خطايا الذاكرة السبع لـ جوناثان كيه فوستر (1)
لماذا تختزن الذاكرة أحداث الأمس بشكل أفضل من أحداث العام الماضي، وأفضل من أحداث ساعة مضت، لماذا نحتفظ خلال سنوات الكبر بأحداث الطفولة بشكل أقوى، لماذا يزيد تكرارنا لتجربة ما قدرتنا على استرجاعنا لها، لماذا تنعش الأدوية والإصابة بالحمى والاختناقات والانفعالات ذكريات نسيناها منذ مدة طويلة؟
الذاكرة ليست مجرد استدعاء لمعلومات صادفناها في فترة سابقة إلى أذهاننا، نحن نميل إلى تذكر المعلومات الأكثر بروزًا وفائدة بالنسبة إلينا.
نحن نتذكر أكثر الأحداث التي تؤثر على أفكارنا أومشاعرنا أوسلوكنا، ففي مواقف الخطر أو المكافأة سواء كانت واقعية أو متصورة يتم استحضار آليات عقلية ومعرفية لمساعدتنا على التذكر بشكل أفضل.
الذاكرة ضرورية لكل شئ نفعله تقريبًا وبدونها لن نستطيع أن نتكلم أو نقرأ أو نتعرف على الأشياء.
الذاكرة عملية نفسية وذكرياتنا شخصية وداخلية وبدونها لن نستطيع أن نمارس أفعالًا خارجية مثل إجراء حوار، التعرف على وجوه أصدقائنا ،تذكر المواعيد، النجاح في العمل، أو حتى تعلم المشي.
من العلماء الذين قاموا بأبحاث عن الذاكرة العالم "ايبنجهاوس" الذي أشار إلى أنه في بداية التعلم يكون معدل النسيان سريعًا ولكنه يقل بالتدريج مع الوقت، ولاحظ أنه إذا توقف شخص عن تعلم لغة ما بعد ترك المدرسة فسيظهر تدهور سريع في مفردات تلك اللغة خلال الاثنى عشر شهرًا الأولى ولكن المعدل الذي تنسى به هذه المفردات سيتبطأ تدريجيًا بمرور الوقت ولكنك إذا عدت لمذاكرة تلك اللغة بعد خمس أو عشر سنوات قد تفاجأ بالكم الذي احتفظت به فعلًا ذاكرتك وسيكون معدل التعلم لديك أسرع بكثير من شخص لم يتعلم تلك اللغة من قبل.. لأن المعلومات المفقودة مع الزمن يبقى منها أثر في مخك.
اكتشف العالم "بارتليت" أن ما يتذكره الناس ييسره إلى حد ما التزامهم الشخصي والانفعالي تجاه الحدث الأصلي المطلوب تذكره واستثمارهم فيه، فعندما يشاهد شخصان نفس الفيلم فإن ذكرياتهم عن الفيلم ستكون متشابهة ولكن ستوجد عادة اختلافات ملحوظة بينهما لماذا؟ قد تختلف روايتهما؟ سيعتمد ذلك على اهتماماتهما ودوافعهما وطريقة فهمهما لما شاهداه .
كيف تتم عملية التذكر؟
أي نظام ذاكرة فعال لابد أن يجيد القيام بثلاث مهام:
تشفير المعلومات: أي استيعابها أو اكتسابها
تخزين المعلومات أو حفظها بدقة ولفترات زمنية طويلة في الذاكرة طويلة الأجل
استرجاع هذه المعلومات المخزنة والوصول إليها
وتسمى قدرتنا على تمييز معلومة أو حدث سابق معين عند تقديمه أمامنا مجددًا بالتعرف
أنواع الذاكرة
الذاكرة الحسية:تحتفظ بقدر كبير من المعلومات الواردة من الحواس المختلفة، وتحتفظ بها لمدة ثانية
الذاكرة القصيرة الأجل: تحتفظ بالمعلومات لبضع ثوان وتسمى بالذاكرة الأولية وتسع حوالي 7عناصرفقط
الذاكرة طويلة الأجل:يؤدي الاستمرار في الاهتمام بالمعلومات والتفكير فيها داخل عقل المرء أو التمرن عليها إلى نقلها إلى المخزن طويل الأجل، ويشار إليه بالذاكرة الثانوية وهذه الذاكرة تتسم بأن سعتها لا محدودة وتوضع فيها المعلومات الأكثر أهمية
الذاكرة الدلالية: هي ذاكرة الحقائق والمفاهيم ، أمثلة :كم عدد أيام الاسبوع ؟ ما عاصمة فرنسا؟ مالرمز الكيميائي للماء ؟ وهكذا
