بعد واقعة مصيف جمصة.. "الدستور" يحقق فى صيانة الملاهى الشعبية
أصيب 10 أشخاص بجروح بين خطرة ومتوسطة وتحويل 3 للعناية المركزة، وذلك إثر سقوط لعبة داخل ملاهي بمصيف جمصة بمحافظة الدقهلية أثناء تواجدهم بداخلها، وجرى نقل المصابين لمستشفيات جمصة المركزي وبلقاس والأزهر الجامعي بدمياط الجديدة.
بدأ الحادث من خلال سقوط لعبة داخل ملاهي للألعاب الترفيهية ووجود جرحى ومصابين، وهي لعبة "المنخل"، وذلك خلال تشغيلها، ولعدم توافر اشتراطات السلامة والأمان سقطت وبداخلها عدد كبير من الأشخاص، ما تسبب في إصابة 13 شخصًا بإصابات بالغة بين حرجة ومتوسطة.
وعلى الفور صدر قرار بغلق مناطق الألعاب والملاهى بالمدينة، وعدم تشغيلها إلا بعد استخراج الموافقات اللازمة من اللجنة، وكشفت المعاينة الأولية عن أن سقوط لعبة الملاهي بسبب السرعة الزائدة.. ولم يكن ذلك هو الحادث الأول، "الدستور" حقق في أسباب سقوط الملاهي الشعبية وعدم صيانتها.
خبير تنمية محلية: "لا بد من إنشاء ملاهٍ حكومية عليها رقابة"
الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، أوضح أن هناك غيابا لوسائل الأمن الصناعي بالنسبة للمحليات وكذلك التراخيص، مبينًا أن أغلب الملاهي الشعبية غير مرخصة، وتغيب عنها وسائل الأمن الصناعي والرقابة اللازمة.
وأشار لـ"الدستور" إلى أن الأزمة أيضًا في غياب فكرة وجود ملاهٍ حكومية تكون آمنة وفي نفس الوقت بأسعار رمزية تناسب الحالة الاقتصادية للمواطنين، لأن غياب فكرة الملاهي الحكومية تدفع المواطن إلى الوسائل الشعبية غير الآدمية التي تشكل خطورة على حياتهم.
وبين أن الحل في تفعيل دور الأجهزة المحلية: "تلك الأجهزة أصبحت ليس لديها إمكانات للرقابة لأن هناك عجزا في الإدارات الهندسية، وأغلب العاملين بها مؤهلات متوسطة، فلا يوجد ما يغطي فكرة الرقابة بشكل كامل، لأن القوانين موجودة والعقوبات لكن الآلية غير موجودة.
وأضاف: "لا توجد عقوبات رادعة في هذا الشأن، ما يسبب سقوط مزيد من الضحايا، رغم أن هناك زاوية تخص المواطن وهي علمه الكامل بأن تلك الملاهي ملحومة بشكل عشوائي ولا توجد عليها صيانة أو رقابة لأنها موجودة بالشارع".
وتابع: "لا بد من محاسبة شديدة للجهات التي أدت إلى الوصول لتلك الكارثة، بداية من التراخيص وجهة الرقابة والأمن الصناعي، ورصد تلك الأماكن حتى لا نصل إلى الكارثة ثم نتكشف أنها ملاهٍ غير مرخصة، هناك آليات لا بد من تطبيقها منها عمل حصر للملاهي واستغلال الحدائق الموجودة على مستوى مصر، لإنشاء ملاهٍ تحت رقابة الدولة وتدشين جهة تراقب".
يحكم ترخيص الملاهي قانون العمل رقم 12 لعام 2003، المتعلق بالسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، ويتضمن عدة مواد تتعلق بالسلامة في كافة المنشآت، بما في ذلك الأخطار من الآلات والأدوات والأجهزة وأدوات رفع وجر وسائل الانتقال ونقل الحركة.
رواد الملاهي والضحايا يتحدثون لـ"الدستور"
10 جنيهات سعر تذكرة الملاهي في مدينة حلوان، تدفعها بسمة جبر، 28 عامًا، في الفسحة التي تتكرر مرتين في العام خلال العيدين، حيث تصطحب أبناءها إليها من أجل الترفيه عن أنفسهم.
لا تضع بسمة بالًا لمدى أمان تلك الألعاب ولم تفكر في الأمر مطلقًا، تقول: "أي ملاهي تانية هتكون بأسعار غالية مش هنقدر ندفعها، وفي نفس الوقت عايزين نفرح الأولاد وبنخليها على الله".
تضيف: "هنا بندفع 10 جنيه في الساعة الواحدة وممكن يأخدوا ساعة كمان يعني 20 جنيه للخروجة، لكن أقل ملاهي بره فيها صيانة وأمان هتبقى بمبلغ كبير منقدرش عليه عشان كده بنيجي كل عيد هنا".
