فوق الأعباء عبئًا..
"بيزنس الزي المدرسي".. البُعبُع الذي ينتظر أولياء الأمور كل عام
أزمة يترقبها أولياء الأمور كل عام، ويحسبون للعبور منها ألف حساب، إنها أزمة "الزي المدرسي" حيث يشهد ارتفاعا كبيرا في أسعاره كل عام وما تمارسه بعض المدارس من فرض وإجبار على الأهالي شراؤه من محال بعينها دون غيرها، تلك الممارسات جميعها التي توضع تحت مسمى "بيزنس الزي المدرسي"، وهو ما جعل عدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ، يستخدمون أدواتهم البرلمانية مطالبين بضرورة عدم تغييره، وذلك بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل الأسرة المصرية.
إذ أكدت النائبة ريهام عفيفي فى طلب مناقشة تقدمت به إلى رئيس مجلس الشيوخ ووزير التربية والتعليم، أن هناك عدد كبير من الشكاوى وصلت لها من أولياء الأمور بشأن إجبار المدارس الخاصة لهم بشراء الزي المدرسي الجديد لطلاب المدرسة.
وتابعت موضحة أن الزي المدرسي الجديد لا يختلف عن الزي القديم إلا في شكل البادج، لافتة إلى أن بعض المدارس أبلغت أولياء الأمور بضرورة الاعتداد بالزي المدرسي الجديد رغم عدم ضرورة ذلك في ظل الوضع الاقتصادي القائم.
الأزمة على أرض الواقع رصدتها "الدستور" من خلال بعض أولياء الأمور الذين كشفوا عن معاناتهم مع "الزي المدرسي" والممارسات التي تضيف على أعبائهم.
"سعر الجاكت لوحده معدي الـ1000 جنيه"
السيدة آلاء غلاب تشكو من الارتفاع الكبير لأسعار الزي المدرسي الخاص بمدرسة ابنتها، وهي إحدى المدارس الدولية الكائنة بمحافظة الغربية، موضحة أن زي العام الماضي الذي اشترته كان عبارة عن شروال واحد فقط "بنطلون"، وتيشرت نص كم وأخر بكم ولكنه قد تكلف 2000 جنيه، وذلك دون حساب سعر "الجاكت".
"لقيت الجاكت الواحد سعره معدي الألف جنيه"، تقولها آلاء موضحة أنها عندما وجدت أن المدرسة تبيع الجاكت بهذا السعر المبالغ فيه امتنعت عن الشراء معتبرة ذلك استغلالاً واضحًا لأولياء الأمور، لذا اضطرت أن تشتريه من إحدى المحال الخارجية.
كشفت آلاء كذلك أن المدرسة لا تكتف بالزي الرئيسي لها فقط، بل هناك أيضًا زي أخر مطلوب وهو الخاص بحصص الألعاب موضحة أنه يتكلف ما لا يقل عن 1700 جنيه، مشيرة إلى أن شراء طقم واحد من اليونيفورم- وهو أمر نادر الحدوث "لأن الطفل يحتاج إلى أكثر من طقم طوال العام" - يتكلف من ولي الأمر ما يقارب الـ5000 جنيه.
مدارس بمصر الجديدة تفرض محلًا واحدًا للشراء
محل شهير ومعروف لدى سكان منطقة مصر الجديدة، وتحديدًا أولياء الأمور الملحقين أبنائهم بنوع محدد من المدارس هو ذلك المحل الوحيد المخول له من قبل تلك المدارس بيع "اليونيفورم" الخاص بها حسب قول السيدة "م.ن"، وهي والدة إحدى الطالبات الملحقات بإحداها في حديثها لـ"الدستور"، والتي وصفت أن ذلك يعد احتكارًا صريحًا لزي المدرسة، وإجبارًا شديد التعنت من قبل هذه المدارس لأولياء الأمور على الشراء من هذا المحل دونًا عن غيره.
تابعت بقولها إن هذا الاحتكار يجعل ولي الأمر يضطر أن يتقبل أسعارًا مرتفعة تفرض عليه دون وجه حق، كما يجعله مرغمًا على الشراء من محل بعينه حتى ولو كان ذلك ضد رغبته أيًا كانت الأسباب، إذ أن ابنه لن يستطيع دخول المدراس إلا بالشراء من هذا المحل الذي فُرض من قبل المدرسة.
وأضافت أن سعر "اليونيفورم" داخل هذا المحل يتخطى الـ3000 جنيه، مشيرة إلى أن سعر "التيشيرت" الواحد 450 جنيها، و"الإسكيرت" 550 جنيها، بينما يتخطى سعر الجاكت الـ1000 جنيه.
"يونيفورم" مدرسة بمدينة نصر بـ6 آلاف جنيه
إحدى مدارس اللغات بمنطقة مدينة نصر هي تلك المدرسة التي ألحقت بها السيدة نبيلة محسن ابنتيها في مرحلة الدراسة الإعدادية، والتي اكتشفت أن تكاليف "اليونيفورم" الواحد لكل ابنة فيها 6 آلاف جنيه ما يعني أن إجمالي تكلفة "اليونيفورم" للابنتين هي 12 ألف جنيه.
