حكاية وطن.. 300 مليار جنيه فائض مستهدفات الموازنة لعام 2023 - 2024 لأول مرة
افتتح اليوم السبت، الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤتمر "حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز"، بالعاصمة الإدارية الجديد.
وكتاب حكاية وطن بين الرؤية والإنجاز، الذي حصلت "الدستور"، على نسخة منه، ويستعرض خلال المؤتمر، يتضمن الإشارة إلى عملية الضبط المالي من قبل وزارة الماليــة بالتنســيق مــع الــوزارات المعنيــة، وعلــى رأســها وزارة التخطيــط، بتنفيـذ العديـد مـن إجـراءات الضبـط المالـي والتـي تسـتهدف فـي الأسـاس السـيطرة علـى كل مـن العجـز الكلـي والديـن العـام الذيـن تفاقمـا فـي أعقـاب ثـورة ينايـر 2011.
العجـز الكلـي
وأشار الكتاب، إلى أن العجـز الكلـي بلغ نسـبة %13 و%12.2مـن الناتـج المحلـي الإجمالـي فـي عامـي 2013-2012 و2014-2013، علـى التوالـي بالرغـم مـن تضمـن عـام 2014 - 2013 مـا يقـرب مـن 95 مليـارجنيـه إيـرادات مـن المنـح.
وإذا مـا تـم اسـتبعاد أثـر المنـح لبيـان الوضـع الحقيقـي للموازنـة العامـة، ويتضـح أن العجـزالكلـي قـد بلـغ ً %16.8 تقريبـًا مـن الناتـج المحلـي الإجمالـي فـي عـام 2014 - 2013، فـي حيــن بلــغ العجــز الأولــي %8.5 مــن الناتــج المحلــي الإجمالــي فــي العــام نفســه، وهــو وضــع فــي غايــة الخطــورة، ممــا نتــج عنــه ارتفــاع الديــن العــام إلــى مســتويات كبيــرة تتطلـب إجـراء إصلاحـات جذريـة لعـلاج تلـك الأزمـة.
وقطبقــت الدولــة برنامجــا متكامــلا لإصــلاح السياســات الماليــة والتــي اســتهدفت عــلاج مشــكلة تســرب الدعــم داخــل الموازنــة العامــة للدولــة لغيــر المســتحقين، وتعظيــم الإيــرادات مــن الناحيــة الأخــرى مــن خــلال تطبيــق ضريبــة القيمــة المضافــة
التـي ترتبـط بالاسـتهلاك، وعليـه يسـاهم الأعلـى دخـ ًلا ً والأكثـر اسـتهلاكا فـي سـداد الجــزء الأكبــر مــن هــذه الضريبــة، وقــد تضمــن برنامــج الضبــط المالــي مــا يلــي:
جانب المصروفات:إعـادة هيكلـة أسـعار المـواد البتروليـة والكهربـاء، وإصـدار قانـون الخدمـة المدنيـة والــذي أســهم فــي احتــواء فاتــورة الأجــور وإدخــال هيــاكل الدفــع القائمــة علــى الأداء لترشــيد الأداء الحكومــي. الاقتصاد المصري وميكنــة الوحــدات الحســابية بالجهــاز الإداري وتطبيــق منظومــة GFMISبهــدف ترشــيد الإنفــاق الحكومــي. وتفعيـل حسـاب الخزانـة الموحـد وإقفـال 61ألـف حسـاب بالبنـك المركـزي؛ بهـدف
إحـكام الرقابـة وترشـيد الإنفـاق الحكومـي. وإلغــاء التعامــل بالشــيكات الورقيــة بالجهــاز الإداري للدولــة وإحــلال التعامــل الإلكترونــي محلهــا. والاعتمــاد علــى اســتراتيجية إدارة الديــن العــام متوســطة المــدى، فنجحــت مصــر فــي إصــدار ســندات دولاريــة بالأســواق العالميــة للاســتفادة مــن ســعر الفائــدة المنخفــض بالأســواق الدوليــة بالمقارنــة مــع الســوق المحليــة، بالإضافــة إلــى تدعيـم سـيولة بالعمـلات الأجنبيـة، ممـا أسـهم فـي زيـادة الاحتياطيـات الأجنبيـة وكذلــك ضــخ أمــوال خارجيــة بالاقتصــاد المصــري للحــد مــن أثــر المزاحمــة بيــن القطــاع العــام والخــاص.
