مع احتفال الكاثوليك اليوم.. أبرز المعلومات عن أثناسيوس من جبل آتوس
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في مصر اليوم بذكرى رحيل القديس أثناسيوس من جبل آتوس.
وتزامنًا مع ذكرى أثناسيوس من جبل آتوس، ترصد الدستور أبرز المعلومات عنه.
ولد أثناسيوس في مدينة ترابزوندا بتركيا عام 920.
كانت أسرة أثناسيوس، من أشرف أسَر تلك المدينة وأوسعها ثروةً وأعظمها اسماً. وكانت غنيّة بالفضائل المسيحيّة بقدر ما كانت غنيّة بالأموال والخيرات العالميّة.
تأصّلت في نفس أثناسيوس منذ أيام الصبا تلك الصفات العالية التي امتاز بها طول حياته.
وأكبّ الولد على اقتباس العلوم، فنال منها حظّاً وافراً، ونبغ في الخطابة والبيان. ولمّا كان يطمع بأعلى الرتب، ترك مسقط رأسه وذهب يطلب المزيد من العلوم في مدينة القسطنطينيّة عاصمة المملكة الرومانيّة الشرقيّة.
وهناك أضحى من الشبّان المعدودين بثقافته وغناه ورصانته وتقواه. إلاّ أنّه كان كلّما تقدّم في علوم الدنيا وخبر مباهج الحياة، ازداد فيها زهداً ولشأنها إستصغاراً. وما لبث أن عافت نفسه ضوضاء الدنيا الغرور فترك كل شيء، وذهب يطلب الكمال المسيحي والحكمة الحقيقيّة في مناسك البريّة.
فاجتاز إلى آسيا، وقصد هناك جبلاً عالياً من جبالها يُدعى كيميناس، حيث كان دير كبير للرهبان. فطرق بابه وطلب أن يقبلوه بينهم ويكون أصغرهم وأحقرهم. فلمّا عرف الرئيس من هو القادم الجديد، فرح به وتوسّم فيه أكثر الخير وأسمى الفضائل.
فقبله ودعاه أثناسيوس، وسلّم قيادة نفسه إلى واحد من كبار الرهبان الخبيرين في الأمور الروحيّة، القادرين على قيادة الأنفس الكبيرة في طرق الكمالات الإنجيليّة.
لم يكن أثناسيوس من أولئك الرجال الذين يطمعون في حياة النسك هرباً من متاعب الدنيا وشقائها، ورغبةً في حياة هادئة هانئة يجدون فيها راحة النفس وراحة الجسد.
كان شاباً مقداماً في دنياه، فحمل إلى الدير نشاطاً ورغبةً في الكمال تفوق كل رغائبه في العالم. فجدَّ في طلب الفضائل، وروّض نفسه على الصوم والصلاة والتأمّل وأنواع الإماتات. وكان يعتبر نفسه آخر الكل وأحقر الكل، فصار يخدم الكل، ولا يأنف من تعاطي أصغر الأشغال وأذلِّها، بل يوقن في دواخله أنّه خُلق لها.
وما هي سنون معدودة حتى أضحى من الأئمّة بين رهبان ذلك الدير، يحترمه الكبير والصغير، ويطمع في إرشاداته الشيخ الهرم والراهب الحديث. فخاف على نفسه من الكبرياء، فترك بغتةً ذلك الدير وركب البحر وأقلع قاصداً جبل آثوس.
فقامت في البحر زوبعة كادت تغرّق السفينة بمن فيها. فابتهل أثناسيوس إلى الرب، فسكن البحر ووصلوا بسلام. فلمّا صعد إلى اليابسة سجد لله وقدّم لعزّته الشكر على إنقاذه إيّاه ورفاقه من الموت في المياه، ثم قام وقصد جبل آثوس باليونان وقد أشرق بالمناسك والأديار. فطاف في أنحائه وصعد إلى قممه الموحشة فوجد ناسكاً منفرداً هناك قد سكن كهفاً فتتلمذ له.
وسار أثناسيوس في حياته الجديدة شوطاً بعيداً في الكمال المسيحي حتى أضحى من كبار الرهبان القديسين الكثيري الخبرة في الأمور الروحيّة. فلمّا تمّ له ما أراد رغب في الحياة المنفردة وفي العزلة الكاملة، فترك معلّمه واتّخذ له كهفاً عميقاً، وقام هناك يمارس ما شاءَت نفسه من الصوم الشديد والصلاة العقليّة المتواصلة والإتّحاد الدائم بالله. فكان ملاك ذلك الجبل، وملاك الكنيسة التي إنّما تعتمد على تضرّعات وعبادات النسّاك والرهبان الأنقياء الأطهار لتحسّن القيام بخدمة النفوس وتقديسها وخلاصها.
لكن الله لم يشأ أن يبقى ذلك النور مُخبّأً تحت المكيال بل أراده على منارةٍ عالية ليضيء على كل ما حوله من الأقطار. فأرسل إليه تلاميذ فقبلهم وأخذ يقودهم في طرق الكمال. فكثر عددهم، فبنى لهم ديراً ثم أدياراً ومناسك عديدة، وأقام لهم في وسطها كنيسةً كبيرة على إسم والدة الإله. وأنفق عن سعةٍ في بناء وتزيين تلك الكنيسة، من الدراهم التي أتته من الملك نكفورس فأشرقت تلك الفلوات بالفضائل، وتعطّرت بأصوات التسابيح والنشائد، وكثرت في كنيسة والدة الإله العجائب، وأضحت تلك الكنيسة وذلك الدير مزاراً يأتيه المؤمنون من كل البلاد، طلباً لأنوار النفوس وشفاء الأجسام من أنواع الأسقام.
وقاد بكل عناية وفطنة ودراية قطيع رهبانه في مسالك الفضائل ثم توفى بعطر القداسة عام 100مط نتيجة انهيار قبو الكنيسة بجبل آثوس باليونان.