أطفال مرض السكرى يعانون من نقص أجهزة القياسات: المتوافر غالٍ.. البديل مضروب.. والأزمة العالمية تهدد المصنعين
نقص أجهزة قياس السكر فى الدم أزمة متجددة يعانى منها مرضى ذلك الداء المؤلم، وطفت تلك المشكلة على السطح مع الاضطرابات التى حدثت فى الأسواق العالمية خلال الفترة الحالية، وأدت إلى توقف الشركات المصنعة لها عن إنتاجها، ما أدى إلى نقصها من السوق المصرية.
هذا النقص فى الأجهزة وفى قطع غيارها وارتفاع أسعارها الكبير اضطر المرضى إلى العودة إلى وسيلة قديمة لقياس السكر، وهى الوخز بالإبر واستخدام شرائط طبية معينة للقياس، وهى الآلية التى يتم اللجوء إليها نحو ١٠ مرات فى اليوم للاطمئنان على معدل السكر. ومثّلت العودة لاستخدام تلك الطريقة معاناة إضافية لمرضى السكر، خاصة الأطفال، لما يرافق ذلك من آلام صعبة يشعر بها الطفل خلال عملية القياس بالوخز أو الشرائط.
فى السطور التالية يتحدث أولياء أمور عدد من الأطفال المرضى، لـ«الدستور»، عن تجاربهم مع تلك الأزمة، فى محاولة لإيجاد حل والتخفيف من معاناة أبنائهم.
محمود حنفى: «السينسور» سعره ارتفع 1000 جنيه فجأة
كشف محمود حنفى، والد طفلة مريضة بالسكرى من النوع الأول، عن أن نجلته عادت من جديد لاستخدام الوخز بالإبر لقرابة ١٠ مرات يوميًا، بشكل اضطرارى؛ بسبب نقص وغلاء سعر أجهزة القياس. وقال: «بنتى كانت بتحتاج قياس السكر فى اليوم الواحد بالشكة والشرايط ما بين ١٠ و١٥ مرة، لكن فى السنوات الأخيرة تم اكتشاف أحد الأجهزة المعنية بقياس السكر دون وخز، ويعتمد عليه الكثيرون، وهى الأجهزة التى نقصت فى الأسواق خلال الفترة الأخيرة». مردفًا: «يتم تغيير السينسور الخاص بالجهاز كل ١٤ يومًا، وكان سعره فى مارس الماضى ١٠٤٠ جنيهًا، لكن مؤخرًا الشركة المصنعة أوقفت بيعه بحجة أنه غير موجود، ولكن تم طرح الجهاز من جديد بسعر ٢١٠٠».
وأكمل: «يعنى أنا عشان عندى طفلة مريضة سكر، محتاج كل ٢٨ يوم ٢ سينسور سعرهما ٤٢٠٠ جنيه، غير باقى المستلزمات الطبية لمرض السكرى.
شيماء رشوان: نقصه دفعنى لشرائه من «بير السلم».. والمنتج ردئ
قالت شيماء رشوان، ولية أمر طفل مصاب بالسكرى منذ ٨ سنوات من النوع الأول، إن نجلها كان يعتمد على الأنسولين ٥ مرات فى اليوم، ويضطر للقياس١٠ مرات من خلال الوخز بسبب الهبوط الذى يحدث له. وأضافت أنها اشترت جهاز قياس السكر دون وخز للتخفيف عن نجلها، لكن اكتشفت أن سعره ارتفع بشكل كبير خلال الفترة الحالية، ووصل إلى ٢١٠٠ جنيه رغم أن سعره الرسمى لا يتجاوز ١٠٤٠ جنيهًا. وتابعت: «مؤخرًا أصبح ناقصًا فى السوق بشكل أكبر، ما دفعنى للبحث عن منافذ أخرى لشرائه والبحث فى مجموعات مرضى السكرى على فيسبوك، وبالفعل اشتريت واحدًا بـ٢٥٠٠ جنيه أى أزيد من سعره نحو ٤٠٠ جنيه». وأشارت إلى أنها استخدمت الجهاز، وحين جاء موعد تغييره أصيب ابنها بالتهابات حادة فى جلده بسبب رداءة المنتج، ولكونه غير مطابق للمواصفات.
وواصلت: «الجهاز مفيد ومريح وبيرحم أولادنا من الشكشكة كل شوية، لكن عيبه إن تكلفته مرتفعة وكمان فيه نقص فيه، وده بيدفعنا للبحث عنه فى أماكن بير سلم، وهذا يسبب ضررًا لأطفالنا».
مطالب بإضافة جهاز القياس ومضخة الأنسولين إلى «التأمين الصحى»
طالب محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة «المستلزمات الطبية» بغرفة القاهرة التجارية، بإضافة جهاز قياس مرض «السكرى» ومضخة الأنسولين إلى منظومة التأمين الصحى، وذلك لجميع الأطفال المصابين بالمرض، ما يسهم فى إنقاذ حياة كثير من هؤلاء المرضى، ويخفف الأعباء الواقعة على عاتق الأسر بسبب غلاء أسعار هذه الأجهزة المهمة.
