الكنيسة البيزنطية بمصر تحيي ذكرى عيد ميلاد العذراء
تحتفل الكنيسة البيزنطية اليوم بذكرى عيد ميلاد العذراء، وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها ان "واسم العذراء مريم"، يعني هذا الاسم وكما يُقال "نجمة البحر"، وهو يناسب تمامًا أمّنا العذراء، لا شيء صحيح أكثر من مقارنتها بنجمة توزّع أشعّتها بدون أن تتغيّر، كما ولدت ابنها ماكثة بتول، إنّها فعلاً "هذا الكوكب الذي خرج من يعقوب" التي أنار بهاؤها العالم بأجمعه، الذي يضيء في السماوات ليصل إلى أعماق الجحيم، إنّها بحقّ هذه النجمة الجميلة والمتألّقة التي ارتفعت فوق البحر الشاسع متألّقة بمزاياها ومنيرةً بمثالها.
أنتم جميعًا، كائنًا مَن كنتم، أنتم الذين تشعرون اليوم بأنّكم وسط البحر، تتقاذفكم الأمواج والعاصفة بعيدًا عن اليابسة، أبقوا أعينكم على نور هذه النجمة لكي تتجنّبوا الغرق. إن هبّت رياح التجربة، وإن شاهدت اقتراب المحنة، تطلّع نحو النجمة واستدعِ مريم! إن كانت أمواج الكبرياء والطموح والغيرة تتقاذفك، أنظر إلى النجمة واستدعِ مريم... إن كان ثقل خطاياك يثير فيك الاضطراب، إن كان ضميرك يشعرك بالعار وإن كنت مرتعبًا من الدينونة، إن كنت على وشك السقوط في هاوية الحزن واليأس، فكّر في مريم. في الخطر والقلق والشك، فكّر في مريم، إستدعِ مريم! فليبقَ اسمها دائمًا على شفتيكَ وفي قلبك... فمن خلال اتّباعها، لن تعرف الضياع أبدًا؛ من خلال التضرّع إليها، لن يصيبك اليأس أبدًا؛ من خلال التفكير فيها، ستتجنّب كلّ سبيل خاطىء. إن تركتها تمسكك بيدك، لن تضيع أبدًا؛ إن تركتها تحميك، لن تخشى شيئًا؛ تحت قيادتها، لن تعرف التعب؛ تحت حمايتها، ستصل إلى المنتهى. وستفهم من خلال خبرتك كم هي محقّة هذه الكلمات: "اسم العذراء مريم".
وهناك تقليد قديم، ذكره في القرن الثاني بعد المسيح مؤلف كتاب "ميلاد مريم" واورده أيضاً في القرن الرابع مؤلف " انجيل يعقوب" المزوّر، نعرف منه أن يواكيم وحنّة، اذ لم يكن لهما ولد، تراءى لهما ملاك الرب وبشَّرهما بمولد ابنة لهما قد اختارها العليّ لشرف اثيل. بعد ميلاد الطفلة، حرصا أشدَّ الحرص على تربيتها، إلى يوم تمكنّا من تقدمتها إلى هيكل الرب حيث عاشت إلى أن خطبت ليوسف البتول. تدعونا الكنيسة في رتبة العيد إلى التأمل في الدور الذي شغلته مريم العذراء في عمل الفداء. فمريم العذراء هي شريكة ابنها الفادي يوصفها أمه.
وإذ اختارها الله منذ الأزل لتكون أم الكلمة المتجسد، نراها منذ مولدها سلطانة العالم، لانها هي التي اعطت البشرية شمس العدل، واغدقت عليها بابنها الالهي الفرح الابدي، ذلك ما يعبر عنه القدّيس يوحنا الدمشقي، اذ يهتف بيواكيم وحنّة:" هنيأً لكما، أَيها الزوجان! فإِن الخليقة كلها لمدينةٌ لكما، لأنها استطاعت بكما أن تقدّم للخالق الهدية التي لا تعلوها هدية، الام البتول، التي هي وحدها جديرة بالخالق، فافرح يا يواكيم، لان الابن أعطيَّ لنا مولوداً من ابنتك".