واتخــاذ قــرار بشــأن ترشــيد الإنفــاق العــام بالجهــات الداخلــة فــي الموازنــة العامــة للدولـة والهيئـات العامـة والاقتصاديـة؛ لتخفيـف الضغـط علـى المسـحوبات مـن العمـلات الأجنبيـة. ويتضمـن القـرار تأجيـل تنفيـذ أي مشـروعات جديـدة لهـا مكون دولاري، وتأجيــل الصــرف علــى أي احتياجــات لا تحمــل طابــع الضــرورة القصــوى، وترشـيد الإنفـاق علـى أعمـال السـفر خـارج البـلاد إلا للضـرورة القصـوى. والحصـول علـى موافقة وزارة الماليـة بالترخيص بالصرف بالمكـون الأجنبي على أي مـن أوجـه الصـرف بعد التنسـيق مع البنك المركـزي المصري. وتطبيـق آليـة التسـعير التلقائي للمـواد البترولية، بما يسـمح بوجـود مرونة في تسـعير المنتجـات البتروليـة وحمايـة الموازنـة والهيئـة العامـة المصريـة للبترول مـن تقلبـات تغير أسـعار الصرف وأسـعار خـام برنـت العالمية.
إدارة ملـف الديـن العـام
وعن ادارة ملـف الديـن العـام وعـبء الديـن العـام بشـكل أفضـل اكد مؤتمر حكاية وطن اتجـاه الاقتصاد المصري نحـو أدوات التمويـل الجديـدة وغيـر التقليديـة مثـل الصكـوك وسـندات التنميـة المسـتدامة والسـندات والصكـوك الخضـراء، والتـي تسـمح بمد أجـل عمر الدين لفتـرات أطـول، بالإضافـة إلـى الحصـول علـى سـعر فائـدة أفضـل مـن أسـواق الديـن العاديـة
الإيرادات وكفـاءة التحصيل
وفى جانب الإيرادات تم إصـدار قانـون ضريبـة القيمـة المضافـة؛ بهـدف توسـيع القاعـدة الضريبيـة وتحسـين آليـات التحصيـل.
تعديـل القانـون وإصـدار لوائـح مبسـطة فـي تعامـل الشـركات الصغيـرة والمتوسـطة مـع الضرائـب لتكـون مبالـغ مقطوعـة علـى إيـرادات تلـك الشـركات. وتطبيـق نظـام الفاتورة الإلكترونية والذي سـمح برفع كفـاءة التحصيل الضريبي والتيسـير علـى المواطنيـن وتحقيـق تكامـل الفاتـورة الإلكترونيـة مـع الإيصـال الإلكترونـي والـذي أسـهم فـي ضـم 365ألف شـركة كانت تعمل فـي الاقتصاد غيـر الرسـمي إلى الاقتصاد الرسـمي. وتطبيـق مشـروع النافـذة البيضـاء لتكـون نافـذة واحـدة قوميـة للتجـارة تقـدم خدمـات المراكـز اللوجسـتية فـي المنافـذ الجمركيـة؛ بغـرض تيسـير الإجـراءات الجمركيـة وتحولهـا إلـى النظـام الإلكترونـي، ممـا أسـهم فـي تحسـين سـرعةوإنهـاء الإجـراءات اللازمـة للإفـراج عـن الشـحنات فـي الموانـئ دون الحاجـة إلـى الانتقـال إليهـا. وقـد وصلـت نسـبة تغطيـة المشـروع لحوالـي ً %95تقريبـا مـن إجمالـي البضائـع التـي تـرد إلـى مصـر. وتطبيـق منظومـة ضريبية جديـدة على الأرباح الرأسـمالية للأسـهم والصناديق، وتعديـل قانـون ضريبـة الدخـل والشـروع في إعـداد قانـون لإنهاء كافـة الملفات الضريبيـة القديمـة المتراكمـة والتـي تأخـذ فـي اعتبارهـا التركيـز علـى تنميـة المشـروعات المتوسـطة والصغيـرة ومتناهيـه الصغر.
