"الفلسطيني لا يعلم إن كان هذا فسفورًا أبيض أو قذيفة نارية قاتلة، لذا يجب الاختباء دائمًا بالبنايات التي يوجد بأسفلها موقفًا للسيارات، حيث تبقى تحت مستوى الأرض، ولا تصل إليك قذائف الفسفور الأبيض"، يوجه "أبوشمسية" عبر "الدستور"، رسالته لكل فلسطيني محاصر بالقصف الإسرائيلي.
"يجب إغلاق جميع المنازل محكمًا، حتى لا يستنشقوا الغازات السامة المنبعثة في سماء غزة الآن".
يستطرد "أبو شمسية": "الفلسطينيون عُزّل دون سلاح، وإذا كانت حركة حماس قامت بمعركة "طوفان الأقصى"، فهي جماعة منظمة فلسطينية تعبر عن نفسها ولا تعبر عن الشعب بأكمله، وبالتالي عقاب الفلسطينيين جميعهم هو جريمة دولية وإنسانية يجب الوقوف أمامها من قبل المنظمات الدولية، كما يجب على الدول المحايدة أن تدعو لوقف هذا العدوان".
وفي ختام الحديث، يرى رئيس اتحاد الأطباء العرب بأوكرانيا، أن الحرب الدائرة في فلسطين مفتعلة؛ لهدف أكبر مما نحن نشاهد، فالسياسة العالمية تحاول إيجاد طرق لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب المصري، بترحيل الفلسطينيين المتواجدين في قطاع غزة؛ لأن غزة أصبحت ثقلًا كبيرًا على اليهود، وبالتالي هم يريدون تأمين الحدود الجنوبية لإسرائيل.
قَنابِل مُدَمّرة
ومن جانبه، يقول الدكتور محمد خضر الجابوري، رئيس الكيميائيين بوزارة البيئة العراقية، إن قنابل الفسفور الأبيض تعتبر سلاحًا يعمل عبر امتزاج الفسفور فيه مع الأكسجين. يكون عبارة عن مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للإصفرار، وله رائحة تشبه رائحة الثوم، ويُصنع من الفوسفات، يتفاعل مع الأوكسجين بسرعة كبيرة، منتجًا نارًا ودخانًا أبيض كثيفًا.
ينوّه "الجابوري" في حديثه لـ"الدستور"، إلى أن القنابل الفسفورية تسبب حروقًا في جسد الإنسان، لدرجة تصل إلى العظام، فالقذيفة الواحدة تقتل كل كائن حي حولها حتى مدى 150مترًا، كما أن استنشاق هذا الغاز يؤدي إلى ذوبان القصبة الهوائية، والرئتين، فضلًا عن إصابة الأشخاص المتواجدين في المنطقة بحروق لاذعة في الوجه والعينين والشفتين، والوقاية تكون بالتنفس من خلال قطعة قماش مبللة بالماء.
"الفسفور الأبيض هو أحد الأشكال المتأصلة للعنصر الكيميائي الفوسفور، كما أنه عنصر كيميائي في الجدول الدوري، رمزه الكيميائي P وعدده الذري 15، ويعتبر الفسفور من العناصر الرئيسة في المواد الغذائية، يعمل على بناء العظام وتكوينها"، يشرح "الجابوري".
ويستكمل: "هذا الفسفور يكون لونه أبيض إذا كان بالشكل النقي، وذا لون أصفر إذا كان منتجًا مصنعًا بسبب امتزاجه مع المركبات الكيميائية، وعندما يتعرّض للهواء، يتحوّل بسرعة كبيرة إلى خامس أكسيد الفسفور، ويولد هذا التفاعل الكيميائي حرارة كبيرة مع دخان أبيض كثيف، ويبقى الفسفور الأبيض يشتعل ويحترق حتى درجة 1500 فهرنهايت (816 درجة مئوية)، حيث لا يبقى منه أي شيء، أو حتى ينتهي ما حوله من الأوكسجين".