ويروي محمد عادل، والد الطفل "محمود محمد" ١٦ عامًا، الذي سقط ضحية الإهمال بأحد ملاهي مدينة بنها بمحافظة القليوبية، قائلًا: "لم يكن من المتوقع أن تتحول فرحة ابني بتلك الملاهي إلى بعبع كبير يمنعه من القدوم إليها والترفيه فيها بعد تلك الحادثة المفاجئة".
يوضح أن ابنه قد استقل لعبة الدوارة بمدينة الملاهي، ولا تمر دقائق وإذ ينفصل المقعد الخاص به عن العمود الحامل، ما أدى لسقوطه هو ومن كانوا بجانبه على 3 أشخاص آخرين وعلى وجه السرعة تم نقلهم إلى المستشفى، لتلقي العلاج اللازم.
ويشير الأب إلى أن ابنه محمود أصيب بكدمات في الظهر وبعض الجروح العميقة بجسمه، وكان يتألم حينها أشد الألم، وقد ترك هذا الحادث أثرًا وخوفًا كبيرًا في نفسه: "ابني من وقتها مبقاش يركب الألعاب دي مع الأولاد اللي في سنه وبيكتفي إنه يخرج ياكل ويشرب بس".
الأمر لم يكن مجرد حالة فردية، فقد تعدد ضحايا تلك الألعاب، التي تحولت من ألعاب ترفيهية لألعاب موت وفزع، فيقص إسلام رضا، أحد الضحايا، حادث إصابة أصحابه بإحدى مدن الملاهي في الإسماعيلية عندما كانوا فى نزهة ترفيهية.
يقول: "فقد استقل أصحابي لعبة "السلسلة" وما إن بدأت بالدوران كانوا في قمة الاستمتاع وبعد ارتفاع اللعبة بشكل ملحوظ وسرعة الدوران انقطع جنزير المقعد الخاص بأحد أصحابي، ليختل توازنه ويصطدم بالمقعد الأمامي محاولة منه التشبس به ولكن ينقطع جنزير المقعد الآخير ويسقط هو والراكب الآخر ويرتطما بالأرض".
ويستكمل رضا: "قد أصيب كل منهما بجروح وكدمات عميقة كما أن صاحبي أصيب بنزيف داخلي لقوة الارتطام الشديد بالأرض، وقد جرى نقل كلاهما إلى أقرب مستشفي لإنقاذهم"، مضيفًا أنهم مكثوا بالعناية المركزة مدة لا تقل عن ثلاثة أيام حتي بدأ التعافي".
ويختتم إسلام رضا حديثه، لـ"الدستور" بالتأكد على ضرورة توافر اشتراطات الأمن الصناعي ومراجعة صيانة الألعاب لحماية أرواح البشر، معلقًا: "حياتنا مهددة بالخطر عشان لعبة غير مجهزة وغير أمنة بالمرة".
ينفق المصريون 2.1% من إجمالي أوجه الإنفاق على الثقافة والترفيه، ويحتل الأمر البند الأخير في أولويات الإنفاق، أي نحو 1079 جنيهًا في العام، وذلك بحسب بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، والذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
خبير الأمن الصناعي: "لا بد من وجود لجان الأمن الصناعي بالمحافظات"
مجدي صليب، طبيب بشري ومدير مركز الأمن الصناعي سابقًا، قال إن حوادث الملاهي والأماكن الترفيهية تكون ناجمة عن إهمال وتقصير كبير من قبل القائمين بالعمل، مضيفًا ويمكن حصول مؤسسة أو هيئة على ترخيص يفيد بصلاحية إطلاق العمل به.
ووفقًا له فإن كل مكان عمل يجب أن يكون طبقًا لما نصت عليه المادة رقم ١٢ لعام ٢٠٠٤ الخاصة بالسلامة والصحة المهنية، وهذا يكون طبقًا للمعايير الدولية موضحًا أنه تتم عمليات التفتيش باستمرار لمدى مطابقة مكان العمل لتلك المعايير.
ويستكمل: "يجب التأكد من توافر اشتراطات الأمن الصناعي ومراجعة صيانة الألعاب، وكل محافظ يشكل لجنة من الأمن الصناعي لمراجعة جميع الألعاب والملاهي الموجودة في نطاق المحافظة بالكامل".
وتابع: "كما يتم إغلاق كافة الملاهي المخالفة ومصادرة الألعاب غير الصالحة فورًا حرصًا على حياة الأطفال بالإضافة لمراجعة اشتراطات الأمن الصناعي والتأمين للألعاب داخل النوادي ومراكز الشباب".
واختتم: "جهاز السلامة والصحة المهنية بالقوي العاملة يتضمن طاقم متكامل من أطباء ومهندسين وكيميائيين يحرصون كل الحرص على سلامة المواطنين ولإطلاق المنشأة المطابقة للمعايير الدولية".
وفي مايو الماضي، سقطت لعبة في مدينة ملاهي بالإسكندرية أثناء تشغيلها، أدت إلى إصابة 6 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 15 و27 عامًا، وفي العام 2019 أصيب 4 أطفال بجروح وكدمات متنوعة نتيجة سقوطهم من أعلى عربة ملاهي في البحيرة.