انعكسـت تلـك الإجـراءات على الأداء المالـي للموازنة العامة للدولة؛ إذ تشـير جميع مؤشـرات الماليـة العامـة إلـى تحسـن كبير فـي أدائها؛ فارتفعـت الإيـرادات بمعدلات أعلـى مـن المصروفـات، واسـتطاعت الموازنـة العامـة تحقيـق فائض أولي للسـنوات التـي تلـت برنامـج الإصلاح الاقتصـادي، بعدما بلغ العجـز الأولي بالموازنة مسـتويات كبيـرة فـي السـنوات قبـل الإصـلاح الاقتصـادي ليصـل إلـى %-3.5؛ فمـع تطبيـق برنامـج الإصـلا ً ح الاقتصـادي تحسـنت تلـك النسـبة تدريجيـا وانخفـض العجـز الأولـي فـي العـام المالـي 2017-2016إلـى،%-1.7ثـم تحول إلـى فائض أولي بدايـة من العام المالـي 2018-2017للمـرة الأولـى بالموازنـة ليبلغ.%0.1 وتحسـنت تلـك النسـبة فـي العـام التالـي ليصـل الفائـض الأولـي إلـى %1.8فـي العام المالـي 2019/2018بتحقيـق فائض بحوالي 103مليارات جنيه،
واسـتمرت تلك السياسـة بنجـاح فـي السـنوات التاليـة حتـى فـي سـنوات الأزمـات العالميـة مثـل جائحـة كورونـا والتـي تطلبـت تطبيـق برامـج إنفـاق لتحفيـز الاقتصـاد الكلـي وبلغت حوالـي %1.6من الناتـج المحلـي الإجمالـي بمخصصـات تتخطـى 100مليـار جنيـه، ثـم تلتهـا الضغـوط التضخميـة التـي سـببتها الحرب الروسـية الأوكرانيـة بداية من فبرايـر 2022والتي ترتب عليهـا ارتفـاع فـي فاتـورة نصـف مـا تسـتورده مصـر والمتمثل فـي الغـذاء والطاقة وحافظـت السياسـات الفعالة للإصلاحـات المالية على مسـتويات الفائض الأولي بالموازنـة عنـد متوسـط %1.7خـلال الفتـرة بيـن 2019وحتـى 2023بمتوسـط فائـض سـنوي بحوالـي 111مليـار جنيـه. ومـن المتوقـع أن تسـتمر تلـك السياسـات الناجعـة فـي تعزيـز الفائـض الأولـي بالموازنـة ليصـل إلـى ً %2.5وفقـا لمسـتهدفات الموازنة العامـة للدولـة للعـام المالي 2024/2023بفائض مسـتهدف بحوالـي 300مليار جنيه.
