هل تنجح "بريكس" في وضع قواعد اقتصادية عالمية توازن المؤسسات الغربية؟
قالت الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا، إن توسيع مجموعة "بريكس" يعكس الآراء والتطلعات المشتركة للدول النامية في السعي إلى تحقيق التنمية المستقلة وكسر الهيمنة وسياسة القوة، وحتى تحسين الحوكمة العالمية، ويمثل الاعتراف المشترك لدى الدول المختلفة بروح البريكس المتمثلة في "الانفتاح والتسامح والتعاون والفوز المشترك"، الأمر الذي يفيد في توسيع تأثيرات دول البريكس وتمثيل الدول النامية في نطاق العالم.
وانطلقت منذ أمس أعمال قمة دول "بريكس" في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، فيما قدمت أكثر من 20 دولة، من بينها مصر، طلبا للانضمام إلى عضوية "بريكس".
اهمية توسيع بريكس بالنسبة للصين
وأوضحت سعاد ياي شين هوا في تصريحات خاصة لـ "الدستور"، أن الصين ترى أن توسيع نفوذ دول البريكس في المجتمع الدولي يساعد الصين على تعزيز تعاونها مع الدول النامية. وقد بدأت عملية توسيع البريكس، وإذا تم ذلك، سيضخ حيوية جديدة في تنمية البريكس ويدفع تطور المجموعة للارتقاء إلى مستوى جديد.
وقالت الخبيرة الصينية إن توسيع البريكس لا يمكن أن يتحقق خلال فترة قصيرة، ولا بد من وجود شروط ومعايير محددة، وبما في ذلك مستوى التنمية الاقتصادية للدول المرشحة ونفوذها الإقليمي وكذلك علاقاتها مع الدول الأعضاء الحالية في البريكس، من أجل ضمان أن المجموعة قادرة على التحرك بشكل سلس بعد توسيع عضويتها.
صعوبات ضم دول جديدة لبريكس
وتابعت السياسية الصينية: "على صعيد آخر، يمكننا أن نلاحظ أن دول البريكس تتخذ موقفًا جادًا وإيجابيًا بشأن توسيع عضوية المجموعة. وفي اللقاء الأخير بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره لجنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، تحدث الرئيسان عن المواضيع المختلفة، بما في ذلك توسيع البريكس".
وأشارت إلى أن أكثر من 40 دولة قد أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى مجموعة البريكس، ومن بينها أكثر من 20 دولة قد قدمت طلباتها الرسمية بشأن الانضمام إلى آلية تعاون البريكس، مما يعكس جاذبية البريكس ونفوذها المتصاعد. ورغم أن توسيع البريكس يواجه مشاكل وضغوطات تفرضها بعض الدول الغربية، فإن تطوره يعتبر اتجاهًا لا يمكن التراجع عنه.
وأضافت السياسية الصينية أنه في الوقت الحالي، أصبحت آلية التعاون لدول البريكس منصة هامة تعزز فيها الدول الأعضاء التعاون بينها وتجمعت فيها الاقتصادات الناشئة والدول النامية، من أجل دفع مشاركتها في الحوكمة الاقتصادية العالمية، حيث أنشأت دول البريكس بنك التنمية الجديد الذي يهدف إلى تمويل العديد من مشاريع التنمية ويعتبر دائمًا بديلاً محتملًا للبنك العالمي.
مواجهة هيمنة الدولار
وقالت سعاد ياي شين هوا إن بنك التنمية الجديد هو أول بنك تنمية متعدد الأطراف الذي تم إنشائه وقيادته بشكل مستقل من قبل البلدان النامية ودول الأسواق الناشئة، وهو يلعب دورا كبيرا في تعزيز التعددية في العالم. فإن إنشاء بنك التنمية الجديد يعكس أن الأسواق الناشئة والدول النامية تتمكن من إحداث تغييرات كبيرة في العالم.
وتابعت "نلاحظ أن مكانة الدولار الأمريكي في النظام المادي الدولي لا يمكن أن تتغير خلال فترة قصيرة، وما زالت هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي سيستمر لسنوات عديدة، بينما أنشأ البنك الجديد للتنمية في عام 2015 وإن قدرته على التمويل لم تسد حاجات الدول الأعضاء للبريكس، ويحتاج إلى وقت لتطوير قوته في المستقبل. ولكن، مع صعود الدول الأعضاء للبريكس والدول النامية في النطاق العالمي، فإن البنك الجديد للتنمية سيكون لديه المزيد من المجالات للتطور في المستقبل.
