تجديد الخطاب الدينى على منبر الدراما: لا مكان للإرهاب فى "جزيرة غمام"
كان السيناريست عبدالرحيم كمال ضيفًا على أحد البرامج حين أتاه صوت الرئيس عبدالفتاح السيسي متحدثًا معه عن تجديد الخطاب الديني والروحي، ومن هنا راح الجميع ينتظر ما يفعله الكاتب الكبير بعد مكالمة رئيس الجمهورية؟
بعد 6 أشهر من المكالمة الشهيرة وفي شهر رمضان ظهرت جزيرة غمام ومعها الشيخ عرفات، وكان واضحًا أن حلقات العمل تدور حول تجديد الخطاب الديني والرّوحي وأنه لا مكان هنا للإرهاب.
◘ جزيرة عرفات
كان عرفات هو الشخصية المسالمة الهادئة المتزنة التي لا تخشى شيئًا، لا يهمه أن يأكل إلا ما يجده ولا يلبس إلا جلبابًا وحيدًا، هكذا يظهر لكنه يجمع الأطفال بحب ليعلمهم أن الحب هو الباقي وأن كل شىء زائل، وأن بالحب وحده يبنى العالم وبالحب وحده يعيش الإنسان، وطالما وجد الحب فلا مكان لـ"خلدون" أو الـ"بطلان" تلك الشخصيات التي أبدع فيها الفنانان طارق لطفي ومحمود البزّاوي.
◘ خلدون وبطلان
مهّد كمال المسلسل للشر بشخصيتين هما خلدون القادم من البحر ويستخدم كل قدراته في محاولة إغواء الخير والحب، وعرفات، واستطاع أن يشد إليه الـ"بطلان" ليحاولا أن يقضيا على الحب في المدينة، ويسود عالم من الشر بانقضاء الخير، لكن عرفات المؤيّد بمحبة الله والناس استطاع الصمود ولم ينسق إلى محاولات الإغواء، وعاش تحاوطه محبة الناس.
◘ درة التاج بين عرفات وخلدون
لا يمكن لأحد أن ينسى ذلك المشهد العبقري الذي صاغه عبدالرحيم كمال بروعة وإتقان لا مثيل لهما، مشهد درة "ميار الغيطي" يتنازعها خلدون "طارق لطفي" بأعماله السفلية وعرفات "أحمد أمين" الولي المحب لله والناس والذي يؤمن بأن الحب قادر على الاتيان بالمعجزات.
تقف درة وتمشي مسلوبة الإرادة في القرية على خطى وصوت خلدون وهو يأمرها أن تأتيه، لكن عرفات يراها في الطريق فيدخل إلى أعماقها ويريها الطريق الحقيقي، ويظل صوتاهما في جوفها يأمرانها إلى أن تنتهي للحب، تنتهي لعرفات ويفشل خلدون، ومَن هو خلدون في رؤية عبدالرحيم كمال إلا الشر والإرهاب؟، ومَن هو عرفات إلا الحب والخير والجمال، ومَن هي درة إلا مصر، هكذا صدّر عبدالرحيم كمال من خلال مسلسله أقوى رد ممكن على إرهاب الجماعات ومحاولتهم جرّ مصر إلى خرابها بقلوب مملوءة بالحقد والتشفي، لكن عرفات ومصر المليئة بالكثير من عرفات لا يمكن أن ينجح عدو في جرّها إلى طريق التطرف أو الإرهاب الأسود.
◘ رسالة مكتملة: لا مكان للإرهاب
للدراما فعل السحر في قلوب الناس، ولعرفات تأثير كبير ولـ"محارب" الذي أجاد في تقمصه (فتحي عبدالوهاب) أيضًا وجود محارب هو إمام المسجد المتطرف، وفي المناظرة الشهيرة التي جرت بينهما حدثه عرفات عن الحب وأنه باق وقادر، وأن الحب ظل ممدود ومبسوط من كف الرحمن على الأرض، وحين قام عرفات بجمع الأطفال من حوله فلأن الأطفال أنقياء لم تلوث أبدانهم فكانت البداية منهم وإليهم، ليكبروا في عصر ملىء بالمحبة شعاره قلوب وليس فوهة مسدس، بعيدًا عن التطرف والإرهاب، وأمام ناظريهم جميعًا قلب كبير يجمع كل تلك القلوب الصغيرة على محبته، قلب مصر.