تتسائل: "12 ألف جنيه مصاريف يونيفورم لطفلين بس..ليه؟" مشيرة إلى أن المغالاة في سعر الزي المدرسي حتى ولو كانت على الأهالي الذين يلحقون أبنائهم بمدارس خاصة أو لغات أي المعروفة بارتفاع مستواها التعليمي والمادي، أمرغير مقبول.
تقول: "مش معنى إن احنا مستوانا المادي كويس، يرفعوا علينا الأسعار ده يبقى اسمه نصب ليه أخد حاجة بأضعاف سعرها الأصلي؟!" وتستكمل نبيلة قائلة إنها لا تمانع على الإطلاق من تحقيق المصانع التي تتفق مع المدارس لهامش ربح، إلا أنه يجب أن يكون بمقدار مقبول، وليس بهذا القدر المبالغ فيه.
"محمد" اختار التجريبي ولم يسلم من ارتفاع سعر "اليونيفورم"
أسرة محمد فتحي الذي يعمل بإحدى الشركات الخاصة هي أسرة متوسطة الحال لذا اختار أن يلحق ابنته منذ المرحلة الابتدائية، بإحدى المدارس التجريبية والتي تعتبر مدارس حكومية متميزة، وذلك لانخفاض تكاليفها نوعًا ما مقارنة بالمدارس الخاصة واللغات، وفي الوقت نفسه فهي تتميز بمستواها التعليمي الجيد.
قال محمد إنه لم يسلم من التكلفة الكبيرة على الرغم من إلحاق ابنته بهذه المدرسة، موضحًا أن "الزي المدرسي" واحدًا من أسباب هذه التكلفة التي تنتظره مع بداية كل عام، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها وزيادتها كل عام عن سابقه.
"الطقم الواحد بـ400 جنيه" يقولها محمد موضحًا أن هذا السعر يشمل فقط تيشرت واحد وكذلك شروال بينما الجاكت وحده 300 جنيه وجميعها من خامات متوسطة الجودة، وتابع أن الطفل يحتاج إلى أكثر من طقم طوال العام وهو ما يعني على اٌقل تقدير مضاعفة المبلغ المطلوب، الأمر الذي يمثل عبئًا كبيرًا على الأسرة، خاصة في حال كان لديها أكثر من طفل، وذلك في ظل أيضًا ارتفاع أسعار باقي مستلزمات المدرسة، وليس الزي فقط.
"التيشيرت" بـ495 و"الجاكت بـ"900"
"الدستور" قامت بجولة حول عدد من المناطق حول محال بيع "الزي المدرسي" الخاص بالمدارس الخاصة واللغات للتعرف على بعض من أسعار "الزي المدرسي" لهذا العام، والأسباب التي دفعت أولياء الأمور للشكوى.
في منطقة الدقي وفي أحد محال بيع "اليونيفورم" وصل سعر "تيشيرت" أطفال بمرحلة الابتدائي الخاصة بإحدى المدارس اللغات إلى 495 جنيها، بينما بلغ سعر "الجاكت" إلى 900 جنيه، وعن زيادة الأسعار قال البائع إن السبب في ذلك ارتفاع سعر الأقمشة هذا العام ثلاثة أضعاف العام الماضي.
بينما بلغ سعر "تيشيرت" المرحلة الابتدائية لإحدى المدارس الخاصة في محل آخر سعر 230 جنيها، ووصل سعر "السويتشيرت" إلى مبلغ 450 جنيها، وكانت الظروف الاقتصادية العالمية وارتفاع الأسعار هو السبب وراء ارتفاع سعر "الزي المدرسي" حسب البائع.
استغلال أولياء الأمور طلبة المدارس الخاصة واللغات بزيادة سعر "اليونيفورم"
من جانبها قالت النائبة الدكتورة سكينة عبد السلام سلامة عضو لجنة التعليم والبحث العلمي، في حديثها لـ"لدستور"، إن ارتفاع سعر "يونيفورم" المدرسة أو فرض بعض المدارس على أولياء الأمور شراؤه من محال بعينها يعد نوعًا من أنواع الاستغلال لأولياء الأمور وهو أمر غير مقبول ولا يجب السكوت عنه.
وتابعت أن الأمر هنا يجب ألا يتعلق بمستوى مدرسة عن أخرى أي أنه لا يجب رفع سعر اليونيفورم الخاص بالمدارس الحكومية، كما لا يجب في الوقت نفسه استحلال زيادة سعره على المدارس الخاصة والدولية بحجة أن من يلتحق بتلك المدارس من ذوي القدرات المالية المرتفعة، فبالتالي لا يهم زيادة الأسعار عليهم، مشيرة إلى أن الشعب المصري يولي اهتمامًا كبيرًا بالتعليم ويفضله على مناح كثيرة من الحياه، لذا قد نجد أن هناك أولياء أمور ذوي مستويات اجتماعية متوسطة، ولكنهم يلحقون أبنائهم بمدارس ذات مستويات مرتفعة من التعليم، لذا فإن الارتفاع الكبير في أسعار"اليونيفورم" يعد عبئًا إضافيًا عليهم.
