كرتونة بيض عشان أشرف
"كرتونة بيض عشان أشرف"، الجملة دي وردت في فيلم "غريب في بيتي"، وبـ أعتبرها من أعظم الجمل الحوارية اللي اتعملت في السينما المصرية.
خليني الأول أكلمك عن مفهومي لـ الحوار، ومعايير جودته بـ النسبة لي. شخصيا، مش بـ أتأثر بـ الجمل المنورةاللي هي ينفع تتاخد كوتيشن، اللي بـ يبقى فيها حكمة أو سجع أو إيفيه أو ما شابه ذلك من أمور، على غرار "محدش بـ ينجرح أوي غير لما يحب أوي"، وحتى لو ما كانتش بـ هذه السذاجة، مش فارقة.
لما بـ أقول لا أتأثر بيها، مش قصدي إني ضدها أو تقييمي ليها سلبي بـ أي شكل من الأشكال، إنما أقصد إنها في حد ذاتها لا تعني شيء، هي أداة زيها زي عشرات الأدوات في إيد كاتب الحوار، يستخدمها لما يحس إنها هـ تخدم شغله، أو ما يستخدمهاش ويستغني عنها خالص، أو يستخدمها بـ اقتصاد، المهم في النهاية الناتج إيه؟
الناتج هو إننا أمام عمل درامي، يعني بـ اختصار شديد "شخصيات في مواقف"، هو طبعا شيء مخل إنك تحتزل الموضوع في كدا، لكن دا الشاسيه العريض لـ الدراما "شخصيات في مواقف"، فـ أنا منتظر طول الوقت إني أبقى مقتنع بـ إن الشخصية دي في الموقف دا تعمل هذا التصرف أو تقول هذا الكلام.
طبعا الحكاية مش بـ الورقة والقلم والمسطرة والمسطرين، وكل كاتب ممكن يخلق العوالم اللي هو عايزها بـ الجو والطعم اللي هو عايزه، والاستقبال من المتلقي برضه ذاتي وحسب ذائقته، فـ مفيش معايير نهائية، لكن الواحد بـ يفكر في محددات يعرف ينطلق منها ويتمركز حواليها.
المهم، فـ أنا عندي عفاف عبد الواحد أرملة تعمل ممرضة بسيطة، جوزها مات وساب لها طفل صغير، بـ تسعى لـ تربيته وتوفير سبل الحياة له، ورعايته وإلخ إلخ، لكنها في النهاية امرأة، تشعر بالرغبة في وجود شريك حياة، بـ كل مفردات هذه الحياة، خصوصا إنها لسه شابة في عزها، والحياة لسه قدامها وإلخ إلخ إلخ.
إيه أهم صفة تتنماها عفاف في ذلك الرجل المنتظر؟ فتى أحلامها الحالي يعني؟ أكيد حاجات كتير، الإنسان لما بـ يحلم بـ يطلب كل حاجة، وبـ يطلبها بيرفكت، لكن أهم حاجة من الكتير دول هو إنه يهتم بـ أشرف ابنها ويرعاه ويهتم بيه زي ابنه بـ الظبط، أهم من فلوسه أو وسامته أو صحته أو ذكاؤه أو حنانه أو طيبة قلبه أو حتى شنبه.
لما عفاف قابلت شحاتة أبو كف، وزي ما شفنا الفيلم، الأول العلاقة كانت سيئة نتيجة سوء التفاهم، ثم نتيجة وقوعهم سوا ضحية النصاب اللي باع لـ كل واحد فيهم الشقة، ثم إنهم بدؤوا يقربوا لـ بعض، لـ حد ما بقت فيه قصة حب، وبقوا ما ينفعش ينفصلوا لـ درجة إنه ضحى بـ عرض مغري هـ يبعده عنها.
أهو الموضوع كله في "بدؤوا" دي، بدؤوا يقربوا لـ بعض دي تعملها، إيه نقطة الانطلاق؟
لو أي كاتب سيناريو وحوار غير الأستاذ وحيد، غالبا كان فكر في أي موقف يولد سنتمتالية، وحاجات من اللي تقشعر لها الأبدان (أو هكذا يفترض) أو حاجات ملحمية تنتهي بينا برضه لـ ديالوج تعبر فيه الأرملة عن مشاعرها وأحلامها تجاه الرجل اللي هـ تدخله حياتها، وإزاي إن كل أملها في الدنيا إنه الراجل دا يرعى ابنها ويووووه حاجات كتير ممكن تتقال.
إنما تصدق بـ الله، مهما كانت حلاوة الموقف دا مش هـ يكون زي الموقف اللي عمله الأستاذ وحيد وهو وقوفهم في الجمعية التعاونية، وشحاتة أبو كف بـ يتولى إنه يجيب لها خزين البيت، فـ هي تمليه الطلبات وتقول له: "وكرتونة بيض لـ أشرف"
تأمل الجملة البسيطة دي، هي الجملة المفروض "وكرتونة بيض" بس، هي بـ تقول له طلباتها، لكن إضافة "عشان أشرف" هنا لخصت كوووول اللي ممكن يتقال في حوارات طويلة وجمل منورة وفيها سجع، إذا إنه منذ هذه اللحظة تحولت العلاقة وبقى شحاتة مسئول عن أشرف، وهي دي النقطة المحورية اللي هـ تتبني عليها قصة الحب. ونحن نحمد الله حمدا كثيرا إنه هذه الجملة العظيمة أدتها سعاد حسني، لـ إن أداء سعاد في الفيلم دا عموما، عايز كلام كتير، بس مش دلوقتي.