"الاقتصاد الأخضر".. الطريق الأمثل للحد من تغييرات المناخ
بات الاقتصاد الأخضر هو الحل الأمثل لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية التي تشكل تحديًا يؤرق مختلف دول العالم الذي بدأ يبحث عن حلول لقضايا المناخ، وذلك بسبب ارتفاع نسب الانبعاثات الضارة وزيادة درجات الحرارة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع أضرار جسيمة تعاني منها كل الدول والمجتمعات وعلى رأسها القطاعات التنموية والاقتصادية.
وإيمانًا بتوحيد جهود الدول حول قضايا التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، أطلقت مصر استراتيجية ومبادرة "الاقتصاد الأخضر" ضمن المشروع الوطني لمواجهة التغيرات المناخية 2050، لتعد تلك هي البداية ونقطة الانطلاق نحو التحول إلى الأخضر في مختلف القطاعات والمؤسسات بالدولة.
وفي السطور التالية تستعرض "الدستور" أهمية التحول للأخضر ومشروعات المبادرة الوطنية للاقتصاد الأخضر التي تبنتها مصر، فضلًا عن طرق التكيف ومواجهة التغيرات المناخية، وذلك من خلال التواصل مع أساتذة وخبراء متخصصين لوضع حلول التكيف مع التغيرات المناخية.
مجدي علام: استخدام الطاقات النظيفة كالهيدروجين الأخضر
مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، قال إن أساتذة الاقتصاد فندوا أنواع الاقتصاد بالألوان حسب درجات التلوث، فالاقتصاد الأسود هو الاقتصاد الأكثر ضررًا على البيئة لأنه يعتمد على الفحم والوقود وهما أكثر المواد التي تلوث البيئة، أما الاقتصاد الأخضر فهو الاقتصاد الأقل ضررًا على البيئة، ويكاد يكون ليس به أي أضرار على البيئة والإنسان.
وأوضح علام، أنه مع تفاقم أزمة التغيرات المناخية وأثرها السلبي على العالم أجمع، أصبح من الضروري التحول إلى كل ما هو أخضر؛ لأن التغير المناخي يهدد الإنسان والبيئة، كما يهدد المحاصيل الزراعية وإنتاجية الأراضي الزراعية.
وأضاف علام، أن المشروعات الخضراء هي المشروعات التي بدأت تتوسع فيها مصر مؤخرًا وتتجه إليها منها الهيدروجين الأخضر وغيرها من المشروعات التي لا تستخدم المواد التي تضر بالبيئة، كما أن إشراك المواطنين في التحول إلى المشروعات الخضراء الصغيرة والمتوسطة، تسهم في التخفيف من حدة التغيرات المناخية على البيئة، وذلك من خلال العمل على زيادة الزراعات الخضراء حول المدن والتي بدورها تعمل على امتصاص الغازات والانبعاثات الضارة وزيادة الأكسجين في الجو.
علاء الناظر: المشروعات الخضراء ليست حديثة.. وأبرزها السد العالي
يقول الدكتور علاء الناظر، أستاذ الإدارة العامة والمحلية، إن العالم يتجه حاليًا للاعتماد على الطاقة النظيفة وهي الطاقة الخضراء، ويرجع ذلك إلى التلوث البيئي الذي أصاب العالم كله بتغير المناخ والكوارث الطبيعية وغضب الطبيعة، لذلك يعتبر الاتجاه إلى الطاقة الخضراء هو الحل وطوق النجاة لمحاولة الحفاظ على البيئة، فهي أكثر محافظة على البيئة وتعمل على الحد من التلوث بدرجة كبيرة وتساعد على البُعد عن استخدام الطاقة التقليدية أو الوقود الأحفوري مثل الفحم الذي يُعد أكبر مساهم في تغير المناخ والتغيرات والتحولات المناخية من فيضانات واحتراق الغابات وارتفاع درجات الحرارة بدرجات غير مسبوقة الذي أدى إلى الاحتباس الحراري.
وعن مشروعات الطاقة الخضراء أو الطاقة المتجددة يوضح الناظر أنها تتميز بأنها تتجدد بصفة مستمرة ولا تنضب أبدًا ولا تنتهي مثل توليد الطاقة من الرياح وأشعة الشمس وحركة المياه، بالإضافة إلى أن الطاقة المتجددة رخيصة في مصادرها لأنها لا تحتاج إلى تكاليف كبيرة للصيانة وهي صديقة للبيئة على عكس الوقود الأحفوري أو التقليدي الذي يضم نسبًا مرتفعة من عنصر الكربون الذي أصبح أحد أهم ملوثات الهواء.
