تشريع بريطانى.. ما هو إلغاء قانون "سبب المعقولية" الذى يشعل إسرائيل؟
صوت الكنيست الإسرائيلي أمس الاثنين على مشروع قانون يقضي بإلغاء "سبب المعقولية"، بالقراءتين الثانية والثالثة، والذي أثار تمريره عبر لجنة القانون والدستور في الكنيست غضباً وسط الجمهور الإسرائيلي من المعارضة، إذ يعتبرون أن تمرير القانون وتشريعه بمثابة حجر أساس للقضاء على المحكمة العليا الإسرائيلية.
ما قانون "سبب المعقولية"؟
قانون "سبب المعقولية" هو قانون يتيح للمحكمة الإسرائيلية مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام.
وينص قانون "سبب المعقولية" على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية سواءً فيما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها أو قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب.
وسعى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي لتمرير قانون "إلغاء اختبار المعقولية" الذي من شأنه تهميش دور المحكمة في التدخل بالقرارات الحكومية ولاسيما تعيين الوزراء ونوابهم وغيرها.
أصل التشريع
جاء قانون "سبب المعقولية" من القضاء البريطاني، إذ يعطي القانون صلاحية واسعة للمحاكم من أجل التدخل في التعيينات الحكومية وغيرها من القرارات التي يُعتقد أنها تمس بالحقوق الفردية المحمية.
يذكر أن استخدام القانون البريطاني بدأ من حقبة الانتداب وتطور على مدار السنوات ليصبح من أقوى طرق إبطال صلاحية قرارات حكومية تتعارض مع الصالح العام وخاصة تعيين شخصيات متهمة بأفعال جنائية في السلك العام، حيث تستخدم المحكمة العليا الإسرائيلية قانون "سبب المعقولية"، عندما يسن الكنيست قوانين تتنافى مع أسس الديمقراطية أو تتنافى مع قانون من قوانين الأساس.
كما تستخدمة المحكمة العليا أيضًا، عندما يفسر وزير أو موظف كبير أو حتى موظف صغير القانون بما لا يتلاءم مع المعقولية ومع تفسير المحكمة العليا للقانون، وتستخدمه أيضًا ضد أي رئيس سلطة محلية يفسر القوانين على هواه عندها يقدم المواطن التماسًا بحجة أن هذا التفسير غير معقول.
بحسب المعارضة الإسرائيلية "يريد الكنيست أن تكون المحكمة العليا تابعة، وألّا تفسر القوانين ولا تعطي رأيها بها ولا تعارضها، وصاحب المسؤولية في تشريع القوانين هو الكنيست، والمحكمة العليا تقول إن الكنيست يمكن أن يوصل البلد إلى الدكتاتورية عبر سن القوانين اللاديمقراطية، لذلك لا بدَّ من هيئة مراقبة على الهيئة التشريعية".
وقالت "في حال منعت المحكمة العليا من استخدام اللامعقولية، فإن الكنيست سيسن القوانين اليمينية المتطرفة المعادية للديمقراطية، وسيتخذ إجراءات ضد الموظفين الكبار لا تستطيع المحكمة الاعتراض عليها، والحلول الوسط التي وصلت إليها لجنة القانون والدستور تقول إن مبدأ اللامعقولية يطبق على السلطات المحلية ولا يطبق على الحكومة والوزارات".
ما الحالات التي أبطلها قانون "سبب المعقولية"؟
بحسب تقرير للقناة الـ12 العبرية، هناك العديد من الحالات التي أبطلت فيها المحكمة العليا الإسرائيلية، قرارات الحكومة على أساس قانون "سبب المعقولية"، من أهمها:
عندما عين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رئيس حزب "شاس" الديني"، وزيرًا للداخلية في حكومته الحالية، إلا أن المحكمة العليا ألغت قرار تعيينه على أساس "عدم المعقولية"، بسبب تورطه في قضايا فساد
أرجأت وزارة الداخلية لسنوات طلب بلدية القدس إنشاء ملعب تيدي في المدينة، وعندما طُلب من المحكمة العليا التدخل، قررت أنه ليس من المعقول تجاهل حاجة البلدية للملعب، وتم إنشاؤه.
كما قرر وزير المالية الأسبق أفيغدور ليبرمان، وقف دعم الرعاية النهارية لأطفال الحضانات في منتصف العام الدراسي. وقضت المحكمة العليا بأن الإلغاء الفوري يشكّل ضررًا غير معقول للوالدين، وقررت أن يستمر الدعم حتى نهاية العام.
كما قررت الحكومة حماية المدارس في سديروت وقطاع غزة بشكل جزئي فقط لاعتبارات مالية في ميزانية الدولة. إلا أن محكمة العدل العليا قضت أنه في هذه الحالة من غير المرجح أن تفضل اعتبارات الميزانية على الاعتبارات الأمنية، وقررت أن تكون جميع المدارس محمية.
وفي السابق، استُخدام قانون "اختبار المعقولية" في رفض تعيين وزراء ومسؤولين أمنيين، بينهم مسؤول الشاباك الأسبق "يوسي غينوسار"، الذي رُفض قرار تعيينه مديرًا عامًا لوزارة البناء والإسكان عام 1993، بعد اتهامه بقضية إعدام منفذي عملية الحافلة "300"، إذ ادعى مقدمو الالتماس أن تعيينه "سيزعزع ثقة الجمهور بالسلطة الحاكمة.
كما منعت إسرائيل لارا القاسم، الطالبة الفلسطينية والناشطة المناهضة لإسرائيل، من دخول البلاد. إلا أن محكمة العدل العليا قضت بأن الأذى الذي لحق بها كان غير معقول، ووافقت على دخولها للبلاد
وفي 11 يوليو 2023 مرر الائتلاف الحاكم قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة الأولى في الكنيست ليتحول إلى قانون أساسي للحكومة، بينما تم تقديم صيغة معدلة من القانون في 20 يوليو الجاري، تنص على سحب صلاحية البت في القرارات الحكومية من المحكمة الإسرائيلية وخاصة قرارات رئيس الحكومة والوزراء، مع استثناء هيئات أقل مستوى من الحكومة من مشروع القانون.