ملتقى شبهات وردود بالجامع الأزهر يعدد فوائد الأمن العلمى على الأوطان
عقدَ الجامع الأزهر اليوم، حلقة جديدة من ملتقى "شبهات وردود"، والتي جاءت بعنوان (الإسلام والأمن العلمي)، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف د .عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، ود. هاني عودة، مدير الجامع الأزهر.
وحاضر في الملتقى د .حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة وعضو اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة، ود. عبدالله سرحان، عميد كلية الدراسات العليا السابق، ود. حسن القصبي، الوكيل السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية.
وأكد د. حبيب الله حسن، أن الأمن نعمة من نعم الله - عز وجل - وهي من النعم التي أكد على قدرها وعظمها القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، وقال رسول الله ﷺ "مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى فِي بَدَنِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" .
ولفت أستاذ العقيدة، إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية ذكرتا نعمة الأمن على إطلاقها، ولكن جاءت الدول في عصرنا الحديث فنوعت في صنوف الأمن، فجاء التنويه بالأمن الخاص كالأمن الغذائي والأمن الوظيفي والأمن الاجتماعي، وما دامت هذه المفاهيم الخاصة قد استُحدثت وأُدرجت في الإطار الكلي لمفهوم الأمن، فمن الطبيعي أن تدرج مفاهيم أخرى خاصة كالأمن العلمي، ولتقريب هذا المفهوم إلى الأذهان نقول إن العلم كالغذاء لا بد أن نوفر أسبابه ووسائله، بأن يكون في مأمن من وضع العراقيل في طريقه، والإسلام بتعاليمه وآدابه وأحكامه يوفر الرعاية والمناخ المناسب لطلب العلم ونشره والإبداع في مجالاته المتنوعة، ولم يكتف الإسلام بهذا وحسب، بل جعل العلم فريضة؛ ليبين أهميته للناس وأنه ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات الاستغناء عنها.
من جانبه، أوضح د. عبدالله سرحان، أن مصطلح "الأمن العلمي" يعدُّ طرحًا فكريًّا جديدًا، وهو حقيق بأن يتناوله العلماء بالبحث والتوضيح، وقد نص القرآن الكريم صراحة على وسيلتين من وسائل العلم، هما القراءة والكتابة، فقال تعالى: (ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (٢) ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (٣) ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (٤) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ" وأقسم ربنا بالقلم في موضع آخر، فقال تعالى"ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ".
وأكد د.سرحان، على مكانة العلم وأثره في حياة الناس، والعلم لا بد أن يتوفر له الأمن، فلا علم مع الخوف، ولا مندوحة عن ربط العلم بالاستقرار النفسي الذي هو نتيجة من نتائج الأمن العام، وقد ضرب فضيلته مثالًا على الخوف بـ"جائحة كورونا"، التي كانت وسيلة من وسائل الجزع وغياب الاستقرار النفسي، مما جعل الدولة تسعى سعيًا حثيثًا لتوفير المناخ الآمن للعلم، فقامت بإنشاء المنصات التعليمية؛ حتى لا يحرم طلاب العلم من حقهم في التعليم، وأنه ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات الاستغناء عنها.
في ذات السياق، ذكر د. حسن القصبي، أن سلف الأمة حرصوا على العلم، فأحدثوا نهضة كانت سببًا في تقدم أمم الغرب التي أفادت من علومهم، والأمة يجب أن يتنافس أفرادها في هذا المضمار وأن تسابق الأمم الأخرى، فالتقاعس في هذا المضمار إثم وعار، وعلى أفراد الأمة مجتمعين مسئولية القيام على الأمن العلمي؛ حتى تستعيد الأمة مكانتها ونهضتها، فالأمن العلمي فريضة مجتمعية يتشاركها العلماء والأفراد، وليس لأحد التنصل من تلك المسئولية.