خبراء يكشفون تأثير التدخل العسكرى فى النيجر على الدول العربية
قالت رحمة حسن، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن إعلان رئيس كوت ديفوار «الحسن واتارا» تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) عسكريًا في النيجر سيؤثر على الدول التي تمتلك حدودًا مباشرة معها.
وأوضحت رحمة حسن في تصريحات لـ"الدستور" أن ليبيا ستتأثر نتيجة الاضطراب الجنوبي مع السودان ومالي والنيجر، مشيرة إلى أن هناك نشاطًا متزايدًا للجماعات الإرهابية من داعش والقاعدة التي تستغل حالة الفراغ الأمني، وخروج قوات المينوسما من المنطقة بعد الخلاف الأوروبي.
وتابعت: “أما الجزائر فترتبط بالحدود الأكبر مع النيجر لما يصل إلى ١٠٠٠ كم، وتكمن المشكلة الأساسية التي تهدد الأمن القومي الجزائري في الجانب الأمني، وكذلك ملف اللاجئين الذي ستعاني منه الدول العربية في حال التدخل العسكري، كما تمثل النيجر المدخل التجاري للجزائر في إفريقيا، بجانب تأثر مشروع ربط الغاز لإفريقيا بأوروبا، وأخيرًا أن الجزائر ستكون الملجأ الأساسي للهجرة غير الشرعية، بجانب احتمالية سيطرة الإرهاب على الموارد، وهو ما يفسر الموقف الجزائري من دعم بازوم سياسيًا ودعم قرارات الإيكواس، ورفض التدخل العسكري كحل للقضية”.
ليبيا والجزائر أكثر الدول العربية تأثرًا بما يحدث في النيجر
وفي السياق، قالت أسماء عادل، باحثة بوحدة الدراسات الإفريقية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إننا نجد أن استجابة "إيكواس" للأحداث في النيجر جاءت سريعة، فعندما وقع الانقلاب العسكري في السادس والعشرين من يوليو المنصرم، عملت على عقد قمة طارئة في نيجيريا في الـ30 من يوليو، أي بعد 4 أيام من حدوث الانقلاب العسكري، واتسم تعامل "إيكواس" بالحزم تجاه أحداث النيجر لمعاقبة النخبة العسكرية التي قادت الانقلاب العسكري. وقد تمخض عن هذه القمة الطارئة فرض سلسلة عقوبات على قادة الانقلاب في النيجر، كما تم حظر سفر وتجميد أصول القادة العسكريين الضالعين في محاولة الانقلاب بالنيجر، كما تم منح قادة الانقلاب مهلة لمدة أسبوع لتسليم السلطة، مع عدم استبعاد استخدام القوة. والجدير بالملاحظة أن "إيكواس" قد اعتمدت مجموعة من الخيارات السلمية للضغط على المجلس العسكري في النيجر لإعادة المسار الدستوري، بحيث يكون استخدام القوة هو الخيار الأخير، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي: النهج الدبلوماسي، فقد أرسلت "إيكواس" في بداية الأزمة وفدًا برئاسة رئيس نيجيريا السابق عبدالسلام أبوبكر نيامي لفتح قنوات اتصال مع القادة العسكريين في النيجر للخروج من الأزمة بالسبل السلمية، ولم يتمكن هذا الوفد من التواصل بشكل مباشر مع رئيس المجلس الوطني عبدالرحمن تياني ولا مع الرئيس المخلوع محمد بازوم، ويبدو أن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها "إيكواس" لم تؤتِ بثمارها ولم تُجبر القادة العسكريين في النيجر على التراجع عن موقفهم.
تابعت أسماء عادل في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، الأمر الثاني هو سلاح العقوبات الاقتصادية، إذ فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سلسلة من العقوبات الاقتصادية بهدف استعادة الحكم الدستوري للبلاد، حيث تم تجميد أصول جمهورية النيجر في البنوك المركزية للدول الأعضاء بها، كما تم إيقاف جميع المعاملات التجارية والمالية بين النيجر وجميع الدول الأعضاء في المجموعة، كما أغلقت الحدود المشتركة معها. وفي ضوء الإجراءات الاقتصادية العقابية، نجد أن هناك ارتفاعًا في أسعار السلع الغذائية الأساسية، حيث وفقًا لوكالة رويترز، ارتفع سعر الأرز بأكثر من 30%، كما زاد سعر زيت الطبخ بقرابة 50%. كما بدأت بعض الأحياء في الإبلاغ عن انقطاع التيار الكهربائي، حيث قامت نيجيريا بإيقاف إمداد النيجر بالتيار الكهربائي، وذلك تطبيقًا للعقوبات التي أعلنتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، والجدير بالذكر أن النيجر تعتمد في استهلاك الكهرباء على نيجيريا بنسبة 70%.