"غالبًا ما تتذرّع الدول بأنّها تستعمل سلاح الفسفور الأبيض في حروبها؛ بهدف إخفاء حركات الجنود أو للإضاءة أو كساتر دخاني".
يوضح استشاري نقابة الكيميائيين، أن استنشاق الدخان الصادر عن الفسفور الأبيض، أو التعرض المزمن للهواء الملوث به، يؤدي إلى السعال وظهور إصابات وتشوهات في عظام الفك، والتي تعرف بحالة Phassy Jaw، ويترافق ذلك مع صعوبة في التئام الجروح وتكسّر في عظام الفك.
وتنشأ أكياس صديدية (تحوي القيح) في تلك المنطقة بسبب تفاعل الفسفور مع البكتيريا الموجودة في الفم، الأمر الذي قد ينتهي بالموت في بعض الحالات بسبب نفاذ الالتهاب إلى مجرى الدم، كما يؤدي استنشاقه أيضًا إلى تلف الأوعية الدموية في الفم، وأضرار خطيرة في الرئة والحنجرة.
"تعتبر العينان أكثر مناطق جسم الإنسان تأثرًا بهذه المادة، حيث يؤدي استنشاق الدخان إلى تهيّج العينين، وتهيّج الأغشية المخاطية، والتدميع المتواصل، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر نتيجة تمزّق القرنية، يتابع "الجابوري" حديثه.
أمّا ابتلاع الفسفور الأبيض بشكل منتظم، يؤكد "الجابوري" أنه يؤدي إلى تدهّن الكبد مع علامات وعوارض فشل الكبد الحاد. وفي ما يتعلّق بتأثير سلاح الفسفور الأبيض على ظهور الأورام السرطانية والتشوّهات الخلقية والإصابة بالعقم، فقد قرّرت وكالة حماية البيئة الأمريكية، أن الفسفور الأبيض غير قابل للتصنيف باعتباره عنصرًا يسبّب السرطان للكائنات البشرية.
"ولكن إذا تتبعنا الأبحاث والدراسات التي أجريت لهذا الغرض، بعد انتهاء الحروب التي شنّت على فلسطين والعراق، نرى أنّ جميعها أكّدت وجود علاقة بين استخدام سلاح الفوسفور الأبيض وظهور الأورام السرطانية والتشوهات الخلقية والعقم"، يوضحها رئيس الكيميائيين بوزارة البيئة العراقية.
حرب بيئية
لا تقتصر مخاطر سلاح الفسفور الأبيض على الحرق والقتل اللذين يطالان ضحاياه، بل يمتد تأثيرها إلى البيئة المحيطة، فتسبب تلوث الماء والتربة بعد أن تكون قد لوّثت الهواء بالدخان الذي ينتج عن اشتعال الفسفور الأبيض فور اتصاله بالهواء، وما ينتج عن ذلك من نوبات سعال شديدة بين الأفراد تكون مصحوبة بتهيج في الجلد والفم والحلق والعيون.
يشرح ذلك "الجابوري"، موضحًا أن الفسفور الأبيض يلوّث البيئة عند تصنيعه، أو عند استخدامه لصنع المواد الكيميائية الأخرى، أو عندما يُستخدم كسلاح عسكري، أو عند تسرّبه في أثناء التخزين والنقل. فعند تسرب الفسفور الأبيض في الهواء، يتفاعل بسرعة مع الأوكسجين وينتج عن هذه العملية مواد كيميائية سامة.
وبحسب وكالة حماية البيئة الأميركية، فإن الفسفور الأبيض يتفاعل بشكل رئيسي، في البيئة المائية، مع جزيئات الأوكسجين الموجودة فيها، أو قد يبقى على حاله فترة زمنية تصل إلى عدّة أيام من دون تفاعل، ليزيد ذلك من فرصة وصوله إلى أجسام الأسماك التي تعيش في تلك المياه، ممّا قد يتسبّب بموتها. كما ويهدّد ذلك صحة الأفراد الذين يعتمدون على تلك المياه لأغراض الشرب، أو أكل الأسماك الملوثة.