وأوضحت سعاد ياي شين هوا أنهقبل إنعقاد هذه القمة، قد أعربت أكثر من 40 دولة عن رغبتها في الإنضمام إلى مجموعة البريكس، وتوسعة العضوية أصبحت من المواضيع الهامة التي ستناقشها القمة، ما يعكس رغبات الدول النامية في الإنضمام إلى آلية تعاون البريكس.
وأشارت إلى أن تعاون البريكس يعتبر إبداعا يتجاوز التحالفات العسكرية والسياسية، وأنشأت به العلاقة الجديدة المتسمة بتشكيل الشراكة وليست التحالف، ويجري على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة ومن أجل تحقيق الفوز المشترك. ومقارنة مع ما تتسم به المجموعات والمنظمات الدولية الأخرى، تهدف مجموعة البريكس إلى تحسين الحوكمة العالمية وضمان التعددية، ودفع ديمقراطية العلاقات الدولي، من أجل دفع السلام والتنمية العالميين، ما يتوافق مع نيات الدول النامية في التنمية الاقتصادية وحماية السلام والاستقرار فيها.
أهمية دول بريكس
وأوضحت أن دول البريكس، باستثناء روسيا، من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لها تأثير إقليمي كبير وخلال السنوات الأخيرة، أصبح الوضع الخاص بمجموعة بريكس بارزًا بشكل متزايد، وذلك مع صعود الدول النامية في نطاق العالم. وتمثل مساحة أراضي دول البريكس الخمس 26.46٪ من إجمالي مساحة العالم، ويمثل عدد سكانها حوالي 42٪ من سكان العالم. وحسب الإحصاءات الصادرة عن البنك العالمي، فإن إجمالي الحجم الاقتصادي لخمس دول أعضاء البريكس يحتل أكثر من 25٪ من إجمالي الحجم الاقتصادي العالمي عام 2022، وتتجاوز نسبة المساهمة لدول البريكس في الاقتصاد العالمي 50٪. وأصبحت دول البريكس من أهم المنظمات الدولية في الحوكمة العالمية، ما يجذب المزيد من الدول النامية التي ترغب في التنمية الاقتصادية وتوسيع نفوذها وزيادة أصوات كلامها في النطاق الدولي.
وبحسب الخبيرة الصينية تحتل الدول العربية مكانة هامة في الشؤون الدولية، بالخصوص مصر التي تعتبردولة هامة يزداد نفوذها في نطاق العالم. وإذا انضمت الدول العربية وبما فيها مصر إلى البريكس، فإن ذلك يسهم من جهة ، في مساعدة هذه الدول على أن تُسمع أصواتها لدى المزيد من الدول الأخرى في النطاق العالمي، ومن جهة أخرى، سيساعد الدول العربية وبما فيها مصر لتعزز تبادلاتها التجارية مع دول أخرى وعلى نحو أكثر تعددية.
واوضحت أنه مع صعود دول البريكس، أعربت بعض الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة عن قلقها على تحدي توسيع عضوية البريكس لهيمنتها على المنظومة العالمية الحالية.
ومن جانبها، تعتقد دول البريكس أن التعاون بينها إبداعا يتجاوز التحالفات العسكرية والسياسية، وأنشأت به العلاقة الجديدة المتسمة بتشكيل الشراكة وليست التحالف، ويجري على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة ومن أجل تحقيق الفوز المشترك.
وخلال اللقاء بين زعماء دول البريكس في مدينة سانيا الصينية عام 2011، أشار الزعماء بالإجماع إلى أن التعاون بين دول البريكس يتسم التسامح وعدم المواجهة، وتتخذ دول البريكس موقفا منفتحا تجاه تعزيز تعاونها مع الدول الأخرى وبالخصوص الاقتصادات الناشئة والدول النامية وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية المعنية. لذلك، فإن السعي إلى التنمية المشتركة وبناء مجتمع المصير المشترك لكل البشر يعتبران من أهم المهام وأبرز الأهداف لدى الدول الأعضاء لمجموعة البريكس، وليست إثارة المواجهة بين الدول المختلفة.