وأكدت أنها طالبت كثيرًا خلال المجلس بتوحيد سعر ليونيفورم جميع المدارس، كما طالبت بتنفيذ العديد من الحملات الرقابية على أصحاب المحال لكشف المخالف منها وتنفيذ العقوبة عليه.
الحل في توحيد الزي
يرى محمود الداعور عضو مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة والرئيس الأسبق للشعبة، أن حل الأزمة يتمثل في توحيد الزي المدرسي لكل مرحلة في جميع المدارس، موضحًا أن أزمة الزي المدرسي تتمثل بصورة أكبر في المدارس الخاصة والدولية وذلك لأن الزي الخاص بها غير موحد، وهذا على عكس المدارس الحكومية.
وأوضح الداعور أنه في حالة توحيد زي هذه المدارس ينتج عن ذلك زيادة عدد المصانع التي تقوم بتصنيعه، مما يزيد معه من فرص العرض وبالتالي يقلل من السعر، وهو الأمر المطلوب.
في الوقت نفسه أشار محمود إلى أن بعض الأهالي يلحقون أبنائهم بمدارس خاصة ودولية وهما المعروف عنها ارتفاع تكاليفهما لذا ينبغي ألا يكون ارتفاع أسعار اليونيفورم الخاص بهذه المدارس بالتبعية أمرًا مستغربًا.
كما لفت إلى أن هناك بعض الأهالي التي تتعمد شراء "يونيفورم" المدرسة لأبنائها من كبرى الماركات العالمية والذي يصل فيه سعر الطقم الواحد إلى 25 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن ذلك يتم بناءًا على رغبتهم وهو ما يكون غالبًا بهدف الوجاهه الاجتماعية، لذا فينبغي حسب قوله عدم شكواهم بعد ذلك.
وختم رئيس شعبة الملابس الجاهزة الأسبق بأنه لا يوجد هناك قانونًا يعاقب المدارس التي تبالغ في أسعار "اليونيفورم" الخاص بها، فهي جميعها أمور متروكة للعرض والطلب.
قرار يلزم بعدم تغيير الزي إلا كل 3 أو 5 سنوات
ومن جهته قال بدوي علام، رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، إن هناك قرارًا ينظم الزي المدرسي، بحيث لا يجب تغييره إلا كل 3 سنوات أو 5 سنوات، وعدم إجبار أولياء الأمور على شرائه من المدرسة أو من مكان محدد.
وتابع أن المدرسة تحدد اللون فقط وتطرح بادج خاص بيها لتمييز طلابها عن باقي الطلاب الآخرين ولكن من حق ولي الأمر شرائه من أي مكان.
كما أشار إلى أنه في حالة وجود إجبار لولي الأمر عليه الشكوى أولا لإدارة المدرسة، فإذا لم يحدث استجابة عليه الشكوى في الإدارة التعليمية التابعة لها المدرسة، وهناك إجراءات صارمة ضد المخالفين، ولفت إلى أنه يجب في حال توفير المدرسة للزي الخاص بها أن يكون سعره أقل من الخارج وليس العكس.
دور معارض أهلًا بالمدارس
وفي الوقت الذي تساءلت فيه حنان يشار عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب عن أسباب زيادة أسعار الزي المدرسي، ثمنت من ناحية أخرى حرص الحكومة على إنشاء معارض "أهلًا بالمدارس" لطرح الأدوات المدرسية وكذلك الزي المدرسي بأسعار مخفضة، موضحة أن ذلك هو توجه محمود تستحق الحكومة الإشادة عليه، وذلك في إطار حرصها على تخفيف الأعباء عن كاهل الأسر.
يُذكر أن معرض أهلًا بالمدارس قدم العام الماضي خصومات هائلة على الأدوات المدرسية، وكذلك على الزي المدرسي إذ تراوحت تلك الخصومات ما بين 25 إلى 30%، ووصلت إلى 50% للأيتام.
وحسب الرجوع إلى قائمة أسعار المعرض العام الماضي فقد وصل سعر "تيشيرت" الحضانة إلى 70 جنيها، وبلغ سعر التيشرت والبنطلون بعد الخصم 75 جنيها للمرحلة الابتدائية، و85 جنيها للمرحلة الإعدادية والثانوية.
والمعروف عن معارض أهلًا بالمدارس أنها تدعم المنتج المصرى كما تشجع أصحاب المصانع والمحال التجارية على ترويج منتجاتهم وتقديمها بأعلى جودة بخامات مصرية وقطن مصرى والذي يصل نسبته إلى 65%، كما تقدم بأقل سعر ممكن للتخفيف عن المواطنين.