نجيب محفوظ.. لماذا طلب منه تغيير كلمته بمناسبة نوبل؟
أحيت الأوساط الأدبية أمس ذكرى رحيل "نجيب محفوظ"، الكاتب المصري والعربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، والذي رحل 30 أغسطس 2006، وفي التقرير التالي نرصد الأزمة التي تسببت في تغير بعض المفردات من كلمته بناء على طلب القائمين على جائزة نوبل:
يروي الكاتب الصحفي أحمد كمال، مراسل صحيفة الوفد من ستوكهولم عبر رسالته والتي جاءت تحت بعنوان "لجنة نوبل تطلب تعديلا في كلمة نجيب محفوظ"، أن لجنة جائزة نوبل طلبت تعديلا في كلمة الكاتب الكبير، وتصور الوفد المصري (كريمتي نجيب محفوظ ومحمد سلمان و۳۰ صحفيا محليا)، أن التعديل المطلوب لأسباب سياسية.
وتابع: “عندما سأل الوفد المصري عن الأسباب قالوا إن نجيب محفوظ وجه الشكر في مقدمة كلمته إلى لجنة جائزة نوبل، وهي لجنة تنفيذية، بينما المفروض أن يوجه الشكر لأعضاء مجلس الأكاديمية السويدية”. موضحا أن تمت الموافقة على هذا التغيير الشكلي.
من كلمة نجيب محفوظ في جائزة نوبل
"سيداتى سادتى.. فى البدء أشكر الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل التابعة لها على التفاتها الكريم لاجتهادى المثابر الطويل، وأرجو أن تتقبلوا بسعة صدر حديثى إليكم بلغة غير معروفة لدى الكثيرين منكم، ولكنها هى الفائز الحقيقى بالجائزة، فمن الواجب أن تسبح أنغامها فى واحتكم الحضارية لأول مرة.. وإنى كبير الأمل ألا تكون المرة الأخيرة، وأن يسعد الأدباء من قومى بالجلوس بكل جدارة بين أدبائكم العالميين الذين نشروا أريج البهجة والحكمة فى دنيانا المليئة بالشجن".
سادتى..
أخبرنى مندوب جريدة أجنبية فى القاهرة بأن لحظة إعلان اسمى مقرونا بالجائزة سادها الصمت، وتساءل كثيرون عمن أكون، فاسمحوا لى أن أقدم لكم نفسى بالموضوعية التى تتيحها الطبيعة البشرية.. أنا ابن حضارتين تزوجتا فى عصر من عصور التاريخ زواجا موفقًا، أولهما عمرها سبعة آلاف سنة، وهى الحضارة الفرعونية، وثانيهما عمرهاألف وأربعمائة سنة، وهى الحضارة الإسلامية، ولعلى لست فى حاجة إلى التعريف بأى من الحضارتين لأحد منكم، وأنتم من أهل الصفوة والعلم، ولكن لا بأس من التذكير ونحن فى مقام النجوى والتعارف.
وعن الحضارة الفرعونية لن أتحدث عن الغزوات وبناء الإمبراطوريات، فقد أصبح ذلك من المفاخر البالية التى لا ترتاح لذكرها الضمائر الحديثة والحمد لله، ولن أتحدث عن اهتدائها لأول مرة إلى الله سبحانه وتعالى، وكشفها عن فجر الضمير البشرى، فلذلك مجال طويل، فضلاً عن أنه لا يوجد بينكم من لم يلم بسيرة الملك النبى إخناتون، بل لن أتحدث عن إنجازاتها فى الفن والأدب ومعجزاتها الشهيرة الأهرام وأبو الهول والكرنك، فمن لم يسعده الحظ بمشاهدة تلك الآثار فقد قرأ عنها وتأمل صورها.. دعونى أقدمها - الحضارة الفرعونية - بما يشبه القصة ما دامت الظروف الخاصة بى قضت بأن أكون قصاصا، فتفضلوا بسماع هذه الواقعة التاريخية المسجلة.. تقول أوراق البردى إن أحد الفراعنة قد نما إليه أن علاقة آثمة نشأت بين بعض نساء الحريم وبعض رجال الحاشية.
وكان المتوقع أن يجهز على الجميع، فلا يشذ فى تصرفه عن مناخ زمانه، ولكنه دعا إلى حضرته نخبة من رجال القانون، وطالبهم بالتحقيق فيما نما إلى علمه، وقال لهم إنه يريد الحقيقة ليحكم بالعدل.. ذلك السلوك فى رأيى أعظم من بناء إمبراطورية وتشييد الأهرامات وأدل على تفوق الحضارة من أى أبهة أو ثراء، وقد زالت الإمبراطورية وأمست خبراً من أخبار الماضى، وسوف تتلاشى الأهرامات ذات يوم ولكن الحقيقة والعدل سيبقيان ما دام فى البشرية عقل يتطلع أو ضمير ينبض".