قصة قنبلة القيصر النووية.. كيف ظهر السلاح الروسى الذى أرعب العالم؟
قبل 62 عامًا، شهد العالم أكبر اختبار نووي في التاريخ، حيث أطلقت روسيا قنبلة هيدروجينية تُعرف باسم "قنبلة القيصر" في منطقة نائية في المحيط المتجمد الشمالي، وكانت هذه القنبلة ذات ثلاث مراحل، تستخدم عملية اندماج نووي لإطلاق طاقة هائلة تعادل 3800 ضعف طاقة قنبلة هيروشيما، وكان هذا التفجير رسالة قوية من روسيا إلى أمريكا والغرب، لإظهار قدراتها العسكرية والعلمية، وفي نفس الوقت، كان هذا التفجير مصدر قلق وخطورة للبشرية، لأنه أظهر المخاطر المحتملة لحرب نووية.
كيف تم بناء وإطلاق قنبلة القيصر؟
تم بناء قنبلة القيصر من قبل مجموعة من الفيزيائيين السوفيات شملت الفيزيائي أندري ساخاروف، والذي اشتهر لاحقًا بنشاطه المناهض للاستخدامات العسكرية للطاقة النووية.
وكانت القنبلة تستخدم عملية اندماج نووي لنظائر الهيدروجين، يتم تحفيزها بواسطة قنبلة نووية عادية في المرحلة الأولى. وكانت قوة التفجير المخطط لها في البداية 100 ميجا طن، لكن تم تخفيضها إلى نصفها لتقليل التداعيات الإشعاعية والبيئية.
تم إطلاق قنبلة القيصر في 30 أكتوبر 1961، من قبل قاذفة استراتيجية من طراز توبولوف Tu-95V، التي تم تعديلها خصيصًا لحمل هذه الحمولة الثقيلة والضخمة.
وكان وزن القنبلة 27 طنًا، وطولها 8 أمتار، وقطرها 2.1 متر. وتم إسقاطها من ارتفاع 10.5 كيلومتر فوق جزيرة نوفايا زيمليا في المحيط المتجمد الشمالي.
وتم تزويد القنبلة بمظلة خاصة من شأنها أن تبطئ سقوطها، مما يسمح للطائرة بالابتعاد إلى مسافة آمنة من موقع التفجير.
ما هي آثار قنبلة القيصر؟
انفجار قنبلة القيصر كان مذهلاً ومرعبًا في نفس الوقت. وأنتج أقوى انفجار من صنع البشر على الإطلاق، مما أدى إلى إنتاج سحابة عيش الغراب على ارتفاع أكثر من 60 كيلومتر، وشوهد وميض الانفجار على بعد 1000 كيلومتر، وكان الضرر الناتج هائلاً بنفس القدر. وتضررت المباني التي تبعد أكثر من 160 كيلومتر. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن الحرارة الناتجة عن الانفجار كانت ستسبب حروقًا من الدرجة الثالثة للأشخاص حتى مسافة 100 كيلومتر من موقع التفجير.
وبعد الاختبار، تم اعتبار التداعيات الناتجة عن مثل هذا التفجير خطيرة للغاية، وبالتالي تم التخلي عن استخدام قنبلة القيصر عمليًا، فبالنظر إلى حجمها، لا يمكن إطلاقها بواسطة صاروخ باليستي.
وكان لابد من نقلها بطائرات تقليدية، والتي يمكن اعتراضها بسهولة قبل الوصول إلى هدفها، وبذلك، كان يُنظر إلى قنبلة القيصر على أنها سلاح دعائي.
ما هي أهمية قنبلة القيصر في التاريخ؟
قنبلة القيصر كانت رسالة قوية من الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة والعالم، في ذروة الحرب الباردة، وكانت تظهر قدرة السوفيت على تطوير أسلحة نووية فائقة، والتحدي للهيمنة الأمريكية، وكانت تجسد أيضًا المخاطر المحدقة بالبشرية في حال نشوب حرب نووية.
ولكن قنبلة القيصر لم تكن مجرد سلاح مدمر. بل كانت أيضًا محفزًا للسلام والنزع النووي، فالعالم الفيزيائي المصمم لها -ساخاروف- انخرط بعدها بشكل متزايد في الجهود المبذولة للحد من التجارب النووية تحت الأرض.
حيث أثار اختبار قنبلة القيصر قلقًا دوليًا، مما أدى إلى توقيع اتفاقية حظر التجارب الجزئية في عام 1963، وأصبحت قنبلة القيصر رمزًا للقوة والخطورة وأيضًا للأمل في عالم بدون تجارب نووية.