في عيد التجلي.. اللاتينية: الخيمة الوحيدة التي نستظل تحتها جميعًا هي المسيح
تحتفل الكنيسة اللاتينية بعيد التجلي، وقالت الكنيسة عنه إنه تجلّي الربّ كان يسوع وتلاميذه في نواحي قيصرية فيليبس، على حدود لبنان اليوم. فاختار بعضاً من الاثني عشر وهم بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد معهم جبلاً عالياً يُظن انه جبل حرمون. وقد تجلّى الرّب أمامهم أي ظهرَ بمجد لاهوته وحوله موسى وإيليا رمزا الشريعة والأنبياء في العهد القديم، أننا نجهل يوم تجلّي الرّب كما نجهل مكان التجلّي، وربما كان السادس من آب تاريخ تدشين كنيسة النجلّي على طور طابور، وقد عُرف العيد قديماً بعيد "طور طابور"، أمر البابا كاليستوس الثالث سنة 1457 بتعميم هذا العيد على الكنيسة كلها.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: "يا ربّ، حسنٌ لنا أن نبقى ههنا!"، بعد أن تعب من العيش وسط الجمع، وجد بطرس الوحدة على الجبل، حيث كانت نفسه تتغذّى من الربّ يسوع المسيح. لماذا يترك هذا المكان ليذهب إلى المتاعب والمشقّات، خاصّةً أنّه كان يكنّ للربّ حبًّا مقدّسًا، وكان بالتالي يقدّس حياته؟ كان يريد هذا الفرح له، إلى حدّ أنّه أضاف قائلاً: "إن شئتَ، نصبتُ ههنا ثلاث خيم: واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة لإيليّا".
كان بطرس يرغب في وجود ثلاث خيم: لكنّ الجواب الآتي من السماء أظهر أنّه ليس لدينا إلّا خيمة واحدة: كلمة الله هو الرّب يسوع المسيح، كلمة الله في الشريعة، كلمة الله في الأنبياء، في اللحظة الّتي غمرتهم جميعًا الغمامة، وشكّلت بالتالي خيمة واحدة فوقهم، خرج منها صوت، ذاك الّذي كشفه الصوت هو ذاك الّذي تمجّد فيه الشريعة والأنبياء: "هذا هو ابني الحبيب الّذي عنه رضيت، فله اسمعوا"، لأنّكم أصغيتم إليه في الأنبياء، وأصغيتم إليه في الشريعة وأين لم تسمعوه؟ عند هذه الكلمات، سقط التلاميذ على الأرض.
بسقوطهم على الأرض، رمز الرُّسل إلى موتنا، لكن بإنهاضهم عن الأرض، رمز ربّنا إلى القيامة، لكن ما هي فائدة الشريعة بعد القيامة؟ ما هي فائدة النبوءة؟ من حينها، اختفى إيليّا، واختفى موسى، وما بقي لكَ هو الّذي "في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله". بقي لكَ الكلمة لكي يصبح الله كلاًّ في الكلّ.
اِنزلْ، يا بطرس، كنت ترغب في أن ترتاح على الجبل، ها هو الربّ يقول لكَ بنفسه: "اِنزل لتتألّم وتخدم في هذا العالم، لكي تكون محتقَرًا ومصلوبًا في هذا العالم"، نزلت الحياة لكي تموت، نزل الخبز ليتحمّل الجوع، نزلت الدرب لتتعب على الطريق، نزل الينبوع ليتحمّل العطش، وأنتَ ترفض أن تتألّم؟ لا تبحث عن مصلحتك، مارس المحبّة، وأعلن الحقيقة. حينها، ستصل إلى الخلود، ومعه ستجد السلام.