“عين الحلوة”.. كيف تؤثر الأحداث الدامية على أمن لبنان؟
تواصلت الإثنين، الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوبي لبنان، لليوم الخامس على التوالي.
وذكرت الوكالة اللبنانية للإعلام أن مخيم عين الحلوة شهد، مساء أمس، إطلاق بعض الرشقات الرشاشة والقذائف الصاروخية التي طالت شوارع مدينة صيدا، لكن ارتفعت وتيرة الاشتباكات صباح اليوم دون أن تتعدى مربعها المحدود.
أبعاد الصراع
قال المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، إن أحداث عين الحلوة لها عدة أبعاد، منها صراع فلسطيني- فلسطيني وكل فريق يريد السيطرة عليه، وهناك بعد آخر يسعى لتوريط الجيش اللبناني في أحداث فلسطينية؛ لإلهائه عن مهام أخرى، ونقل الصراع من المخيم إلى محيطه.
وحذر أبو زيد في حديثه لـ"الدستور"، من أن نقل الصراع خارج المخيم يورط قوى لبنانية أهلية وسياسية، ويؤدي لتوسيع الأحداث، ويزيد من التعقيدات والخلافات الداخلية، ويمكن أن تنتشر هذه الفوضى إلى مخيمات أخرى تورط لبنان في أحداث أمنية واسعة وخطيرة.
أشار المحلل اللبناني إلى أن هناك أطرافا داخل المخيم هي المسؤولة عن هذه الأحداث، فضلا عن أطراف إقليمية ودولية تحاول زعزعة أمن لبنان، وتستفيد من هذه الأحداث لإثارة الفوضى والاضطرابات داخل لبنان.
وتابع قائلاً: "هذه الأحداث مؤشر للوضع في لبنان، وإما أن يذهب إلى تسوية معينة، أو سنرى انفجارًا أمنيًا يصيب المخيم وأماكن أخرى من البلد، لافتا إلى أن هذه الأحداث تؤثر على الوضع الأمني بشكل عام.
وأوضح أبو زيد أنه إذا امتدت الأحداث خارج المخيم، وتورط قوى سياسية وحزبية في هذا الصراع، سوف يتحول إلى فتنة داخلية، وفتنة لبنانية- فلسطينية أيضا، لهذا يجب تطويقه بأسرع وقت ممكن.
تنافس على إدارة المخيم
من ناحيته، قال المحلل السياسي اللبناني أحمد يونس، إنه لا بد من الإشارة إلى أن مخيم عين الحلوة هو أكبر مخيمات لبنان، ويضم أكثر من ٦٣ ألف لاجئ مسجلين في مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، وموقعه في مدينة صيدا عاصمة جنوب لبنان، والتي تربط العاصمة اللبنانية بيروت بجنوب لبنان.
وأضاف يونس في حديثه لـ"الدستور"، أن الاشتباكات بدأت في ٢٩ يوليو بين الإسلاميين المتشدديين وحركة فتح، إثر مقتل أحد الإسلاميين، وكان ردهم باغتيال المسؤول في حركة فتح أبو أشرف العرموشي، وقد دامت آنذاك الاشتباكات خمسة أيام، تدخلت خلالها أحزاب فلسطينية ولبنانية ساهمت في التهدئة.
أوضح أنه تم الاتفاق وقتها على تسليم المشتبه بهم في مقتل القيادي في فتح وشخص آخر منتمي للجماعات الإسلامية المتشددة، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يتم تسليم أي مشتبه من الطرفين، ما ساهم في شحن النفوس وعودة التوتر، بجانب سبب مباشر هو أن هيئة العمل المشترك في المخيم الفلسطيني اتخدت قرارا من قبل الهيئة بسحب جميع المسلحين المنتشرين في مدارس الأنروا.
أشار إلى أن هناك عدد من هؤلاء المسلحين ينتمون للجماعات الإسلامية المتشددة، ما أثار حفيظتهم وساهم بتجدد الاشتباكات مع حركة فتح، وهناك مصادر حزبية داخل المخيم تقول بأن هناك سعي من وراء تلك الاشتباكات للقضاء على حركة فتح داخل المخيم وتسليم قيادة المخيم لحركة حماس والجهاد.
وتابع بقوله: لا شك أن تلك الاشتباكات تطال أماكن خارج المخيم، حيث وصلت القذائف إلى مناطق في صيدا وأصيب العديد من اللبنانيين وعناصر من الجيش اللبناني، ومن المعروف أن لا سلطة لبنانية على المخيمات الفلسطينية لأنهم يمتلكون حكما ذاتيا داخل المخيم بموجب اتفاق ضمني بين السلطات اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
اجتماع مرتقب
أشارت الوكالة اللبنانية إلى أنه من المقرر أن يجتمع كل من العميد الياس البيسري المدير العام للأمن اللبناني بالإنابة وممثلي الفصائل الفلسطينية وهيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، في العاصمة بيروت، لبحث سبل وضع حد للاشتباكات.
أسفرت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة والمستمرة منذ الخميس الماضي، عن مقتل 4 أشخاص وجرح 25 آخرين.
وأغلقت السلطات المحلية الإدارات الرسمية العاملة في سرايا صيدا بسبب المستجدات الأمنية حرصا على سلامة المواطنين والموظفين.
يشار إلى أن اشتباكات اندلعت في نهاية يوليو الماضي بمخيم عين الحلوة، الذي يعد من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأسفرت عن مقتل 11 شخصا وأكثر من ستين جريحا، كما تسببت في أضرار جسيمة بالممتلكات والبنى التحتية داخل المخيم، إضافة إلى نزوح عشرات العائلات.