أمّا في ما يختص بالمياه التي تنخفض فيها مستويات الأوكسجين كالمياه الجوفية وقيعان الأنهار، يقول "الجابوري" إنّ مركب الفسفور الأبيض يبقى فيها من دون أن يتفاعل مع الجزيئات الأخرى، وذلك لفترة قد تمتد لآلاف السنين، أو قد يتحلّل إلى غاز شديد السمية يعرف بالفوسفين.
ويختتم: "تشير التقارير إلى أنّ بعض جزيئات الفسفور الأبيض لا تتفاعل مع الأوكسجين، بل تصبح محاطة بغطاء يحول دون تفاعلها مع الهواء، ولفترة زمنية طويلة، فتستقر في المياه الجوفية أو الطبقات العميقة من التربة بضع سنوات، كما يؤدي استخدام هذا السلاح إلى تدمير النظام البيئي الطبيعي من حيوانات ونباتات، وتلويث المنتوجات الزراعية التي يتم فيما بعد تناولها عن طريق السلسلة الغذائية".
حِيّل صهيونية
ومن وجهة نظر سياسية، تقول الدكتورة أسمهان إسماعيل، المتخصصة في الشئون الإفريقية والدولية بجامعة الخرطوم، إنه في يوم السبت الماضي، تفاجأت إسرائيل بهجوم حماس الذي خلف في الجانب الإسرائيلي عددًا كبيرًا من الأسرى والجرحى والقتلى والمختطفين، وأطلقت حركة حماس عشرات الصواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وقد طالت عمليات حماس 11 معسكرًا إسرائيليًا و20 مستوطنة في قطاع غزة.
تشير "أسمهان" في حديثها لـ"الدستور"، إلى نجاح حركة حماس خلال معركة "طوفان الأقصى" في حرق دبابة إسرائيلية (ميركافا)، التي تعتبر الأكثر تحصينًا في العالم والأقوى في الحروب البرية، وبمجرد أن استفاق جيش الاحتلال من هول صدمة الطوفان، حتى أطلق ما يُعرف بعملية "السيوف الحديدية" الموجهة ضد الشعب الفلسطيني وقطاع غزة علي وجه الخصوص.
"حرمت اتفاقية جنيف 1989، استخدام الفسفور الأبيض ضد المدنيين، وفقًا للمادة الثالثة ويعتبر استخدامه جريمة حرب، وهو سلاح حارق قاتل يعمل علي إذابة كل شيء في جسم الإنسان عدا العظام، واستخدمته إسرائيل في حربها ضد غزة 2008 وبداية 2009"، تستكمل "أسمهان" حديثها.
توضح المحللة السياسية، أن الحرب التي شنتها إسرائيل اعتمدت علي قطع المياه والكهرباء والطرق وتدمير البنية التحتية ودور العبادة والمدارس، ولم تكتفِ بهذه المرحلة فقط، بل تمادت باستخدام الفسفور الأبيض المُحرم دوليًا عبر سلاح الجو الإسرائيلي على منازل الفلسطينيين ونقاط حركة حماس في غزة.
"غارات إسرائيل الحالية على قطاع غزة هي الأعنف منذ بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ 75 عامًا".
وتتابع "أسمهان": "يبدو أن إسرائيل تفكر باتجاه تهجير شعب غزة من مناطقه وتصفية القضية الفلسطينية، وعلى المجتمع الدولي التحرك العاجل باتجاه تأمين دخول الاحتياجات الإنسانية والمساعدات لأهل غزة، وأيضًا ضغط إسرائيل للتعامل في الحرب وفقًا لقواعد القانون الدولي".
وتختتم: "في النهاية قضية فلسطين لا يمكن حلها عبر عنترية إسرائيل أو بالغازات السامة، إنما بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية في حدود 1967، عدا ذلك لن تهنأ إسرائيل بأي استقرار وسيستمر العدوان، إلى أن يقرر المجتمع الدولي اتخاذ خطوة شجاعة بحل الدولتين".
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ قطاع الصحة في غزة يحتاج إلى دعم دولي عاجل لإغاثة المصابين وتأمين المستلزمات الطبية.