وحول الخيار العسكري، قالت عادل: "حينما نتحدث عن احتمالية التدخل العسكري من جانب 'إيكواس' في أزمة النيجر، نحاول توضيح الأبعاد المتعلقة بالدوافع المحفزة لاستخدام القوة العسكرية، ودول 'إيكواس' المؤيدة لاستخدام القوة، والقوى الدولية المساندة لهذا التدخل، والتداعيات المحتملة جراء استخدام القوة العسكرية". ونجد أن دوافع التدخل العسكري تتلخص في محاولة تحجيم ظاهرة الانقلابات العسكرية المتنامية في دول غرب إفريقيا، والعمل على إنهاء الانقلاب العسكري واستعادة المسار الديمقراطي والإفراج عن الرئيس النيجري محمد بازوم وإعادته للحكم.
وفيما يتعلق بخطة التدخل العسكري المحتملة، قالت عادل إن أبوجا في نيجيريا استضافت اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى لقادة جيوش الدول الأعضاء في المنظمة، لتقييم الأوضاع في النيجر خلال الفترة من الثاني حتى الرابع من أغسطس الجاري. وقد أسفر هذا الاجتماع عن وضع خطة لتدخل عسكري محتمل في النيجر التي شهدت انقلابًا عسكريًا أطاح بالرئيس محمد بازوم، ويهدف التدخل العسكري من جانب "إيكواس" إلى إنهاء الانقلاب العسكري وعودة المسار الدستوري.
جدير بالذكر أن تفاصيل التدخل العسكري المحتمل كشفت عنها إذاعة "آر إف آي" الفرنسية في الثامن من أغسطس الجاري، حيث توصل رؤساء أركان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" لاتفاق يقضي بحشد قوة من 25 ألف عسكري للتدخل المحتمل في النيجر. كما ذُكرت تفاصيل متعلقة بالدول التي من المحتمل أن تشارك في العملية العسكرية، حيث تصر نيجيريا على أن تكون قائدة للعملية ولديها استعداد لتوفير أكثر من نصف القوة التي تنوي التدخل في النيجر، بالإضافة إلى مشاركة السنغال وبنين وساحل العاج.
وأشارت عادل إلى أن هناك فرصًا وتحديات تواجه عملية التدخل العسكري من جانب "إيكواس" في النيجر، والتحديات تتمثل في ضرورة تلقي دعم دولي من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في حال التدخل العسكري، حيث إن هذه البلدان لها مصالح في النيجر وشركاء في الحرب ضد الإرهاب. كذلك، يصب في مصلحة الإدارة الأمريكية والفرنسية تدخل "إيكواس" عسكريًا لاحتواء الأزمة وقطع الطريق على أي محاولة روسية لزيادة نفوذها في النيجر.
وتابعت عادل: "التحديات ولا شك أن تكلفة الخيار العسكري ستكون كبيرة في ضوء المخاوف المتعلقة بتدفق اللاجئين والهجرة غير النظامية للدول المجاورة للنيجر، إلى جانب تزايد احتمالية تصاعد الهجمات الإرهابية التي ستستغل التوترات الراهنة لتعزيز نشاطها في النيجر والدول المجاورة، لاسيما مالي وبوركينا فاسو.
وحول تداعيات الأزمة في النيجر على الدول العربية المجاورة لها، قالت الباحثة نجد: "إن هناك بلدانًا تشترك في الحدود مع النيجر، وربما تتأثر بشكل سلبي من اضطراب الأوضاع داخل النيجر"
وأوضحت عادل أن ليبيا تعتبر من أكثر الدول تأثرًا بالانقلاب في النيجر، فالرئيس محمد بازوم ينحدر من قبيلة أولاد سليمان الليبية، وهو ما يعني أنه من المحتمل انخراط عناصر ليبية للدفاع عن الرئيس النيجيري الذي تمت الإطاحة به. كما أنه إذا تدهورت الأوضاع الأمنية في النيجر، ربما نشهد تدفق المزيد من سكان النيجر والفرار إلى ليبيا، وهو ما يُشكل عبئا على الدولة الليبية. ولذلك، دعا رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى وضع حد للتحركات العسكرية التي تحدث في النيجر والتي من شأنها تقويض أمن واستقرار المنطقة، وتشكل مصدر قلق لجميع البلدان المجاورة والمجتمع الدولي ككل.
وأشارت عادل إلى أن الجزائر قد تتأثر، خاصة أن هناك احتمالية لتزايد تدفق الهجرة غير الشرعية من النيجر إلى الجزائر عبر الحدود المشتركة، وأن التوترات داخل النيجر ستعرقل التعاون الثنائي بين البلدين في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب. كما أنه من المحتمل أن تتأثر عملية نقل غاز نيجيري إلى القارة الأوروبية عبر الجزائر والنيجر في ضوء ضبابية المشهد في النيجر. وأدانت الجزائر الإطاحة برئيس النيجر محمد بازوم، معبرة عن دعمها للاستقرار في هذه المنطقة.