هل يهدد استهداف الحوثيين للقوات البحرينية مشاورات الرياض؟ (تحليل)
بينما كانت الأنظار تتجه إلى عملية سلام مرتقبة في اليمن الذي مزقته الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو 9 سنوات إثر انقلاب جماعة أنصار الله "الحوثي" على السلطة الشرعية والسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، استيقظ العالم على خبر استشهاد ضابط وفرد وسقوط عدد من الجرحى بين قوة دفاع البحرين على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، ضمن قوات التحالف الذي تقوده الرياض لإعادة الشرعية في اليمن.
الهجوم الإرهابي الذي قادته جماعة الحوثي ضد القوة البحرينية، يهدد بشكل واضح عملية الهدنة والمفاوضات حول وقف الحرب والتوصل لحل سياسي ينهي معاناة اليمنيين، فقبل أسبوع، استضافت العاصمة السعودية الرياض، مشاورات مع وفد حوثي لبحث ترتيبات السلام اليمني، حظيت باهتمام وتفاؤل دوليين.
مشاورات الرياض
وتعمل الرياض ومسقط من ناحية، وصنعاء من ناحية أخرى، على التوصل لخارطة طريق تضع حدًا لمعاناة اليمنيين ومواجهة المجاعة، والانقسام، والحرب الأهلية التي أهلكت الحرث والنسل، وإنهاء الصراع اليمني.
وسائل إعلام دولية وصفت قبل أيام، اللقاء الذي جمع الوفد الحوثي ومسئولين سعوديين وعمانيين على رأسهم وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود، بأنه يوحي بأن ترتيبات أمنية وعسكرية بين السعودية والحوثيين ربما يجري بحثها بجدية، لتأمين حدود المملكة، كمقدمة تؤدي لشكل جديد من العلاقات مع الحوثيين الذين يحكمون العاصمة صنعاء بحكم الأمر الواقع.
تاريخ من المراوغة
تاريخ المراوغة الذي يتميز به الحوثيون خلال السنوات الماضية خلق حالة من عدم الارتياح في الأوساط اليمنية لهذه المشاورات، واعتبرها مراقبون يمنيون بلا جدوى، وتكسب الحوثيين مزيدًا من الوقت ليس إلا، لترتيب أمورهم والتغلب على الوضع الاقتصادي المأزوم في مناطق سيطرتهم.
هذه الرؤية المتشائمة سيطرت على قطاعات يمنية كبيرة مناهضة للحوثيين، مرجعين رؤيتهم لتاريخ المراوغة الطويل المعروف عن هذه الحركة المصنوعة في إيران.
مشاورات الرياض تركزت حول التوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في اليمن. وتبادل إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والمحتجزين لدى الطرفين. ودفع رواتب موظفي الجهازين العسكري والمدني في اليمن بعد انقطاعها لنحو ثماني سنوات من الحرب. وإفساح المجال أمام تدفق السلع والأغذية والأدوية والسماح بالسفر، وذلك عبر الموانئ والمطارات اليمنية المختلفة.
ورغم حالة الامتنان الدولية التي عبر عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بقوله، إن الزيارة الرامية إلى التوصل إلى حلول لعدد من القضايا الخلافية تيسيرًا لاستئناف عملية سياسية بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة تنبئ بحل في القريب. إلا أن الهجمات التي تعرضت لها القوات البحرينية قد تعيد هذه المفاوضات إلى المربع صفر من جديد.
موقف إيراني غامض
قال بيان لوزارة الخارجية السعودية بعيد انتهاء المشاورات، إن اجتماع فريق التواصل والتنسيق، برئاسة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، الذي زار صنعاء خلال أبريل الماضي، خرج بنتائج؛ أبرزها التوصل إلى العديد من الأفكار والخيارات لتطوير خريطة طريق تتوافق عليها الأطراف اليمنية كافة.
وقال وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في تغريدة له على منصة إكس: نتطلع إلى أن تحقق النقاشات الجادة أهدافها، وأن تجتمع الأطراف اليمنية على الكلمة ووحدة الصف؛ لينتقل اليمن إلى نهضة شاملة وتنمية مستدامة للشعب اليمني الشقيق، في ظل استقرار سياسي وأمن دائم، يتكامل مع النهضة التنموية للمنظومة الخليجية.
ولا يمكن التوصل إلى استنتاجات نهائية من تناقض الحوثيين الذين جاء ردهم على مشاورات الرياض بالهجوم على قوة بحرينية ضمت قوات تحالف دعم الشرعية، أو إذا كانت إيران مباركة لتلك المشاورات أم لا حتى الآن، في ظل عودة علاقاتها مع السعودية برعاية صينية في مارس الماضي.