وقال «عبده» إن الأطفال المصابين بمرض «السكرى» فى حاجة ماسة إلى المتابعة المستمرة، وقياس مستوى السكر فى الدم بصفة دورية، لإمكانية السيطرة على الحالة وتجنب تفاقهما، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأطفال المصابين بـ«السكرى» من النوع الأول يحتاجون قياس نسبته بين ١٠ و١٥ مرة يوميًا.
وأضاف: «فى السنوات الأخيرة تم اكتشاف عدد من أجهزة قياس مستوى السكر دون وخز، لكن جميعها مرتفعة السعر، وهو ما لا يتلاءم مع الظروف المعيشية للأسر المصرية».
ووصف رئيس شعبة «المستلزمات الطبية» بغرفة القاهرة التجارية إضافة جهاز قياس «السكرى» إلى منظومة التأمين الصحى بأنه خطوة فعالة، يمكنها أن تقيهم من الوعكات الصحية الخطيرة التى يمكن أن يتعرضوا لها بسبب هذا المرض. من جانبه، قال الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، إن كثيرًا من الأسر المصرية التى لديها أطفال مصابون بمرض السكرى من النوع الأول، تكبدت عناءً كبيرًا خلال متابعة الحالة الصحية لأبنائهم، بسبب عودتهم لاستخدام أجهزة قياس السكر المعتمدة على الوخز التى لا تُجدى نفعًا مع الكثير من الأطفال. وأضاف: «هناك محاولات للبحث على الطرق الأسهل والأكثر أمنًا على صحة الأطفال، ونعمل على متابعة هؤلاء بشكل دورى وعلى مدار اليوم الواحد، لتوفير البدائل لأن أجهزة القياس مرتفعة الثمن لعدم توافرها بشكل دائم فى مصر». وكشف عن أنه تمت إضافة «مضخة الأنسولين تحت الجلد» وأجهزة قياس مستوى السكرى فى الدم، إلى منظومة التأمين الصحى، استجابة لنداء الأسر المصرية بعد تقديم طلب إحاطة بذلك منذ عدة أشهر خلال هذا العام الجارى.
وتابع: «أجهزة القياس مرتفعة الثمن، ووجودها خارج التأمين الصحى يمثل حملًا كبيرًا على عاتق الأسر، ومريض السكرى يحتاج إلى متابعة مستمرة لمعرفة معدل ارتفاع وانخفاض مستوى السكر فى الدم».
طبيب: يساعد فى السيطرة على المرض وتجنب الوصول إلى «غيبوبة»
أفاد محمد عاطف، إخصائى الباطنة والجهاز الهضمى فى مستشفى السلام التخصصى بالقاهرة، بأن داء «السكرى من النوع الأول» للأطفال هو حالة مرضية يتوقف فيها جسم الطفل عن إنتاج هرمون «الأنسولين»، الذى يحتاج له للبقاء على قيد الحياة، ما يستوجب استبدال «الأنسولين» المفقود بـ«الحقن» أو «مضخة الأنسولين»، إلى جانب المتابعة المستمرة لحالة الطفل لمعرفة نسبة «السكر» فى الدم بشكل دقيق. وقال «عاطف»: «متابعة قراءات السكر بشكل مستمر ومتكرر على مدار اليوم من حيث ارتفاعه أو انخفاضه، تتم من خلال أجهزة متخصصة فى قياس مستوى السكر فى الدم»، مضيفًا: «لو فيه أنسولين والطفل ما أكلش، معدل الأنسولين فى الجسم هينخفض وهيدخل فى غيبوبة، ولو أكل كتير وخد نسبة أنسولين قليلة هيدخل فى غيبوبة سكر مرتفع، ومن هنا تأتى أهمية جهاز قياس السكر فى الدم ومضخة الأنسولين فى السيطرة على هذا الارتفاع والانخفاض».
«تجار سوق سوداء»: متوافر بـ2700 جنيه
بعد استعراض تجارب عدد من أهالى أطفال مرضى السكرى مع نقص جهاز القياس دون وخز، خاضت «الدستور» تجربة شراء الجهاز. وجدنا أكثر من مجموعة على «واتس آب» لسماسرة يستوردون الجهاز من الخليج والدول العربية، ويبيعونه بأسعار أغلى، حال عدم توافره فى الشركات الرسمية.
سألنا أحد المسئولين عن واحدة من هذه المجموعات عن مدى توافره وسعره، فجاء الرد بأنه بـ٢٥٠٠ جنيه، بينما قدره تاجر ثان فى مجموعة أخرى بـ٢٧٠٠ جنيه. وعرض التاجر إمكانية توصيل الجهاز مع سائق فى موقف «عبود» أو «أكتوبر» أو «الحصرى»، على أن يكون التسلم فى اليوم نفسه، لكن بمقابل أعلى، وذلك بسبب نقص الجهاز فى السوق.