تأثير الفراشة أو الشماعة
أكتر ناس مؤمنين بـ نظرية "تأثير الفراشة" هم المصريين، يعني يقول لك إيه: سنة 85 لاعبنا المغرب في تصفيات كاس العالم 1986، فـ اتحسبت لنا ضربة جزاء، كان المفروض يشوطها عماد سليمان، لكن جمال عبد الحميد صمم يشوطها، فـ ضيعها.
ضيعها، إذن هو مسئول عن ضياع فرصة محققة لـ هدف، ولما ضاعت الكورة، اتردت علينا بـ هدف، فـ هو مسئول عن الهدف اللي دخل مرمانا، ولما استقبلنا هدف اندفعنا هجوميا واستقبلنا هدف تاني، فـ خسرنا الماتش 2/صفر، فـ هو مسئول عن ضياع الماتش.
لما خسرنا الماتش بقى، خرجنا من تصفيات كاس العالم، فـ هو مسئول عن ضياع حلم المونديال، فـ لما ضاع حلم المونديال، استقال محمد عبده صالح الوحش واعتزل التدريب نهائيا، فـ هو مسئول عن إننا فقدنا مدير فني قدير، نقل منتخب مصر نقلة كبيرة، لكن ما يقدرش يكمل مشواره.
لما استقال محمد عبده صالح الوحش، العراق احتلت الكويت وأمريكا ضربت العراق، وحصلت أحداث 11 سبتمبر وووووو، لـ حد ما وصلنا لـ الاحتباس الحراري، يعني إنت حاسس بـ الحر من تحت راس جمال عبد الحميد.
طبعا الجزء الأخير دا ساخر، لكن لـ حد استقالة الوحش كلام بـ يتقال بـ جد، وفيه ناس كتير مصدقينه، وهذا النوع من التفكير الصراحة بـ يجيب لي الإسقربوط، يعني حضرتك، ماشي، تأثير الفراشة وكل حاجة، بس إيشمعنى الفراشة دي اللي اخترت تأثيرها؟
ليه ما تبقاش الفراشة فرصة ضايعة في ماتش الذهاب، لو كانت جات، المسار كان هـ يتغير؟ليه ما تبقاش الفراشة هي إصابة لاعب مهم؟ليه ما تبقاش الفراشة هي إنه لاعب ما نامش كويس، أو ما اهتمش بـ وزنه؟ما فيه مليون فراشة رفرفت، وكل رفرفة ساهمت في تحديد المسار.
حاجة تانية:تفسير الأحداث بـ تأثير الفراشة، مش هدفه تحميلها العاصفة وإدانتها، إنما فقط توضيح أهمية التفاصيل الصغيرة، إنما في النهاية، الصورة الكبيرة بـ تتكون من مفردات كبيرة، وخلينا نسأل السؤال المهم بـ جد:
بحسب ميزان القوى، هل منتخب مصر كان قادرا على التأهل لـ المونديالوتخطي منتخب المغرب؟الإجابة: لأ، طبعا لأ.
تتبع مسيرة المنتخب بـ يقول لناإنه إحنا وصلنا لـ مستوى عالي وكافي في أواسط السبعينات، وبـ الفعلالمنتخب دا كان بـ يوصل لـ الأمتار الأخيرة من كل المنافسات: كاس أمم أفريقيا 1974، كأس أمم أفريقيا 1976، تصفيات كاس العالم 1978، لكن دايما نيجي في اللحظة الحاسمة وتجلي مننا، خصوصا إن وقتها كان كاس العالم فيه مقعد واحد فقط لـ أفريقيا، يعني لو مقعدين حتى، كنا وصلنا مع تونس.
الإخفاقات المتتالية ديخلقت حالة من عدم التوازنسواء على مستوى القيادة الفنية أو حتى الإدارة، فـ بعد ما خرجنا من تونسقضينا سنين في حالة عدم توازن، ونمشي على سطر ونسيب سطرين، لـ حد ما تولى الوحش قيادة المنتخب، ووضح إنه فيه تركيز لـ تغيير عقلية الفريقوتغطية النواقص اللي عندنا.
يعني مثلالما كان المنتخب في عزهكان بـ يعتمد كلية على المهارات الفردية، خصوصا إنه كان عندنا لاعبين أفذاذ مهاريا، زي الخطيب وحسن شحاتة وفاروق جعفر ومصطفى عبده، وحتى أسامة خليل وسعد سليط ومحمد بدير وغيرهم، لكن تكتيكيا كنا بـ عافية شوية، وبدنيا كنا في الضياع.