ويشير أستاذ الإدارة العامة والمحلية أنه من أنواع الطاقة الخضراء الطاقة المتولدة من الرياح وهي عبارة عن مراوح عملاقة تحركها تيارات الهواء لتتحول إلى طاقة كهربائية، والطاقة الشمسية التي تُستمد من الشمس، ويتم تثبيت الألواح الشمسية التي تمتص الحرارة وتحويلها لطاقة كهربائية قابلة للاستهلاك والتخزين.
حسين أبو صدام: التوسع في الصوب الزراعية أبرز هذه المشروعات
حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، قال إن التغيرات المناخية والتباين الذي يحدث في درجات الحرارة سواء بالارتفاع أو الانخفاض المفاجئ فإنه يؤثر حتمًا على الأراضي الزراعية والمحاصيل الزراعية ومدى جودة أنواعها.
وفي ظل أزمات المناخ المتكررة أوضح أبو صدام، أنها أصبحت أزمة تهدد مختلف الدول حول العالم وليس في مصر فقط، لذا فلنبدأ في وضع حلول من أجل التكيف مع التغيرات المناخية وما تفرضه من تداعيات تؤثر على نواحي الحياة بالسلب، لاسيما النبات والمحاصيل الزراعية وتأثره بالتغير في درجات الحرارة المفاجئة، نظرًا لأن هناك زراعات ومحاصيل محددة لكل موسم، فإن التغير في معدلات درجات الحرارة يؤثر على أنواع محاصيل المواسم ومحددات المواسم الزراعية
وأضاف أبو صدام، أن مشروعات الاقتصاد الأخضر في قطاع الإنتاج الزراعي لها أهمية خاصة لذا تولي الدولة أولوية كبيرة في هذا الملف تحديدًا، من خلال التوسع في إنشاء الصوب الزراعية والتي تمثل أحد أنواع الاقتصاد الأخضر والأزرق معًا، مؤكدًا أنها تحمل أهمية استراتيجية قومية لأنها ترتبط بالمحاصيل والأمن الغذائي.
أحمد العجمي: زيادة الناتج المحلي وتعزيز فرص النمو الاقتصادي
الدكتور أحمد العجمي، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بجامعة الإسكندرية، قال إن الاقتصاد الأخضر الذي تكثف مصر جهودها في التوسع بمشروعاته هو يعني أن المصنعين وأصحاب المشروعات عليهم الأخذ في الاعتبار في أنواع الطاقة المستخدمة والاتجاه إلى الطاقات النظيفة والخضراء في مشروعاتهم للحد من التلوث البيئي.
يوضح العجمي أن المشروعات الخضراء الذكية تتطلب التنسيق بين مختلف القطاعات سواء الصناعية والإنتاجية والبيئية والاقتصادية، وذلك على النحو الذي يحمل زيادة في إجمالي الناتج المحلي ويعزز من فرص نمو الاقتصاد القومي، تماشيًا مع الحد من الآثار السلبية على البيئة وزيادة المشروغات النظيفة.
يضيف أستاذ الاقتصاد، أن المشروعات الخضراء تحد من التلوث البيئي الذي يعرقل عجلة التنمية ويجهد القطاعات الأخرى كالصحة والزراعة وغيرهم، وذلك من خلال الآثار السلبية على التغيرات المناخية التي تؤثر أيضًا على المياه العذبة وارتفاع نسب الملوحة في المياهن وبالتالي فإن هذا يؤثر على جودة المحاصيل الزراعية، مضيفًا أنه من ناحية أخرى فإن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة تؤدي إلى فقد كميات ضخمة من المياه على سطح الأرض ما يجعل حياة الإنسان في خطر وأيضًا خطر فقد المحاصيل الزراعية وفسادها، وذلك في العالم أجمع وليس في مصر فقط.
ونوه أستاذ الاقتصاد والمالية العامة، بأن النمو الأخضر يجب أن يحمل مزيد من التنسيق بين السياسات الوطنية الاقتصادية وبين أصحاب المشروعات والاستثمار، للعمل على دمج خطة العمل الوطنية تجاه النمو الأخضر، فضلًا عن استخدام مزيد من الابتكارات والتكنولوجيا المتطورة في هذا الشأن.