الصحة: مصر من أولى الدول التى تنبهت إلى التأثير السلبى للتغير المناخى على نظم الرعاية الصحية
أكد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، أن مصر كانت من أولى الدول التي تنبهت إلى التأثير السلبي للتغير المناخي على نظم الرعاية الصحية، وهذا ما ظهر جليًا خلال الجهود الملحوظة للتنسيق لجميع قضايا الصحة والمناخ لكل الأطراف المشاركة في فعاليات الدورة (27) لقمة المناخ العالمية، التي ترأستها مصر خلال العام الماضي، والتي كان أبرز ثمارها المشاركة في تحالف العمل بشأن الصحة والمناخ ATACH، بمشاركة الدكتور تادروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.
وقال الدكتور عبدالغفار، في كلمته اليوم الخميس، خلال الاحتفال بيوم الصحة العربي تحت عنوان "تأثير تغير المناخ على الصحة" بمقر الجامعة العربية، إن هذا التحالف يعد آلية للجمع بين الدول والشركاء التقنيين وجهات التمويل لدعم تنفيذ الالتزامات الصحية المشتركة لمواجهة التغيرات المناخية، مؤكدًا أن جهود العمل كللت بالنجاح من خلال هذا التحالف بإطلاق مبادرة "I –CAN" لدعم السياسات المتعلقة بالمناخ والتغذية.
مستشفى شرم الشيخ الدولي
ونوه وزير الصحة إلى افتتاح مستشفى شرم الشيخ الدولي خلال فعاليات تلك القمة، وتقديمه كنموذج لأول تجربة لمستشفى خضراء صديقة للبيئة في مصر، بعد نجاحه في الحصول على الاعتراف الدولي من شبكة المستشفيات العالمية الخضراء.
وأضاف أن الاحتفال بيوم الصحة العربي يشتمل، ضمن فعالياته، على موضوعين بالغي الأهمية؛ أولهما هو لفت الأنظار نحو تأثير التغير المناخي على الصحة، وثانيهما هو الاحتفال بتكريم الفائزين بجائزة الطبيب العربي للعام الجاري.
وأوضح أنه أصبح جليًا للجميع، سواء على المستوى الإقليمي العربي أو على المستوى العالمي، التأثير البالغ الخطورة للتغير المناخي على كل مناحي الحياة، ومنها التأثير السلبي الكبير على صحة الإنسان والحيوان والنبات، وهو ما بذلنا جهودًا كبيرة خلال الأعوام الماضية للتحذير من مخاطره وتداعياته على أنظمة الرعاية الصحية، وهو ما أدي بدوره إلى عرقلة جهودنا الوطنية والدولية في الوصول إلى فضاء أبعد من النمو والتطوير.
وأشار وزير الصحة إلى أن التغير المناخي ساعد بطريقة أو بأخرى في تفشي عدد من الأمراض الوبائية، سواءً تلك التي عايشناها في الآونة الأخيرة مثل وباء "كوفيد 19" أو الأوبئة المستقبلية المتوقع مواجهتها، والتي تمثل تهديدًا مباشرًا لأنظمة الطوارئ الصحية العالمية.
التغير المناخي
ونبه عبدالغفار إلى أنه من المتوقع أن يتسبب التغير المناخي بحلول عام 2030 فيما يقدر بنحو 250 ألف وفاة سنويًا، بسبب أمراض سوء التغذية والملاريا والإجهاد الحراري، فضلًا عن التكاليف المباشرة للأضرار الواقعة على القطاع الصحي، والتي من المتوقع وصولها إلى أربعة مليارات دولار سنويًا.
وأكد "أنه لا يغيب عنا في هذا الصدد التأثير الخطير للتغير المناخي على الأمن الغذائي العالمي، فالغذاء الصحي جزء لا يتجزأ من صحة الإنسان، وبسبب تداعيات التغيرات المناخية شهد العالم تطورات خطيرة اعترت جودة المحاصيل الزراعية وكفاءتها، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية تتعلق بأمراض سوء التغذية والأمراض البدنية والعقلية لدي الأطفال والفئات العمرية الأكثر احتياجًا من النساء وكبار السن".
وأوضح وزير الصحة أن تداعيات التغير المناخي لا تقتصر على الأمراض العضوية فحسب، بل يمتد إلى أمراض الصحة النفسية والإدراكية لدي الأفراد، حيث يتسبب في تنمية سلوكهم العدائي ببيئة العمل، وهو ما يؤثر على السمات الشخصية والاجتماعية لديهم، مما يمثل تهديدًا خطيرًا على المكون المجتمعي والأمن الاجتماعي للدولة المتأثرة بالتغير المناخي.
وقال عبدالغفار "إنه على الرغم من أن دولنا العربية من الدول منخفضة الانبعاثات الكربونية إلا أن التغير المناخي لا يعترف بالحدود، وبالتالي فهي تتأثر مثل غيرها بانبعاثات الكربون المرتفعة من الدول الصناعية الكبري، وهو ما يدفعنا جميعًا إلى بذل الجهود المشتركة لمواجهته"، داعيًا تلك الدول للاستمرار في رأب جهود الدول النامية سواء بدعم النظم الصحية أو تقديم الدعم المباشر لإزالة الآثار السلبية الناجمة عن التغير المناخي.