الوحش بدأ يعالج كل دا، لكن تأسيس دماغ تانية حديثة كان محتاج سنين وسنين؟
المنتخب تحت قيادة الوحش تحسن كثيرا كثيرا، وحقق إنجازات تقدر تعتبرها كبيرة، لكنها ما كانتش كافية بتاتا في تصفيات المونديال دي,
في التصفيات دي إحنا تجاوزنا زيمبابوي بـ طلوع الروح، واحد صفر هنا وتعادل هناك. وقتها كان منتخب زيمبابوي دا غير مصنف خالص، ثم تجاوزنا مدغشقر بـ ضربات الترجيح (لا تعليق)ثم إنه كان مطلوب مننا نتجاوز المغرب، ثم نلعب مرحلة رابعة لو تجاوزنا المغرب.
يعني حتى ماتش المغرب دا ما كانش نهاية المطاف.
منتخب المغرب بقى كان قوي جدا، لـ درجة إنه لما تأهل لـ كاس العالمتصدر مجموعته في المونديال، مش بس كان اول منتخب أفريقي يتأهل، لأ، بـ أقول لك تصدر مجموعتهاللي كان فيها إنجلترا شخصيا، وبولندا اللي وصلت سيمي فاينال كاس العالم اللي قبله، والبرتغالاللي وصلت سيمي فاينال يورو 1984، ما خسرتش ولا ماتش منهم، تعادلت ماتشين وكسبت البرتغال 3/1.
ثم إن المغرب قابلت ألمانيا الغربية في ثمن النهائي، واتغلبت منها 1/صفر في الدقيقة 90، فـ أنا الصراحة مش عارف، إزاي كنا مستنيين نعدي منها؟
صحيح كسبناها في كاس الأمم 1986، بـ الفريق اللي بناه الوحش، بس دا له سياق آخر، يطولة على أرضنا، وهم مشغولين بـ كاس العالم بعد ما تأهلوا، وفي الآخر كسبناها 1/صفر بـ فاول طاهر أبو زيد، ما عملناش يعني ماتش عليها، لا.
الحكاية كانت هيلا هوب هيلا هوب، و100 ألف في استاد القاهرة، ومجاملة فجة من الكاف بـ عدم إيقاف طاهر أبو زيد، إنما لقاءين ذهاب إياب من أجل الوصول لـ المونديال!ما أعتقدش كنا قادرين نهائيا على تجاوزها.
هم سيروا الماتشين زي ما هم عايزين، تعادل سلبي هنا، ثم إنهم هناك تفوقوا بـ وضوح، هل لو كانت ضربة الجزاء اتسجلت، كانت هـ تفرق؟
الله أعلم طبعا، ما نقدرش نجزم، لكن ظني إنه لأ، منتخب المغرب كان قادر على التعويض من غير صعوبة، خصوصا إننا الشوط التاني كنا مشحرين تماما، ثم إنه الضربة لما ضاعت، ما اتردتش بـ هدف ولا حاجة، كان فيه فاصل دقائق، المفروض، لو إنت ربع جاهز ذهنيا، تتجاوز صدمة ضياعها.
ثم إنها ضاعت يا سيدي، ما إحنا كنا لسه متعادلين، استمر كـ إنها ما اتحسبتش، على كدا لو كنت استقبلت هدف أول الماتشكنت هـ تنهار وتشيل أربعة؟
كرة القدم لعبة متحركة، وكل لحظة بـ تخلق تحدي جديد لـ اللحظة اللي بعدها، كونك انهرت من ضياع فرصة أيا كانتمعناها إنك متلصم وفي الشلاحات، وهم كانوا متماسكين وبـ يلعبوا كورة جماعية ممتعة.
الواقع، إنه الموضوع أكبر بـ كتير من البنالتي، وأهم حاجة أثرت وقتها على ما أذكرإنه المناخ العام كان، كـ العادة، هيستيريومفيش أي إدراك لـ السياق اللي ماشيين فيه، والوحش كان بـ يتشتم كل يوم في الجرايد، حتى من قبل الماتش، لـ إنه كان مالوش ضهر إعلامي، بس دا موضوع تاني.
آخر حاجة بقى علشان المقال طول: أساسا جمال عبد الحميد حطها حلو جدا، وخلى الزاكي يروح في ناحية والكورة في ناحية، بس عليت منه خمسة سنتيميتر، ويبدو إنه فيه ناس كتير فرحت لما الكورة ضاعت، لـ إنهم لقوا شماعةهـ تفضل أجيال وأجيال وأجيال تتعلق عليها النتيجة، فـ أنا أقترح تغيير اسم النظرية من تأثير الفراشة، إلى "تأثير الشماعة"، كدا أليق!