كيف خدع السادات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وانتصر فى حرب أكتوبر؟
طوال ربيع وصيف عام 1973، واصلت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية مراقبة تحركات الجيش المصري حيث كانت القوات متمركزة على طول قناة السويس، وعلى الرغم من التحذيرات الجريئة التي أطلقها الرئيس المصري أنور السادات بشأن نيته شن حرب، فقد تم رفض تهديداته باعتبارها مجرد ادعاء، ولكن يبدو أن ذكاء الزعيم المصري الراحل فاق توقعات الجميع، وتسبب في نصر أكتوبر أو حرب يوم الغفران، ليوجه للعدو ضربة لا يمكن نسيانها.
ذكاء السادات واستراتيجيته الناجحة
وأكد موقع "أول إسرائيل" أنه كانت ثمة أدلة دامغة في أوائل أكتوبر 1973، على أن إعلان السادات للحرب كان حرفيًا، لقد اختار يوم 6 أكتوبر موعدًا للحرب لسببين، أولًا: في ذلك اليوم، من شأن المد والتيارات المثالية أن تمكن الجيش المصري من عبور قناة السويس بسهولة، ثانيًا: في عام 1973 كان التاريخ هو يوم الغفران اليهودي، واعتقد المصريون أنه بسبب الاحتفال باليوم المقدس، فإن الجيش الإسرائيلي لن يكون في ذروة الاستعداد، وبالفعل أصاب السادات في توقعاته.
وتابع أنه بالتزامن مع الوجود المصري المتزايد على الحدود الجنوبية لإسرائيل، كانت هناك زيادة في القوات السورية بالقرب من مرتفعات الجولان، وقد فسرت المخابرات العسكرية الإسرائيلية ذلك على أنه نتيجة للمعركة الأخيرة بين القوات الجوية الإسرائيلية والطائرات السورية، وإسقاط القوات الجوية الإسرائيلية لعشرات طائرات معادية فوق البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أنه خلال الأسبوع الذي سبق اندلاع الحرب، أرسلت الولايات المتحدة تذكيرات مستمرة إلى إسرائيل، وأمرت قادتها العسكريين بتجنب توجيه ضربة استباقية إلى مصر. في الواقع، أصرت القيادة الأمريكية والإسرائيلية على أنه لا ينبغي لوحدات الاحتياط التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية أن تتحرك خشية أن ينظر إليها العرب على أنها تقوم بأعمال عدائية تجاه مصر.
وأشار إلى أنه في النهاية نجح السادات في خداع الجميع، فمن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى الموساد الإسرائيلي، تأثر تحليل التحركات والمواقف المصرية بسوء الفهم الذي مفاده أن مصر لن تبدأ حربًا لا تستطيع الفوز بها، ولم تفسر المخابرات بشكل فعال آثار سنوات النفوذ السوفييتي على تدريب وتجهيز الجيش المصري.
وأوضح الموقع أنه في غضون ساعات فقط حققت مصر انتصار كبير في 6 أكتوبر حيث عبرت أكثر من 8 آلاف جندي قناة السويس وشنوا قصفًا مدفعيًا أصاب الدفاعات الإسرائيلية بالشلل، بالإضافة إلى قيام ما يقرب من 200 طائرة تابعة للقوات الجوية المصرية بتنفيذ طلعات جوية على مطارات العدو، لقد استفادت مصر بشكل فعال من عنصر المفاجأة من خلال ضرب أهداف خلف خط بارليف الذي يبدو منيعًا، وفي غضون ساعة سقط أول حصن أسطوري لإسرائيل، وأثبتت استراتيجية السادات المتمثلة في نشر القوات المصرية في جميع أنحاء الجبهة بدلًا من حشدها في قوة دفع مركزة أنها مثمرة.
كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون مقتنعًا بأن العرب أعداء إسرائيل سوف يُهزمون بسرعة، تجاهل هذا التفاؤل المعدل السريع الذي كانت إسرائيل تفقد به طائراتها العسكرية ودباباتها وجنودها أمام طوفان الجيش المصري، في الأيام الأربعة الأولى من الحرب احتفلت مصر بنجاحها، وكانت إسرائيل وجيشها في حاجة إلى معجزة ليس لضمان نصر حاسم، بل لضمان بقائها على قيد الحياة، أمام هذا التقدم المصري، لينجح السادات ويسترد أرض مصر بالكامل من إسرائيل.