واشنطن بوست: قمة بريكس مهمة تواجه هيمنة الدولار.. ومستقبل واعد للكتلة رغم الموقف الغربي
قالت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington post) الأمريكية، إن قمة مجموعة بريكس(BRICS) في جنوب إفريقيا بمدينة جوهانسبرج هذه المرة مهمة ومختلفة عن القمم السابقة في ظل طلب الكثير من الدول الانضمام إليها بجانب تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح "إيشان ثارور" في مقال له بالصحيفة الأمريكية، أن القمة السنوية لبريكس التي تعقد هذا الأسبوع في جوهانسبرج بمثابة منتدى دولي للأحاديث، ولكنها على عكس العديد من سابقاتها، ستكون مليئة بالقصص المثيرة للاهتمام، مشيرا إلى أن الحرب في أوكرانيا ستلقي بظلالها على مجريات الأحداث.
وتابع "كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، سيكون زعيم مجموعة البريكس الوحيد الذي لن يحضر ومن المتوقع أن تحتج جماعات المجتمع المدني، خارج مكان انعقاد القمة، للمطالبة بإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا".
وأوضحت الصحيفة أن دول البريكس لم تقدم سوى القليل من الاحتجاج على قرار روسيا بالحرب في أوكرانيا، بل كثفت الصين والهند مشترياتهما من روسيا مع بدء تأثير العقوبات الغربية، فيما أشار الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا إلى أن الغرب يتحمل المسؤولية جزئياً على الأقل عن الصراع، وقدم اقتراحاً غامضاً للمساعدة في التوصل إلى هدنة بين كييف وموسكو، كذلك أبدت حكومة جنوب أفريقيا موقفا غامضا، حيث رفضت الإدانة الصريحة لنظام بوتين في حين أعربت عن تحسرها على تداعيات الحرب على سلاسل التوريد البالغة الأهمية للمجتمعات الإفريقية.
بريكس تدرس التخلي عن الدولار
وبحسب "واشنطن بوست" سيكون الموضوع الرئيسي للنقاش في قمة جوهانسبرج هو التأثير الهائل للدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن الحديث عن "إلغاء الدولرة" أصبح منتشر بين أنصار مجموعة البريكس، على الرغم من عدم وجوده على جدول أعمال القمة بشكل رسمي.
وبالفعل طرح البعض بحسب الصحيفة عملة منافسة مدعومة من مجموعة البريكس لتحدي سيادة العملة الأمريكية لكن اختراع عملة جديدة لمجموعة البريكس أمر طموح للغاية وربما غير ممكن ومن المتوقع أن تركز القمة بدلا من ذلك على خيارات لتوسيع استخدام العملات المحلية في التجارة بين أعضاء الكتلة وقد بدأت الدول التي تعاني من ضائقة الدولار مثل الأرجنتين التعامل باليوان الصيني في معاملات معينة.
ماذا تستفيد الصين من قمة بريكس
بالنسبة لبكين، تحمل قمة البريكس ميزة جيوسياسية صعبة، فخلال عطلة نهاية الأسبوع، استضاف الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيريه الياباني والكوري الجنوبي في كامب ديفيد، واتفقا على تعميق التحالف الثلاثي لمجابهة الصين وهو ما وصفته افتتاحية صحيفة شينخوا الصينية التي تديرها الدولة بأنه "محاولة يائسة من جانب الولايات المتحدة لإنقاذ قوتها المهيمنة"، رداً على ذلك، يقوم الرئيس الصيني شي جين بينج برحلته الخارجية الثانية هذا العام إلى جنوب إفريقيا، حيث سيروج لكتلة البريكس والدور الرئيسي الذي تلعبه الصين داخلها كمثال لنظام عالمي مختلف.
ويحرص المسئولون الصينيون بحسب "واشنطن بوست" على توسيع الكتلة، حيث تريد دول مثل إندونيسيا ونيجيريا والأرجنتين والمملكة العربية السعودية ومصر الانضمام لها، ومن المتوقع أن يحضر القمة زعماء أكثر من 60 دولة.
وتابعت "بالنسبة للصين، فإن الكتلة الموسعة ستقدم وسيلة لرؤيتها العالمية الأكثر شمولية" وقد أكد هذا سفير الصين لدى جنوب أفريقيا، تشن شياو دونغ، معتبرا أن الكتلة "منصة مهمة للتعاون بين الدول الناشئة والنامية" و"العمود الفقري للعدالة والإنصاف الدوليين".
وأضاف مسؤول صيني آخر، تحدث لصحيفة فاينانشيال تايمز، "إذا قمنا بتوسيع مجموعة البريكس بحيث تمثل حصة مماثلة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مثل مجموعة الاقتصادات السبع الكبرى، فإن صوتنا الجماعي في العالم سوف يصبح أقوى".
مستقبل تجمع بريكس
ويحرص أعضاء البريكس الآخرون على عدم الانجرار إلى المنافسات الجيوسياسية للكتلة، وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا في تصريحات موجهة إلى الدول الغربية: “بينما يفضل بعض منتقدينا الدعم العلني لخياراتهم السياسية والأيديولوجية، فإننا لن ننجر إلى منافسة بين القوى العالمية”، مشيرا إلى أنهم قاوموا الضغوط للانحياز إلى أي من القوى العالمية أو إلى الكتل الدولية المؤثرة.
وبشان مستقبل التجمع، اعتبر سارانج شيدور، مدير برنامج الجنوب العالمي في معهد كوينسي بواشنطن أنه لكي تظل مجموعة البريكس قادرة على البقاء وتحقق تأثيرًا متزايدًا، ليس من الضروري أن يكون أعضاؤها الأساسيون أصدقاء مقربين ولكنهم يجب أن يرو مصلحة مشتركة".
وأكد شيدور أن تشكيل تحالف مع روسيا والصين يمنح دول الجنوب العالمي نفوذاً في تعاملاتها مع الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة، كما أنه يساعد في خلق عالم متعدد الأقطاب، وهو هدف طويل الأمد للقوى المتوسطة في الجنوب.