الذاكرة العرضية: هي الذاكرة التي تختص بأحداث حياتك التي مررت بها وتميل هذه الذكريات بطبيعتها إلى الاحتفاظ بتفاصيل عن الزمان والمكان والموقف الذي اكتسبت فيه
أخطاء الذاكرة
النسيان هو فقدان المعلومات التي تم تخزينها، لا يحدث النسيان بسبب مشكلات في حفظ المعلومات في المخزن ولكن لأن ذكريات مشابهة تختلط وتتداخل بعضها مع بعض عندما نحاول استرجاعها
هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على نسيان المعلومات منها الزمن فكثير من الذكريات تذبل وتتلاشى مع الزمن وأيضًا تتداخل أحداث مع أحداث أخرى فتساعد على نسيان الحدث
يميل الأفراد إلى تذكر ما يتوافق مع أطرهم العقلية ولكنهم يستثنون مالا يتوافق معها
يميل الناس إلى التذكر بشكل أضعف عندما يتعرضون إلى موقف عنيف حيث يصبح الدفاع عن النفس هو الأولوية
تتأثر الذاكرة بنزعاتنا النفسية ويقصد بها تحيزاتنا وآرائنا النمطية ومعتقداتنا ومواقفنا وأفكارنا وأحيانًا نحرف ذكرياتنا لتتلاءم مع نظرتنا العامة عن العالم
الذكريات الزائفة تكون نتيجة المعلومات الخاطئة وعواقبها أكثر خطورة
من الأشياء العجيبة في الذاكرة أن الناس يبدون قادرين على تذكر أحداث معينة بوضوح شديد لمدة طويلة خصوصًا إذا كانت غير عادية ولافتة على وجة الخصوص
التنظيم الهادف للمعلومات خلال التعلم يمكن أن يؤدي أحيانًا إلى تحسن أداء الذاكرة عند الاختبار
أنواع الذكريات :
يوجد جانبان مختلفان لهذه الظاهرة وهما الذكريات الوميضية وعثرة ذكريات الماضي
فمثلًا مصرع الأميرة ديانا عام 1997 وتدمير برج التجارة العالمي في نيويورك عام 2001 هي أحداث بارزة للغاية بالنسبة للأشخاص الذين كانوا أحياء وقت وقوع هذه الحوادث وتبدو ذكرى هذه الأحداث شديدة المقاومة للنسيان بمرور الوقت ويستطيع كثير من الناس تذكر أين كانوا عندما سمعوا نبأ هذه الأحداث أو كلها ،وهذا مثال للذاكرة الوميضية
أما عثرة ذكريات الماضي فهي الأحداث التي تتداخل فيها المشاعر بشكل مكثف مثل الزواج أو الإنجاب أو بدء العمل أو التخرج من الجامعة
خطايا الذاكرة السبع
اقترح العالم "دان شاكتر" أن خلل وظائف الذاكرة يمكن تقسيمه إلى سبعة خطايا أساسية
شرود الذهن: يحدث عند تعطل الصلة بين الانتباه والتذكر، وفيه نفقد المعلومات إما لأننا لم نسجل المعلومة أساسًا أو أننا لا نبحث عنها عند الحاجة إليها لأن انتباهنا يتركز في مكان آخر.
سرعة الزوال: وتشير إلى ضعف أو فقدان الذاكرة بمرور الوقت ولهذا لا نستطيع أن نتذكر ما فعلناه اليوم، ولكننا على الأرجح سننساه خلال شهور قلائل بسبب تلاشيه.
التعطل : نبحث عن معلومات ونحاول استرجاعها باستماته فلا نستطيع.
خطأ نسب المعلومة : تسمع عن شئ في التلفاز ولكنك تتذكر لاحقًا بشكل خاطئ أن المعلومة قد وصلتك عن طريق زميل في العمل.
الإيحاء : يؤدي الى ترسيخ الذكريات ويمكن أن يسبب مشكلات خطيرة في السياق الجنائي.
التحيز : التأثير القوي لمعرفتنا ومعتقداتنا الحالية على كيفية تذكرنا لماضينا فنحرف الأحداث الماضية في محاولة لتقديم أنفسنا للآخرين بشكل إيجابي.
الإلحاح : الاسترجاع المتكرر لمعلومات أو أحداث مزعجة نفضل أن نقصيها عن فعقولنا كما في اضطراب ما بعد الصدمة.