وأكد الحرص على المشاركة واستكمال ودعم كل الجهود الوطنية والدولية لمواجهة آثار التغير المناخي، خلال فعاليات انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لقمة المناخ بدولة الإمارات العربية الشقيقة العام الجاري.
استراتيجية الصحة الواحدة
وأضاف وزير الصحة "إنه على الصعيد الوطني، حرصنا على إطلاق استراتيجية الصحة الواحدة لتحقيق التوازن المستدام بين جميع مكونات النظم الإيكولوجية، بما يساعد على تحسين صحة الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء".
وتابع: "إننا حرصنا على أن يتخلل المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية، والذي تجرى فعالياته حاليًا على أرض مصر، عدد من الجلسات الحوارية والنقاشية بشأن تأثير التغير المناخي على قضايا الصحة والسكان وانعكاساتها على جهود التنمية، حيث تتمحور تلك الجلسات حول عدة قضايا مثل الجهود المبذولة نحو بناء أنظمة رعاية صحية مستدامة وقادرة على الصمود في وجه التغير المناخي، وكذلك النقاش بشأن المبادرات المجتمعية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف الصحي".
وأكد عبدالغفار الحرص الكامل على استمرار التعاون والدعم لإنجاح كل القرارات الصادرة عن مجلس وزراء الصحة العرب في دوراته المتتالية، معتبرًا أن تخصيص يوم للاحتفال بيوم الصحة العربي بادرة أمل لتعزيز جهودنا المشتركة نحو دفع العمل الصحي العربي إلى أطره التنفيذية الفعلية، لتنعكس بالتالي على حياة مواطنينا صحيًا واجتماعيًا.
ولفت وزير الصحة إلى أن اختيار مجلس وزراء الصحة العرب بأن يكون محور الدورة القادمة للمجلس هو "مقاربة الصحة الواحدة"، الذي تقدمت به المملكة المغربية الشقيقة، يعد إدراكًا من المجلس بأهمية تسليط الضوء على قضايا الصحة والمناخ، فضلًا عن قرار مجلس وزراء الصحة العرب بشأن الإعداد لاستضافة المملكة المغربية المنتدي الوزاري الأول للصحة والبيئة، المقرر خلال النصف الثاني من العام الجاري، تحت عنوان "التصدي للمخاطر البيئية وتأثيراتها الصحية في المنطقة العربية" .
وأشار عبدالغفار إلى المتابعة الدقيقة للأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العربية لتقارير الدول الأعضاء بشأن التقدم المحرز للاستراتيجية العربية للصحة والبيئة ودليل عملها، وتعميم تلك التقارير على الدول الأعضاء للاستفادة والاسترشاد بها.
جائزة الطبيب العربي
وتقدم وزير الصحة- في كلمته- بخالص التحية والتقدير للأطباء الفائزين بجائزة الطبيب العربي للعام الحالي، متمنيًا لهم دوام النجاح والتوفيق في رسالتهم الإنسانية السامية، مضيفًا أن التكريم قد صادف أهله باختيار الدكتور أحمد عبدالرحمن شقير، المرشح المصري بالمركز الأول، والدكتور نجيب بن أحمد، مرشح الجمهورية التونسية الشقيقة بالمركز الثاني، والدكتورة "أفلين حتي" مرشحة الجمهورية اللبنانية الشقيقة بالمركز الثالث.
وخاطب عبدالغفار الأطباء الفائزين قائلًا: "لقد كنتم قدر المسئولية التي كُلفتم بها، حيث بذلتم كل الجهد الإنساني والطبي لخدمة مواطني دولكم، وكان لزامًا على مجلس وزراء الصحة العرب أن يقابل هذا الجهد العظيم بالتكريم الذي تستحقونه عن جدارة واقتدار".
وأضاف: "أنتم فخر لدولنا العربية ولأنظمتنا الصحية العريقة، والتي تثبت يومًا بعد يوم أن لديها من الكوادر العلمية والطبية ما يؤهلها، لأن تصبح في مصاف الأنظمة الصحية المتقدمة".
ودعا وزير الصحة في هذا الإطار "الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب إلى تعميم السير الذاتية للأطباء الفائزين بالدول العربية الأعضاء، ليسترشد بها شبابنا في المنظومة الصحية العربية بمسيرتهم العلمية والعملية، وليكونوا خير مثال لهم في عطائهم وجهودهم التي نقدرها ونجلها جميعا"، داعيًا الله أن يوفق الفائزين في استكمال مسيرتهم العلمية المشرفة لوطننا العربي على المستويين الإقليمي والدولي.
التعاون الصحي
وأكد ضرورة تضافر الجهود العربية المشتركة في تعزيز ودعم التعاون الصحي والاجتماعي، بما يحقق الرفاه الصحي لمواطني الدول العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية؛ وتحت رعاية الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط، موجهًا له الشكر والعرفان لجهوده في دعم عمل مجلس وزراء الصحة العرب والأجهزة المنبثقة عنه، لاتخاذ ما يلزم من قرارات وتوصيات تصب في صالح الجمع العربي.
كما توجه وزير الصحة بخالص الشكر إلى الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بجامعة الدول العربية السفيرة الدكتورة هيفاء أبوغزالة، التي لا تدخر جهدًا في سبيل إنجاح العمل العربي الصحي المشترك، وإنجاح أعمال مجلس وزراء الصحة العرب، ليحقق أهدافه ومقاصده كإحدى الأذرع الفعالة لجامعة الدول العربية.