معاناة كانت دافعًا.. «محمود سامح» بطل فروسية تغلب على السرطان والإعاقة (صور)
لم يكن الطفل المصري محمود سامح، ابن الـ15 عاما، ككل الأطفال بعد أن تفاجأ وهو في سن الخامسة بألم في قدمه اليسرى استدعى تجبير القدم لينتهي الأمر ببترها.
50 معركة خاضها الصغير قبل أن يتجاوز عمره سن الخمسة عشر عامًا بين غُرف العمليات والعنايات المركّزة وبين أدوية السرطانات والكيماويات والآلام التي انتهت ببتر قدمه وتركيب طرف صناعى.
رغم سنوات الألم والمعاناة التي عاشها الفتى الصغير إلا أنَّه ضرب المثل في الإصرار وتحقيق الأحلام وأصبح من أبرز وأهم لاعبي رياضة الفروسية بقدم واحدة، وحصد العديد من المراكز المحلية والعربية.
فاز ببطولة الجمهورية للفروسية
قبل أيام، استطاع "محمود" أن يُحقق لقب الأول على الجمهورية في بطولة أفريقيا للفروسية على كأول شاب مصري من ذوي القدرات الفائقة يحصد هذا اللقب وسط مجموعة كبيرة من الشباب في جيله على مستوى إفريقيا.
ويعد "محمود" من أبرز وأهم المرشحين للحصول على المركز الأول إفريقيًا ليُتوّج رسميًا ببطل إفريقيا، وذلك بعد عملية الجمع التي تتم حاليًا من قبل الاتحاد الإفريقي وسيتم الإعلان عنها قريبًا.
بدأت قصة "محمود" عندما اكتشف إصابته بسرطان العظام، وهو في عامه الخامس، لتتحوّل حياته بعدها إلى رحلة علاجية على آمل الشفاء والعودة سريعًا إلى الحياة الطبيعية، والتي ظلّ يبحث عنها طيلة السنوات الماضية حتّى كتب الله له الشفاء والنجاة.
أجرى " محمود" العديد من العلميات، التي وصل عددها نحو 50 عملية جراحية معظمها في القدم، ومع كلّ واحده منها لم يفقد أمر العودة إلى الحياة، حتى قرر الأطباء ضرورة بتر القدم، عندما كان عمره 11 عامًا.
وقال "محمود" إنَّ هذا الأمر جاء بعدما أخبره الطبيب المُعالج بصعوبة الشفاء من السرطان إلّا ببتر قدمه اليُسرى (المصابة) وذلك حتى لا ينتشر المرض بجسدة ويوقعه أرضًا ولم يتمكّن أحد السيطرة عليه فيما بعد، الأمر الذي قوبل بالرفض منه وأسرته في بداية الأمر، إلا أنَّهما لم ينجحوا في السيطرة على المرض بالأدوية والجرعات الكيماوية لعدة سنوات.
أصرّ الصغير على تحدي المرض الخبيث، برياضة تعتمد على القدم، لذا قرر ركوب الخيل، وممارسة رياضة الفروسية، وبدأت رحلته الرياضية حتّى أصبح أول قدم فروسية في الوطن العربي، بقدم واحد.
مرّ محمود بالعديد من العقبات، لاجتياز العديد من المسابقات، ما أهلّه للمشاركة في منتدى شباب العالم العام الماضي، ليصبح أصغر مشارك تحت سن 18 عامًا.
أكد "محمود" أنَّ الفروسية أصبحت رياضته المفضّلة، ويتمنَّى تحقيق نجاحات كثيرة خلال السنوات القليلة المُقبلة، على رأس هذه الأحلام، صعوده إلى أولومبياد الفروسية وتحقيق حلمه بالتتويج فيها أو الحصول على مراكز عليا.
وأضاف "محمود" لـ«الدستور»: «لن أتنازل عن حلمي وسأظل أحاول حتى دخول أولومبياد الفروسية وأحقق فيها المراكز الكبيرة، ولن أجعل ساقِ سببًا في تراجع طموحاتي وأحلامي».
والدة محمود لـ"الدستور": "ابني تعرض للتنمر"
وراء هذا الصغير، كانت أم داعمة، كشفت لـ«الدستور» قصّة نجلها، بداية من دخوله في حالة نفسية سيئة بعد بتر ساقه، إلى أن حوّل هذه المُعاناة لواقع آخر أفضل.
قالت والدة محمود إنَّ "ابنها" تعرّض للتنمّر بعد أن فقد رجله اليسرى بالكامل، وذلك من قبل أصدقائه وزملاءه في المدرسة وكذلك الشارع، ولكن مع مرور الوقت اعتاد الصغير عاى هذا وبات لا يخجل من إظهار الساق الصناعية للآخرين.
وأضافت والدة محمود في تصريحات خاصة لـ«الدستور» أنَّ نجلها طلب منها أنَّ يلعب رياضة الفروسية، وعلى الرغم من أنَّه لا يوجد في مصر من يلعبون هذه الرياضة، خاصة أصحاب القدم الواحدة، إلاّ أنَّها شجعته وأصبحت تدعمه في الاختبارات.
وأوضحت الوالدة أنَّها ذهبت بمحمود لأكاديمية الفروسية بنادي الجيش لإلحاقه بها، وبمجرد ركوبة الفرس مرتين أُعجب به أحد المدربين وبادر بمساعدته وألحقه بالأكاديمية متخصصًا في رياضة "ديريساج" أو ترويض الخيول".
وأكدت أنَّ نجلها بدأ في المشاركة في عدد من المسابقات في ترويض الخيول، مما جعله الطفل الوحيد في مصر الذي يتدرب على الفروسية رغم بتر قدمه، مع وجود طموح له أن يحقق نجاحات على مستوى احترافي في القريب العاجل خاصة وأن مدربه يؤكد قدرته على ذلك.
ولفتت الوالدة إلى أنَّ ابنها لقى كل الدعم من قبل الاتحاد المصري، فضلاً عن اهتمام وزير الشاب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، بنجاح نجلها ودعمه شخصيًا وحرصه على مشاركته كثيرًا في المحافل المحلية والعربية وتقديم اعتزازه بموهبته الفريدة.