"قصص الفانتاستيك" للكاتب كى دى موبسان.. أحدث منشورات المتوسط
صدر حديثا عن دار منشورات المتوسط، كتاب بعنوان "قصص الفانتاستيك" للكاتب كي دي موبسان، ومن ترجمة الكاتب أحمد المديني.
ويتضمن الكتاب، مجموعة من القصص بنوع مختلف، لكاتبها كي دي موبسان، أحد أشهر الأدباء الفرنسيين في منتصف القرن التاسع عشر وإلى نهايته، وهو معلم أول للقصة القصيرة، وفي هذا الكتاب يستكشف القارئ فنا آخر ورواية مغايرة وعالما سحريا ينبض بالحياة.
عن المؤلف كي دي موبسان
ولد موبسان في ٥ أغسطس عام 1850، في قصر (ميرومنيل)، قرب مدينة (Dieppe دييب) بإقليم النورماندي، شمال غرب فرنسا.
التحق في صباه بالمدرسة العمومية وفيها بقي إلى حصوله على الثانوية العامة في ليسي كورناي، بمدينة روان 1869، وتابع دراسة القانون في باريس، وبعدها التحق بالخدمة العسكرية إبّان الحرب التي اشتعلت بين فرنسا وبروسيا سنة 1870، وبتدخل من والده أفلت من الحرب وأُحيلَ إلى مكتب إداري في روان إلى غاية 1878.
يعرف دارسو موبسان أنه استمدّ من هذه الحرب القصةَ الأبلغَ والأشهر في نتاجه القصصي، رسم فيها الخصائص الفنية، تقنيةً، وأسلوبيةً، ورؤيةً للحياة، ولكتابته، نعني (Boule de suif)؛ (1888)، وعقب هذا التحق بوزارة البحرية، حيث قضى عشر سنوات يعمل، بموازاة مع انهماكه في أعماله الأدبية، وانغماسه في الوسط الأدبي لمحيطه.
وفي سنة 1881 نشر قصصه الأولى „La Maison Taillier“، تلتها المجموعة الثانية „Mademoiselle Fifi، ثم بعد عامين روايته البكر“Une vie“ لتبدأ معها شهرتُه، وقد نقلها وروّجها صاحبه الكاتب الروسي تورجنيف إلى روسيا، مع نجاحه الأدبي جنى موبسان مالاً وفيراً من حقوق التأليف، خاصةً بعد صدور روايته „Bel-Ami) „1885) إذ لاقت انتشاراً واسعاً بإعادة طبعها (36 طبعة)، وفتحت له باب الثروة، صوّر فيها تأثير النظام الرأسمالي على أفراد محددين في المجتمع من خلال نموذج الوصولي، وقد أحدثت الرواية ضجةً أخلاقيةً وأصداء نقدية قوية.
كما عمل موبسان في الصحافة، تحديدا في صحيفتا Le Gaulois وGil Blas، و نشر فيها تعليقاته وقصصَه، إذ بلغت ثلاثمائة قصة، قبل نشرها في مجاميع مستقلة، فمن سنة 1880 إلى 1890 أنجز كل أعماله حتى لُقب: „ثور النورماندي“، وهو يعاني من الزُّهري، مرضُ كُتاب وقته، الذي أنهكه مع نوْباتٍ نفسيةٍ حادة أدخلته مصحةَ الأمراض العصبية بعد محاولة انتحار، وبقي إثرَها مشلولاً عاماً ونصف عامٍ إلى رحيله سنة 1893.
عن الكاتب أحمد المديني
هو قاص وروائي، باحث جامعي وناقد أدبي، من المغرب. خريج جامعة السوربون بدرجة دكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية 1990.
عمل أستاذاً في جامعات مغربية وفرنسية، ةصدرت له أعمال عديدة قصصية وروائية، ورحلات، ودواوين شعرية، ودراسات جامعية ونقدية وترجمات أدبية، عن دور نشرٍ عربية، وأجنبية، كما تُرجمت بعض كتاباته إلى الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، وحصل على جائزة المغرب للكتاب في فئة الدراسات الأدبية والنقدية عام 2003، وعلى الجائزة نفسها في فئة الإبداع السردي عام 2009.
ومن أجواء الكتاب:
أجل، فلا أحد يفِد عليه، وما تكلم فيها أحد قط. كانت ميتةً، خرساءَ، بلا صدى لأي صوت بشري.
وإن للمرء أن يتصور بأن الجدران تحتفظ بشيءٍ من الأشخاص الذين يعيشون بداخلها، بشيء من إهابهم، من وجوههم، كلماتهم.
والمنازل التي تسكنها عائلات سعيدة هي أكثرُ مرحاً من بيوت الأشقياء. أما غرفته هو، فهي فارغةٌ من كل ذكرى مثل حياته تماماً، ومجرد التفكير في العودة إلى هذه الغرفة وحيداً، والارتماء على سريره وإنجاز كل الحركات والأعباء الاعتيادية فيها، يُنهكه أشدّ الإنهاك.
وكما لو أنه يحاول الابتعاد عن هذا المسكن التعيس، واللحظة التي سيضطر فيها للرجوع إليه، نهض من جديد وانحشر في أول ممشى في الغابة، واستلقى بجسده على العشب.حوله، تحته، وفي كل ما يحيط به طفق يسمع صوتاً غامضاً، صوتاً هائلاً ومتتابعاً مصنوعاً من ضجيجٍ متعددٍ ومتنوعِ الإيقاع؛ صوتاً أصمّ، قريباً، بعيداً، يحمل نبض الحياة متموجاً: إنه لهاثُ باريس، وهي تستنشق مثل كائنٍ هائل الشكل.