"الحشاشين".. حكاية أول طائفة إرهابية في التاريخ الإسلامي
"الحشاشين" واحدة من أهم الطوائف في التاريخ الإسلامي، وهي التي حاولت اغتيال صلاح الدين الأيوبي قرب حلب عام 1176، وهي التي أعلن السيناريست عبد الرحيم كمال من فترة عن أن عمله الدرامي المقبل يدور حولها، ولا زال الكثير من الناس يحاولون البحث عن أجوبة لأسئلة تتعلق بهذه الطائفة، وفي هذا التقرير نرصد أهم سماتها وتكوينها.
بداية الحشاشين
بدأت الحركة والتي أسسها بعض المنتمين للمذهب الإسماعيلي في القرون الوسطى، ومؤسسها هو حسن الصباح الذي خرج مطرودا من مصر بعد مروره بالسجن ليرجع إلى إيران ليؤسس ويدعو إلى طائفة الاسماعيلية، كان هدفه الرئيس من نشأة الحشاشين هو تقويض النظام السني القائم في فارس والشام ومصر.
و لم يتورع الحشاشون عن اغتيال علماء ومفكرين وقضاة، عارضوا دعوتهم، كما اغتالوا أيضا من ارتد عن دعوتهم بعد الدخول فيها، وأيضا بعض أصحاب القلاع الذين رفضوا تسليمهم إياها أو بيعها.
المهدي والمهدية
ويذهب الكاتب أحمد أمين عبر كتابه " المهدي والمهدية" إلى أن " سموا بالحشاشين؛ لأنهم كانوا يتعاطون الحشيش، وقد شاع استعمال المكيفات لديهم ولدى الصوفية، كما استعملوا القهوة للتنبيه للعبادة كما يقولون وكان الحشيش يخدم أغراض هؤلاء الإسماعيلية؛ لأنه يخدر أعصابهم ويزيد أحلامهم اللذيذة فيكونون أطوع في تنفيذ الأوامر التي تصدر لهم، وقد حكى الرحالة ماركو بولو — الذى رحل إلى بلادهم بعد مائتي سنة تقريبًا — أنهم كانوا يستعملون الحشيش في القلعة، فإذا خدرواذهبوا إلى بقعة في فناء القلعة، وكانت مملوءة بالغانيات الحسان ليتمتعوا باللذائذ فيها حتى يتمثلوا في ذلك الجنة ونعيمها، فإذا أمروا أمرًا نفذوه، فإن استطاعوا الهرب فيها، إلا الجنة مأواهم".
وتابع "ظلت هذه الفئة تروع البلاد بقتل العظماء، وتصل إلى ذلك بمؤامرات سرية دقيقة وتنظم شئونها في دقة وإحكام، حتى علا شأنها وكثر تخريبها، ولكن كان لهم موقف حميد، وهو محاربتهم الصليبيين وإيقاع الرعب في نفوسهم، وأخيرًا أوقع بهم هولاكو المغولي، فاستولى على قلعة الموت في سنة ١٢٥٦م، ثم جاء بيبرس فقضى عليهم القضاء الأخير سنة ١٢٧٢م، ومنذ ذلك الحين تفرق شملهم في سوريا وفارس وعمان وزنجبار والهند وكفى الله المؤمنين شرهم. ومن الأسف أن تعاليمهم كانت سرية، وقد دمرت كل آثارهم فلم يبق لنا منها ما نستنتج منه تعاليمهم الصحيحة، ولكنهم على كل حال يدينون بالمهدي وبالتشيع وينظمون أنفسهم تنظيمًا شيعيًّا، ويستقون من نبع التعاليم الفاطمية، وقد أطلق الفرنج هذه الكلمة كلمة حشاشين “Assasins” على المغتالين أخذًا من اسم هذه الفئة، ولم يكتف الأمر عند هذا الحد، فإن هذه الثورات التي ذكرنها وأمثالها كشفت للمسيحيين عن ضعف المسلمين، فشجعت على الحروب الصليبية كما كشفت حملة مصر على العثمانيين، فأطمعت الأوروبيين فيهم.
شيخ الحشاشين
وقد كتب المؤرخ الألماني أرنولد و فلوبيك عن شيخ الحشاشين الغامض: "لقد استطاع هذا الشيخ بطرقه السحريّة أن يغري قومه بأن يعبدوه ولا يقتنعوا بإله سواه واغواهم بطريقة غريبة مُستخدما الآمال والوعود بالمسرّات والبهجة الخالدة، حتىّ جعلهم يفضّلون الموت على الحياة، إنّ إيماءة منه كافية، لأن تجعل الكثيرين منهم يقفزون من فوق الأسوار المرتفعة فتدقّ أعناقهم وتتحطّم جماجمهم ويموتون ميتة بائسة، وهو يؤكّد لهم أنّ أسعدهم ما لا هم الذين يسفكون دماء الآخرين ويلقون حتفهم.
شاهد عيان
يشير الكاتب مصطفي نبيل عبر مقال منشور له بمجلة الهلال العدد عام 2002 يقول فيه: ترك لنا الرحالة الإيطالي ماركو بولو وصف شاهد عيان لقلعة الموت قلعة هذه الفرقة ونقطة انطلاقها، والتي مر بها سنة 1273 خلال رحلته إلى الصين والتي تقع اليوم في إيران التي لاتبعد كثيرا عن الحدود الأفغانية يقول "إنهم يطلقون زعيمها شيخ الجبل علاء الدين أحد- خلفاء حسن الصباح - الذي قام بإغلاق وادي بين جبلين وجعله حديقة فيحاء ، أكبر وأجمل حديقة تراها العين، وانبت فيها كل أنواع الفاكهة ، وأقام فيها قصورا من أروع ما ترى العين ، وجميعها مغطاة برسوم فاتنة ومموهة بالذهب، وجعل فيها جداول تفيض بالخمر وأخرى باللبن والعسل، ويقوم على خدمة هذا الفردوس حوريات من أجمل نساء العالم.