أنور مغيث: فرنسا تعتبر مهندسة الأدب على مستوى العالم
قال الدكتور أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة السابق، خلال ندوة “الأدب الفرنسي بين الواقعية والرواية المصورية”، والتي عقدت بمكتبة البلد: عندما نبدأ بالتأريخ، لتاريخ الرواية نبدأ بـ روبنسون كروزو وهي رواية بريطانية، أو بـ “دون كيشوت” وهي رواية إسبانية.
وأضاف “مغيث”: إلا أنه ليس هناك رواية فرنسية يمكن التأريخ بها كونها أول رواية فرنسية، ورغم ذلك وفي بدايات القرن الثامن عشر، الأدب الفرنسي مع ألكسندر دوماس الأب والابن، في روايات الكونت دي مونت كريستو وغادة الكاميليا، كانت تقريبا المسيطرة علي الساحة. وتعتبر فرنسا هي مهندسة الأدب علي مستوي العالم، حتي أن الأدباء الغير فرنسيين لا يحصلون على التكريس إلا من خلال فرنسا، سواء تولستوي أو تشيكوف والكتاب الروس العظام أو وليم فوكنر وكبار الروائيين الأمريكيين وكذلك الألمان مثل جوته، هنا نجد أن فرنسا هي تقريبا التي تعطي صورة للأدب السائد علي مستوي العالم. ولديها آليات في هذا من خلال الجوائز ومدارس النقد المهمة والترجمات الكثيرة إلي الفرنسية من اللغات الأخرى.
ولفت “مغيث” إلى أنه وفي رواية آلان روب جرييه والتي تعد تأسيسا للرواية الجديدة عندما طبعت لم توزع إلا 300 نسخة لكن النقد الأدبي هو الذي ساعد في ذيوع شهرتها. إذن فرنسا كرست للرواية وهو ما ينسحب على الرواية المصورة. فنجد مثلا أن رواية «الآباء» للكاتب الصربي جورج د.سيبينوفيتش، والدته من صربيا ووالده مسلم، وعاش فترة تفكيك يوغوسلافيا، وروايته تحكي هذه المحنة، فقد وجد الكاتب نفسه بلا أب ولا أم بعد موتهما في الحرب، فيودع أحد الملاجئ ويجد نفسه بين بنت وولد لكنهم تقابلوا في نفس الظروف ولم يكن عمرهم قد بلغ الأسبوع فاعتبروا أنفسهم أخوة. وقد عرف هذا الكاتب وروايته من خلال الترجمات الفرنسية له. فذهب إلي فرنسا وبدأ يكتب باللغة الفرنسية، ولم يكتف بكونه كاتبا بل يقيم أيضا المعارض الفنية لرسومات قصصه ورواياته المصورة، في اليابان ونيويورك.
وتابع “مغيث” مضيفا: كذلك الفرنسيين هم من استطاعوا أن يجعلوا من الكوميكس أو الروايات المصورة عمره طويل. فمثلا كلنا نتذكر مجلات طفولتنا مثل سمير والسندباد وغيرها، لكننا في مرحلة سنية معينة نري أنه يجب أن نتجه لقراءة الكتب وأن المجلات المصورة هي للأطفال والصبية فقط، إلا أن الأمر يختلف في فرنسا، فالكتب والروايات المصورة لا تقتصر علي مرحلة عمرية دون الأخري، ولا تقتصر علي الأطفال، إنما يقرأها الجميع.
وشدد “مغيث” علي: تغيرت نظرتي إلي روايات الكوميكس أو الروايات المصورة بعد ذهابي إلي فرنسا، حيث عثرت علي رواية مصورة تلخص رواية مرسيل بروست “البحث عن الزمن المفقود” في مجلدين وقد قرأتها في ساعتين، وإن كان هذا لا يغني عن قراءة النص الأصلي للرواية، لكن تلخيص الكوميكس هذا أعطاني فكرة عن هذه الرواية . أيضا هناك رواية مصورة أخري نالت إعجابي، ألا وهي رواية “شحاذون ونبلاء” للكاتب ألبير قصيري، ومصورة كوميكس، وفيها صور لحي بولاق الدكرور وبولاق أبو العلا والسينمات الموجودة بها، وباعة الخبز الذين يحملونه على رؤوسهم وهو يركبون العجلات، ومصور حياة القاهرة بشكل ساحر آخاد، وهذه الرواية من أكثر الروايات مبيعا في فرنسا.