ادارة ملف الدين العام
علـى الرغـم مـن التوسـع فـي بنـود المصروفـات الخاصـة بالأجـور ودعـم الغـذاء، فإن ذلـك تـم وفقـا لآليـة علميـة محسـوبة حافظـت علـى معـدلات الديـن العـام دون التوسـع، بـل اسـتطاعت الدولـة المصريـة خـلال فتـرة الإصـلاح الاقتصـادي خفـض الديـن العـام المصـري للناتـج المحلـي الإجمالـي، حيـث كانـت مسـتويات الديـن العام وقـد تفاقمـت إلـى مـا يتجـاوز نسـبة %100مـن الناتـج المحلـي الإجمالـي، إلا أن ذلـك البرنامـج الإصلاحـي أسـهم فـي خفضهـا لتصـل إلـى أدنـى مسـتوى لهـا فـي عـام 20-21بنسـبة ً %81تقريبـا، قبـل أن تعـود إلـى الارتفـاع مـرة أخـرى فـي أعقـاب الحـرب الروسـية الأوكرانيـة التـي رفعـت مـن فاتـورة واردات مصـر بشـكل كبيـر وهو مـا أعـاق اسـتكمال الاتجـاه الهابـط لنسـبة الديـن العـام للناتـج المحلـي الإجمالـي ويعـود ارتفـاع الديـن العـام المحلـي والأجنبـي بالأسـاس إلـى وجـود عجـز فـي الحسـاب المالـي بالدولـة يتـم تمويلـه بالاسـتدانة الداخليـة والخارجيـة، وإنفاقهـا فـي أوجه صرف لا تتوافـق مـع نـوع العملـة (تمويـل دولار وإيراد بالجنيـه) ولا تتوافق مـع المدى الزمني
(تمويـل قصيـر الأجـل ينفـق على مشـروع طويل الأجـل،) الأمر الـذي يترتب عليـه تراكم الديـون بمـرور الزمـن وارتفـاع تكلفتهـا إلـى إجمالـي الديـن العـام كنسـبة مـن الموازنة العامـة للدولـة، والتـي قـد تصـل إلـى التهـام إجمالـي إيـرادات الموازنـة العامـة للدولـة لتتـرك خيـارا وحيـدا أمـام تمويـل تلـك المصروفـات مـن خلال التوسـع في الاسـتدانة.
عـــلاج العجـــز المالـــي
وقـــد بـــدأت الدولـــة بالفعـــل فـــي خطواتهـــا تجـــاه عـــلاج العجـــز المالـــي الـــذي تواجهـــه الموازنـــة العامـــة للدولـــة، وقـــد وضعـــت خطـــة للوصـــول بالعجـــز الأولـــي بالماليـــة العامــة إلــى نســبة %2ثــم،%2.5وهــو مــا ســيكون لــه نتائــج إيجابيــة بمــرور الوقــت فـــي خفـــض العجـــز الكلـــي بالماليـــة العامـــة وإمكانيـــة التحـــول إلـــى فائـــض وخفـــض نســـبة الديـــن مـــن الناتـــج المحلـــي الإجمالـــي. ولكن في تلك الظروف الاسـتثنائية عالميا اسـتطاع الاقتصاد المصري تحقيق معدلات نمـو اقتصـادي بمعـدلات كبيـرة وصلـت إلـى %5.3فـي عـام 2018/2017و %5.6فـي عام،2019/2018وانخفضـت معـدلات التضخـم إلـى مسـتويات متدنيـة لتصـل إلـى %7.3فـي عـام 2020وتسـتكمل انخفاضهـا لتصـل إلـى %7وفقا لبيانـات العام المالـي .2023/2022
ومـن المتوقـع أن يصـل الديـن الحكومـي إلى الناتـج المحلي الإجمالي فـي مصر إلى 85%مـن الناتـج المحلـي الإجمالـي بنهايـة عـام .2023وعلـى المـدى المتوسـط، مـن المتوقـع أن يصـل الديـن الحكومي المصـري إلى الناتج المحلي الإجمالـي إلى حوالي %80 مـن الناتـج المحلـي الإجمالـي في عـام 2024و %75من الناتـج المحلي الإجمالي فـي عـام 2025، وذلك مع الاسـتمرار في جهود الحفاظ على الاسـتقرار المالي المتوازن فـي ظـل تداعيـات الأزمـة الاقتصادية العالميـة، وجهود مسـاندة النشـاط الاقتصادي وتحفيـزه دون الإخلال باسـتدامة مؤشـرات الموازنة والدين