تعرف على واقعة عيد التجلي بين ضفتي الإنجيل في العهد الجديد
تحتفل الكنائس الغربية اليوم بعيد التجلي، وعلى خلفية الاحتفالات أطلق الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية، ومتحدث الكنيسة بمصر، ووكيلها للشؤون العربية، نشرة تعريفية تحت شعار "تجلي المسيح ما بين إنجيل متى وبين سفر لرؤيا"، قال خلالها إنه في الأصحاح الأول من سفر الرؤيا يقول يوحنا: "رَأَيْتُ... شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ"، "وَوَجْهُهُ كَٱلشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا"، "فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي لاَ تَخَفْ".
قول يوحنا أنه رأى "شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ". يشير إلى يسوع المسيح من حيث مجده الإلهي؛ ولأنه لا يمكنه القول أنه رأى الديان الذي لا يُرى، بالنسبة للفكر اليهودي فإن "ابن الإنسان" فهو الله الديان، لهذا عندما سمع اليهود يسوع المسيح يقول عن نفسه إنه ابن الإنسان فهموا أنه يشير إلى نفسه على أنه هو الديان معادلًا نفسه بالله واتهموه بالتجديف.
وقوله عن المسيح "وَوَجْهُهُ كَٱلشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا"، هي رؤيته له في مجد ألوهيته، أي رؤيته للمجد غير المخلوق للثالوث القدوس في الطبيعة البشرية للمسيح الكلمة، ذلك كما سبق في حادثة التجلي على الجبل ليوحنا نفسه هو وبطرس ويعقوب أن رأوا يسوع المسيح في مجد إلوهيته ووجه يضيء كالشمس، بأن "تَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ".
إن نور يسوع المسيح الذي رآه يوحنا والذي رآه في سفر الرؤيا أيضًا هو نور غير مخلوق، ونعمة طبيعية، واستنارة وقوة. وهذا النور غير المخلوق هو مجد طبيعي ساطع لله، الآب والروح في الابن المولود الوحيد الجنس، بكلام آخر إنه مجد الإلوهية الطبيعي. كما أن هذا النور، الذي هو قوة الله غير المخلوقة والذي ينبثق دون أن يتجزأ من الجوهر الإلهي، يظهر من خلال محبة الله للبشر الذين تألهوا بالنعمة مُطَهِّرين أذهانهم (النوس)، كبطرس ويعقوب ويوحنا، وهذه الرؤية للنور غير المخلوق ملازمة لتأله الإنسان بالنعمة وشركته مع الله ومعرفته له.
وقوله عن المسيح "فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ"، بمعنى أنه بعد أن رأى المسيح في مجد ألوهيته سقط على وجهه عند رجليه على الأرض كميت من رهبته، هذا كما حدث في حادثة التجلي مع التلاميذ الثلاثة "سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا".. وقوله "فَوَضَعَ يَدَهُ"، وقول متى في حادثة التجلي عن التلاميذ الثلاثة "فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ"؛ يشير إلى سيادة المسيح وسلطانه.
الصورة في سفر الرؤيا بقول يوحنا "فَوَضَعَ يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي لاَ تَخَفْ"، وفي إنجيل متى بقوله "فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا"؛ تُظهر كأنما المسيح يبث روح الطمأنينة، كما تشير إلى حنان المسيح وإلى وتقويته وطمأننته، ذلك الحنان والتقْوِيَة والطمأنينة التي يهبها لجميع المؤمنين به.